أعدت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية دراسة حول آفاق التعاون مع دول أمريكا اللاتينية وخاصة كتلة (الميركوسور) وكيفية الاستفادة من المزايا النسبية المتوافرة بين الجانبين وذلك انطلاقاً من فكرة أن التكتلات الاقتصادية إحدى الأدوات التنموية التي تعتمد بين مجموعة من الدول التي في اتفاقات خاصة فيما بينها بقصد تنسيق السياسات الاقتصادية في جوانبها المختلفة وإلغاء الحواجز الجمركية وغير الجمركية بغية تحقيق معدلات نمو سريعة في اقتصاداتها وزيادة التعاون، ومواجهة مختلف التحولات والتطورات التي تحدث في الاقتصاد العالمي، والدخول في العديد من التجمعات الاقليمية الاقتصادية المبنية على فكرة الوصول إلى الهدف وتالياً التكامل الاقتصادي.
واستنتجت الاقتصاد في هذه الدراسة أن مدى التقارب الكبير بين سورية وعدد من دول أمريكا اللاتينية في كثير من المؤشرات الاقتصادية للوصول إلى تعاون مثمر بين الجانبين لذلك ينبغي التعامل مع هذا الملف معاملة خاصة لعدة أسباب:
- الدور المهم والكبير الذي تلعبه هذه الدول على الصعيد العالمي من جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعلى وجه الخصوص دول فنزويلا، البرازيل والأرجنتين وتأثير اقتصادات هذه الدول على المستوى الإقليمي وفي الاقتصاد العالمي.
- المصالح الاقتصادية المشتركة التي يمكن على أساسها بناء استراتيجية للتعاون مبنية على أساس المنفعة المتبادلة.
- عدم الاستفادة من وجود جالية كبيرة عربية عموماً وسورية خصوصاً في هذه البلدان ( بلدان المهجر) وضعف الفعاليات والنشاطات الاقتصادية والاجتماعية المشتركة التي تقوم بدور التعريف بمعالم سورية السياحية والثقافية والتشجيع على الاستثمار في سورية، وغياب دور الإعلام في إطلاع الجمهور عامة والفعاليات التجارية والاقتصادية السورية خاصة على اقتصادات هذه الدول والتعريف بدورها الفعال في الاقتصاد العالمي وبالعكس.
- العلاقات الاقتصادية القائمة بين سورية وهذه الدول والاعتماد عليها في إيجاد طرق للتشابك الاقتصادي مع الدول الأخرى في المنطقة الأمريكية (الوسطى والجنوبية).
- الدعم الذي يمكن أن تتلقاه سورية من خلال توطيد علاقاتها مع مجموعة هذه الدول حتى ولو كان المدخل لذلك الملف الاقتصادي.
وبينت الاقتصاد وجود معوقات أساسية تعترض تنفيذ توجه سورية نحو التجمع المذكور لابد من العمل على تجاوزها بالاتفاق مع كافة الأطراف في مقدمتها:
- التباعد الجغرافي بين سورية على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط ودول أمريكا اللاتينية المطلة على المحيطين الأطلسي والهادي في القارة الأمريكية والعوائق اللوجستية بالنسبة للنقل والخطوط الملاحية المباشرة.
- الضغط المتواصل لحكومات الدول الغربية على حكومات دول أمريكا اللاتينية لمصادرة قراره السياسي والاقتصادي المستقل.
- الدور الذي تلعبه الشركات المتعددة الجنسيات في هذه الدول والذي يشكل عنصر ضغط اقتصادياً على حكوماتها من ناحية تلبية رغباتها المعلنة وغير المعلنة في توجيه الاقتصاد بشكل عام، والاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة والاحتكار بشكل خاص.
- عدم وجود الإطار القانوني الذي ينظم العلاقات الاقتصادية المالية منها والتجارية والاستثمارية بين سورية وبعض الدول المهمة في المنطقة المذكورة.
- ندرة المعلومات والاحصاءات الاقتصادية والتجارية واحتياجات الأسواق من سلع وخدمات عن أغلب دول أمريكا اللاتينية.
- عدم وجود ملحقيات تجارية أو تمثيل تجاري لدى سورية لهذه الدول وبالعكس، وفي حال وجود شيء من هذا القبيل فإنه لا يقوم بواجبها المطلوب.
- ندرة المشاريع الاستثمارية المتبادلة بين سورية وهذه الدول على المستوى العام والخاص.
من خلال نظرة سريعة على الجدول المرفق حول الصادرات والمستوردات للجمهورية العربية السورية مع دول الميركوسور، نرى الضعف الكبير والواضح لقيم وأحجام التبادل السلعي بين سورية ودول أمريكا اللاتينية بشكل عام ودول مجموعة الميركوسور بشكل خاص، وهذا ما يفوت على الاقتصاد السوري استغلال الفرص الكبيرة الموجودة في هذا الجزء من العالم حيث نذكر على سبيل المثال صادرات سورية إلى دول الميركوسور في العام 2007 بمقدار 11,4مليون دولار مقابل مستوردات قيمتها بحوالى 347 مليون دولار وبفارق قدره 337 مليون دولار وفي العام 2008 زادت الصادرات السورية إلى الأسواق المذكورة إلى 34 مليون دولار والمستوردات زادت بقيمة 548 مليون دولار والفارق بين الرقمين مقداره 514 مليون دولار.
