لم تستطع وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك طوال الفترة الماضية كبح جماح ارتفاع الأسعار في الأسواق الذي طال مختلف أنواع السلع والمواد الغذائية الأساسية الأمر الذي خلق فوضى وتسيبا في الأسواق رافقها غياب الرقابة التموينية بشكل واضح.
الوزارة وبعد إقرارها بعجزها عن السيطرة على الأسواق بحجة أن أدوات التدخل سحبت منها منذ سنوات ولا تستطيع الرقابة وفرض سلطتها إلا على 15٪ من السلع المدرجة في لائحة تقييد الأسعار في حين يبقى 85٪ من المواد والسلع المحررة خارج الرقابة لجأت لعدة إجراءات لن تحقق حتى اللحظة أهدافها في إعادة التوازن للأسواق خاصة بالنسبة للمواد التي تشكل السلة الغذائية الأساسية للمستهلكين وتشكل صدور نشرة الأسعار التأشيرية التي دأبت الوزارة على إصدارها منذ ما يزيد عن خمسة أشهر فرصة لمزيد في كيل الانتقاد والاتهام للوزارة على إجراءات لم تستطع ضبط الأسعار ولو بالحد الأدنى ويرى هؤلاء أن النشرة بقيت بعيدة كل البعد عن الأسعار المحلقة في الأسواق ولم يعرف بها التجار والمواطنون على حد سواء.
آخر توجهات وزارة التجارة وحماية المستهلك والتي تم طرحه عبر وسائل الإعلام هو إعداد مشروع قانون لزيادة الغرامات المفروضة على التجار والباعة المخالفين لأن الغرامات السابقة قليلة ولا تتناسب مع مستوى المخالفات المرتكبة.
وتطمح الوزارة من خلال مشروع قانونها الجديد الذي تنوي طرحه للنقاش مع مختلف الجهات المعنية وممثلي القطاع الخاص والفعاليات الاقتصادية للحد من المخالفات والممارسات الخاطئة بالأسواق وردع كل من تسول له نفسه التلاعب بقوت المستهلك.
ونفى معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك المهندس عماد الأصيل في تصريح «للثورة» نية الوزارة مصادرة المحل المخالف واستثماره من قبل الدولة كما روجت وسائل الإعلام مؤكداً أن هذا الكلام غير وارد أبداً ولكن الوزارة ارتأت أن الغرامات المالية المفروضة لن تعد تؤدي الغاية لذلك نعمل على زيادتها من خلال مشروع القانون الجديد.
وحول الإجراءات المتخذة في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك من بداية الأزمة وحتى الآن لضبط الأسواق لاسيما لجهة التدخل الإيجابي في الأسواق وإعادة التوازن لمجموعة من السلع والمواد الغذائية الأساسية ومشروع قانون زيادة الغرامات المالية على المخالفين بين الخبير الاقتصادي شادي أحمد في تصريح «للثورة» أن السوق يعاني حالياً من تشوه بالعرض والطلب والأسعار وأسبابه ليست وليدة الأزمة ولكن دون شك فإن الأزمة فاقمت هذا الواقع مرجعاً ذلك لعدة عوامل بعضها مبرر والآخر غير مبرر وهي ان بعض التجار اضطروا لرفع اسعاره نتيجة شرائهم للقطع الاجنبي اللازم للتمويل مستورداته في السوق السوداء التي تزيد على السعر المحدد في المصرف المركزي مما دفعه لتحميل فرق سعر الدولار وعمولة التمويل والفرق المتوقع القادم للدولار على البضاعة .
وعمن يتحمل مسؤولية اعادة التوازن للأسواق وضبط ارتفاع الاسعار اكد احمد ان الدولة تتحمل الجانب الاكبر من مسؤولية تنظيم السوق وعملية التنظيم هذه يجب ان تراعى فيها مصالح المواطن بتأمين سلع جيدة وبأسعار مقبولة لأن مصالح التجار بتحقيق ارباح مقبولة وتسهيلات مضمونة لاستمرار عملهم.
وحول آليات التدخل الايجابي المتبعة من الحكومة لتحقيق التوازن بالأسواق بين احمد ان فكرة التدخل تقوم على اساس المحافظة على توازن السوق وعدم حصول اختلال بسعر اي مادة لكن هذا التدخل يتم عبر عدة اجراءآت منها ادارية كإصدار قوائم سوداء و بيضاء للتجار وهذا تم الحديث عنه كثيرا الا انه لم يتحقق حتى الان اضافة للقيام بدوريات تموينية وقرارات اخرى تتعلق بالتجارة الخارجية والاتفاقيات والتعاون الثنائي و يوجد اجراءات اقتصادية اواذا لم تحقق الاجراءات الادارية الغاية المرجوة منها تلجأ الدولة لها حيث تتدخل لتاجر كبير بالسوق لا يهدف للربح ولكن بالمقابل يجب ان لا يخسر ايضا وقد يتم ذلك خلال الفترات الماضية عبر مؤسسات التدخل الايجابي التي واجهت ولا تزال صعوبات للوصول لهذا التدخل المنشود.
اذا والكلام لأحمد فان جهود الحكومة لتنفيذ هذه الاجراءات في ظل الظروف التي نعيشها بقيت قاصرة لا سيما ادوات التدخل وعن ابرز هذه الادوات فتشمل توفير قاعدة بيانات واسعة وشاملة لمختلف انواع السلع والبضائع والمستلزمات التي يحتاجها الاقتصاد الوطني والمواطن ومعرفة افضل سعر لها ومصادر توريدها لتشكل بالمحصلة سلة الغذاء السورية بالنسبة للأسرة وهذه القاعدة ايضا غير متوفرة لدينا حتى الآن وعلينا ايجاد مستويات للأسعار والتخلص من آلية التسعير القديمة ويتم ذلك من خلال ايجاد تصنيف لشرائح الدخل في سورية كي توفر الدعم لمستحقيه لأنه خلال السنوات السابقة فإن مليارات الدعم التي تقدم في الدولة لمواد وسلع اساسية تذهب لكل مستويات الدخل وهذا دعم غير عادل.
وطالب احمد بتوسيع قاعدة الصناعات بحيث يتم دعم واعفاء ومساعدة الشراكات بين القطاعين العام والخاص والاستثمار الامثل للموارد المتاحة مضيفا ان زيادة الموارد تسمح للدولة التدخل الايجابي في السوق بشكله الحقيقي.
وحول مشروع قانون زيادة الغرامات المالية على المخالفين اكد احمد ان مبدأ العقاب ضروري ولكن يجب ان يدرس بشكل جيد وعندما نضع عقوبة تكون مدروسة ورادعة وليس فقط لمجرد مخالفة التاجر وبالمقابل علينا ان نطبق مبدأ الثواب ايضا لكل تاجر يستطيع ان يقدم للوطن خلال هذه المرحلة ما يدعم صمود اقتصاده ويحافظ على استمرار السلع في الاسواق وبأسعار جيدة.
اذا فإن الغرامات المالية ضروري شرط ان تطبق وفق اسس ومعايير تجارية وهذا يتحقق من خلال احداث مرصد للأسعار في سورية يحسب بدقة بنود التكلفة وهامش الارباح المقبولة واي مخالفة تخضع لعقوبة مادية تناسبها.