وجّه رئيس "اتحاد غرف الصناعة السورية" فارس الشهابي إلى "وزارة الخارجية والمغتربين" أمس كتاباً طالب الوزارة من خلاله بمخاطبة "الأمم المتحدة" رسمياً للإسراع بضرورة تشكيل لجنة حيادية لتقصي الحقائق بخصوص معاناة الصناعيين السوريين من أعمال السرقة والتخريب المتعمدة ضد المعامل والمنشآت الصناعية في مختلف المناطق في محافظة حلب والتي تم بموجبها سرقة الآلات والتجهيزات والعديد من الآليات كالسيارات والحفارات والروافع وكذلك المواد الأولية والمصنعة ونقلها إلى تركيا بكل سهولة ويسر عبر البوابات الحدودية المعروفة.
وأشار الشهابي في كتابه، وبالنيابة عن الصناعيين السوريين، إلى مطالبة الخارجية السورية للهيئة الدولية من أجل تقصي الحقائق وتأكيد مزاعمنا أو دحضها ونحن مستعدون للتعاون مع هذه اللجنة ومع حكومتنا من أجل إنجاح هذا الموضوع، وفي حال ثبت ما ندعيه سنطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحكومة التركية لدفع كامل التعويضات للصناعيين المتضررين وإعادة المسروقات إلى أصحابها.
ولفت الكتاب بحسب صحيفة "الوطن" المحلية، إلى أن عدد المنشآت المتضررة تجاوز الألف منشأة والرقم بازدياد.
وأكد الشهابي أن هذا الطلب نابع من المعاناة التي يعيشها الصناعيون مع الحكومة التركية، وأنه لدينا كافة المعلومات التي تؤكد ذلك، وسنطالب الحكومة التركية بدفع التعويضات لكافة المتضررين، و"وزارة الخارجية" هي الجهة المسؤولة عن مخاطبة الجهات الخارجية.
كما أكد الشهابي في تصريحه وجود شهود كثر على هذه الأفعال، وهناك الكثير من أصحاب المعامل حتى إن بعض الشهود موجود في الجانب التركي ممن رأوا المنتجات السورية والآلات تباع في الأسواق التركية ومع ذلك نحن نريد أن تقوم لجنة دولية حيادية من الأمم المتحدة للتثبت من هذا الكلام.
وحول الثقة من جدوى هذا الطلب رغم الظروف أكد الشهابي أن الحق لا يموت طالما وراءه مطالب حتى ولو كانت بعد 100 سنة.
وأضاف: "كان الصناعيون السوريون يتصرفون مع الجانب التركي بكل ود وحسن نية دائماً في حين كانوا هم يتصرفون معنا دائماً بندية وبروح العداوة، ولم يعطونا أية مرونة أبداً، على الرغم من تحذيرنا الحكومة السورية من اتفاقية التبادل التجاري بيننا وبين الأتراك لمرات كثيرة وعبر مذكرة رسمية إلى حكومة عطري، ولذلك نطالب اليوم بإيقاف التعامل التجاري كلياً مع الجانب التركي وليس فقط تعليق الاتفاقية بين البلدين أو وضع رسوم جديدة".
وقال: "أطالب بوضع المنتجات التركية على لائحة المقاطعة، ومعاملتها معاملة البضائع الإسرائيلية إلى حين اعتذار الحكومة التركية من الشعب السوري رسمياً، ودفع التعويضات كاملة للمتضررين ونحن هنا لا نعادي أبداً الشعب التركي الصديق وهناك جهات معارضة وهيئات حقوقية في تركية تتخذ الموقف ذاته".