وفي حين بلغت الصادرات في العام 2011حوالى 53 مليون دولار مقابل مستوردات من أسواق الميركوسور بلغت قيمتها 369 مليون دولار والفارق أيضا بين الرقمين 316 مليون دولار.
وبالتالي من خلال المقارنة بين الأرقام المذكورة والجدول المرافق نجد أن الميزان التجاري يميل باتجاه دول الميركوسور ولكن المطلوب خلال الأيام القادمة العمل بصورة مستمرة للاستفادة من الميزات النسبية وتعظيم تجارتنا مع دول الميركوسور بشكل خاص ودول أمريكا اللاتينية بشكل عام.
وبناء عليه وضعت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية جملة من المقترحات العامة والخاصة لتفعيل التعاون بين دول الميركوسور بشكل خاص ودول أمريكا اللاتينية بشكل عام والاستفادة من العلاقات الاقتصادية والسياسية المتنامية وانعكاسها بشكل ايجابي على المستوى الجاري وغيره في مقدمتها: البدء الفوري بتنظيم التعاون مع دول أمريكا اللاتينية التي لا يوجد بينها وبين الجمهورية العربية السورية إطار قانوني ينظم علاقات التعاون الاقتصادي بكافة أشكاله التجاري والاستثماري والمالي الاقتصادي المعمول بها دولياً وخاصة اتفاق تعاون اقتصادي تجاري: يفضل الفصل بينه وبين التعاون العلمي والفني واتفاق التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات واتفاق إلغاء الازدواج الضريبي.(وزارة المالية) واتفاق تعاون بين المصارف الوطنية.(مصرف سورية المركزي).
- المباشرة بإحداث ملحقيات تجارية لسورية في بعض دول أمريكا اللاتينية، على أن تكون وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية المسؤولة عن عملها.
- إعادة النظر في هياكل ومهام مجالس رجال الأعمال مع هذه الدول أو تفعيل دور المجالس الحالية لتستجيب لمتطلبات العمل المشترك، وحث رجال الأعمال على عقد اجتماعات دورية بين الفعاليات الاقتصادية في سورية وهذه الدول لرصد الأفكار المبتكرة المؤدية إلى خلق مشاريع مشتركة بينها على أن تكون هذه اللقاءات برعاية رسمية دائمة لوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية على الأقل.
- البدء بإجراء مباحثات مع الدول في هذه المنطقة المنضّمة إلى منظمة التجارة العالمية للمساعدة في عملية انضمام سورية إلى المنظمة وذلك من خلال التوقيع على مذكرات تفاهم في مجال التعاون في شؤون منظمة التجارة العالمية تتضمن تقديم المساعدة الفنية والخبرات العملية.
بدء التحضير الفوري مع بعض الدول في أمريكا اللاتينية لزيارة وفد اقتصادي تجاري سوري إلى هذه الدول لعقد لقاءات على المستوى الرسمي وعلى مستوى الفعاليات الاقتصادية وذلك برئاسة وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية وبرفقة وفد من رجال الأعمال السوريين، لسبر فرص التعاون المحتملة على أرض الواقع.
- العمل مع وزارة الخارجية والمغتربين من خلال الخطوات الفعالة، وأخذ التدابير اللازمة ما أمكن لحض كتلة الميركوسور على إنجاز اتفاقية إقامة منطقة التجارة الحرة مع الجمهورية العربية السورية.
- الإسراع في البدء بمباحثات بين المؤسسات العامة وقطاع الأعمال في سورية مع المؤسسات والشركات من دول مختارة في أمريكا اللاتينية لعقد صفقات متكافئة أو مقايضة بالسلع بحيث يتفق على حزمة من السلع السورية القابلة للرواج في أسواق هذه البلدان.
- الشروع بالتحضير لتنظيم معارض ترويجية للمنتجات السورية في عدد من بلدان أمريكا الجنوبية والتي من شأنها أن تعطي فكرة واضحة عن الإمكانيات الإنتاجية السورية المختلفة.
- عقد المحاضرات التخصصية للمنتجين والتجار السوريين الراغبين في الوصول إلى أسواق أمريكا اللاتينية في مجال النماذج الاقتصادية والإنتاجية والأذواق الاستهلاكية والأسواق.
- البدء بدراسة فورية للجهات المعنية العامة والخاصة في سورية لفكرة افتتاح مراكز تجارية سورية دائمة أو موسمية في عدد من بلدان أمريكا اللاتينية.
- الاستغلال الأمثل للمحفزات التي تقدمها هذه الدول للاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة وللشركات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، من قبل المستثمرين السوريين بالإضافة إلى ما تقدمه البرامج التنموية للحكومات من خدمات على الصعيد المالي والضريبي والقطاعي الصناعي، الخدمي، التجاري.
- العمل مع مجالس رجال الأعمال المشكلة واتحادات الغرف وقطاعات الأعمال في سورية لوضع حزمة من الاستثمارات السورية المحددة وعلى أساس النوعية وليس الكمية، والتي تستطيع المنافسة في أسواق هذه الدول.