استحوذ القطاع السياحي على النصيب الأكبر من تأثيرات الأحداث التي تشهدها سورية، وتحديداً نتيجة الحملة الإعلامية الخارجية التي تحاول تشويه صورة سورية و القرارات التي اتخذتها بعض الدول لجهة منع تصدير السياح إلى سورية في إطار الضغوط التي تمارس على سورية من مختلف الجهات.
وعلى خطورة الواقع السياحي الحالي، إلا أن ذلك يجب ألا يكون مقدمة لانتكاسة في العمل السياحي السوري، بل على العكس يمكن لوزارة السياحة أن تستغل الأحداث لتعيد النظر ودراسة كثير من الأمور و الملفات الرئيسية في هذا القطاع، و تبادر إلى اتخاذ قرارات أكثر جرأة معتمدة على المؤشرات الإقليمية و الدولية و التوصيف الدقيق للواقع بعيداً عن الأرقام غير الدقيقة و التصريحات غير الواقعية.
فمثلاً و وفق مؤشر تنافسية السفر والسياحة العالمي فإن سورية تراجعت في العام 2010 من المرتبة 85 في العام 2009 إلى المرتبة 105 في العام 2010 وهو ما يفتح باب للتساؤلات الجادة عن سبب هذا التراجع الذي لم تكن الوزارة السابقة تعترف به، وحتى في المؤشرات الفرعية فإننا سنلاحظ أن سورية تحتل مراتب متأخرة وهو أمر يستدعي التدقيق و النقاش و الحوار الجاد و العملي، فمثلاً في المؤشر الفرعي المتعلق بالإطار التنظيمي جاءت سورية في المرتبة 101 عالمياً، و في مؤشر بيئة السياحة و السفر و بنيتها التحتية كان ترتيبها العالمي 109، و في الموارد البشرية و الثقافية و الطبيعية كان ترتيبها 113 عالميا.
و المؤشرات الفرعية الثلاث السابقة تشكل ركائز السياحة في أي بلد، و ما دام أن سورية تحتل مرتبة متأخرة فيها فهذا يعني ضرورة مبادرة الوزارة إلى مراجعة كل ما يتعلق بتلك المؤشرات لمحاولة تطوير وتحديث ما يعوق تقدم ترتيب سورية، فهذه المؤشرات تلعب دوراً رئيسياً و فاعلاً في جذب الاستثمارات الأجنبية إلى القطاع السياحي،إذ غدت بمثابة إشارات صادقة وموضوعية لتحديد جدوى الاستثمار في هذا البلد أو ذاك.
لذلك فإن مهمة وزارة السياحة في هذه الفترة ليس الركون إلى حين انتهاء الأزمة، بل استغلال هذه الفترة بسلبياتها و تأثيراتها لمعالجة نقاط الضعف و إعادة تقييم وضع السياحة السورية بكل موضوعية بعيداً عن التهويل و الأحلام المعسولة و الأرقام الوردية التي افتقدناها فجأة، وهو ما يؤكد عدم واقعيتها.