وعن الرقم التقديري للخسائر المباشرة للقطاع الصناعي في سورية بيّن الشهابي أن الخسائر التي أصابت البنية التحتية الصناعية تفوق 60 مليار ل.س، وهذا الرقم في تصاعد مادام العنف في تصاعد، ولكن لا توجد دراسة تقدر الخسائر الحقيقية وخصوصاً أن ذلك الرقم لا يشمل خسائر المعامل أو المتاجر، ولا يشمل خسائر مبيعاتها وإنما هذا الرقم للخسائر المباشرة والرقم الحقيقي يقدر بمليارات الدولارات للمعامل.
وعن المطالب الملحة للحكومة بتقديم بعض المرونة وإفساح المجال للقطاع الخاص أكثر أكد الشهابي أن "اتحاد غرف الصناعة" لا يشكك أبداً في الرغبة الصادقة لأعضاء الحكومة في إيجاد الحلول، وهذه الحكومة تحديداً دون غيرها لا نشكك بشفافيتها ولكن علينا أن نفكر بشكل غير تقليدي وأن نعمل بشكل غير تقليدي، ونعطي المحافظات والمدن والمناطق نوعاً من اللامركزية في إيجاد الحلول والعمل أيضاً تحت مفهوم التشاركية وليس خلال هذه المرحلة وإنما في المستقبل.
فالإدارات المحلية في دول العالم الصناعية تعتمد على أسلوب التشاركية واللامركزية، ونحن نطلب ليس فقط في المحافظات والمناطق والأرياف فقط وإنما أيضاً مع قطاع الأعمال الوطني ولذلك على الحكومة أن تتخلى قدر الإمكان عن أي احتكار لخدمات أساسية أو صناعة أو تجارة وأن تنظر إلى التجارب المماثلة التي اتبعتها حكومات دول مثل إيران وفنزويلا وكوبا خصوصاً الحكومة الإيرانية التي تمكنت من الالتفاف على العقوبات ومن بناء قدرات ذاتية عالية المستوى والتقنية بسبب العقوبات، فكانت العقوبات بمثابة الجسر الذي عبرت عليه إيران إلى مصاف الدول المتقدمة صناعياً ويجب علينا أن نتبع الأسلوب ذاته.
وحول رأيه بالسياسة المصرفية بخصوص أسعار الصرف للعملات الأجنبية أكد أنه كصناعي يقف ضد التذبذب والتخبط في أسعار الصرف، معتبراً أن سياسة التدخل الحكومية في سوق الصرف لم تكن واضحة المعالم منذ بداية الأزمة، والبدايات الخاطئة هي من أوصلتنا إلى هنا، فهناك أخطاء ارتكبت في السابق ولا توجد سياسة نقدية أو مصرفية واضحة حتى اليوم.
وعن النسبة المئوية لإسهام السياسة الخاطئة في رفع أسعار الصرف إلى تلك المستويات التي شهدناها أكد الشهابي أن الدولة تبقى الجهة والمصرفي والتاجر الأقوى في تلك السوق وبالتالي هي التي تتحكم بأسعار الصرف دون غيرها وهي من تستطيع رفع أو خفض أسعار الصرف لأن النشاط الاقتصادي انخفض كثيراً، والاحتياط النقدي الموجود لدى المركزي يوفر للمركزي إمكانية وقوة تدخل كبيرة في أي سياسة ينتهجها ولذلك على "وزارة المالية" العمل مع "المصرف المركزي" بروح التعاون وبوضع سياسة واضحة المعالم لكي نعيد جزءاً من الثقة التي فقدها الاقتصاد السوري.
وختم الشهابي بالقول: "أؤكد أن الصناعيين وطنيون بأغلبيتهم الساحقة، وتواقون للعودة إلى مدنهم وإلى معاملهم وإعادة بنائها من جديد والمشاركة الفعلية في جهود الإغاثة والمصالحة ومن ثم إعادة الإعمار وفي أي جهود أهلية تسعى إلى لم الشمل بين أبناء الوطن الواحد، ونحن سنتمكن من إعادة بناء معاملنا بشكل أفضل مما كانت عليه في فترة زمنية قياسية لا تتجاوز خمس سنوات".