قال عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد العام لنقابات العمال حسين أحمد إن لجاناً عديدة تم تشكيلها خلال السنوات الأخيرة بهدف تعديل قانون التأمينات الاجتماعية، وإن الاتحاد قدم إلى هذه اللجان مراراً مقترحات تتعلق بتعديل جملة من مواد القانون المذكور، إلا أنه توصل إلى نتيجة وقناعة بأن جميع المحاولات السابقة لتعديل هذا القانون كانت تهدف إلى شيء آخر، هو بذل المستحيل لتخفيض نسب الاشتراكات في مؤسسة التأمينات الاجتماعية، وهو الهدف نفسه الذي تسعى اللجنة المكلفة التعديل حالياً لتحقيقه بموجب صفقة بينها وبين أرباب العمل.
وأضاف أحمد: كممثلين للعمال نحن لسنا ضد التخفيض شريطة ألا يؤثر ذلك على الراتب التقاعدي للعامل، وعلى التزام المؤسسة بتقديم خدماتها تجاه العمال، ولكن نحن متأكدون أنه في حال ضُغط على المؤسسة من الوزارة أو أي جهة أخرى لقبول هذا التخفيض لن تستمر المؤسسة بالدفع لأكثر من سنتين أو ثلاث سنوات، وستكون مهددة بالانهيار بعد سنوات قليلة جداً.
وأكد أحمد أن مؤسسة التأمينات الاجتماعية مرت بظروف صعبة جداً خلال السنتين الأخيرتين نتيجة تقليص حجم الاشتراكات الموردة إليها بعد ترك أكثر من 130 ألف عامل لعملهم، ونتيجة إغلاق المنشآت الخاصة من أصحاب العمل، مضيفاً: إن عدم التزام مؤسسات الدولة بتسديد نسب الاشتراكات أثر على موارد المؤسسة التي ظلت تقدم الخدمات وفق صناديقها الثلاثة بشكل مستمر ما أدى إلى تقلص حجم السيولة لديها.
وأضاف أحمد: للأسف الشديد تُعامل هذه المؤسسة معاملة القاصر، وكأن ما من أحد يدافع عنها، فمئات المليارات الخاصة بها هي ديون على الجهات العامة، وخلال الأزمة لم يسدد لها أي من القطاعين العام أو الخاص الاشتراكات، محذراً من انهيارات قريبة قادمة ستواجهها المؤسسة إذا بقي التعامل معها مستمراً على هذا النحو، «وهنا أنا أدق ناقوس الخطر، وأقول: يجب أن نفكر بكيفية إنقاذ هذه المؤسسة ونقلها إلى مرحلة يكون التعامل معها على أنها مؤسسة خاصة تماماً ومؤسسة ضمان اجتماعي واقتصادي للعمال»، مبيناً أن أكثر من خمسة فروع للمؤسسة في المحافظات «انكشفت» وأصبحت نفقاتها أكبر من إيراداتها، وبينها أهم فرعين وهما فرعا حلب واللاذقية، والمؤسسة ترسل منذ أكثر من سنة مساعدات لهذه الفروع كي تتمكن من دفع رواتب المتقاعدين.
وقدر أحمد الموارد التي حُرمت منها المؤسسة نتيجة تسريح أكثر من 130 ألف عامل كانوا مشتركين في التأمينات الاجتماعية، بـ500 مليون ليرة شهرياً، أي ستة مليارات في السنة، و12 ملياراً خلال سنتي الأزمة، «ناهيك عن أن القطاع الخاص المتبقي والذي استمر عماله بالعمل، لم يسدد نسب اشتراكات عماله خلال الأزمة، كما أن نحو 70% من منشآت القطاع العام لم تسدد أيضاً.
وفيما يتعلق بتعديل قانون التأمينات الاجتماعية قال أحمد: «أثناء تطبيق القانون النافذ على أرض الواقع برز الكثير من «الإشكالات» التي لم يستطع القانون وضع الحلول لها، وخصوصاً بسبب التدخل الرهيب والكبير لجهاز الرقابة المالية، وعلى سبيل المثال، تطبيق مرسوم الأعمال الشاقة والمجهدة وتطبيق المادة 58 من قانون التأمينات الاجتماعية، فالمؤسسة وفق قانونها الناظم أعطت الحق للعامل في بعض القطاعات أن يتقاضى راتبين «راتباً حقيقياً أو مستحقاً» وآخر «إضافياً»، مثل عمال «العتالة» الذين يتقاضون راتباً آخر يتجاوز تقريباً حجم راتبهم المستحق، وهم مشتركون في التأمينات الاجتماعية عن الراتبين، إلا أن الجهاز المركزي للرقابة المالية أوقف الرواتب التقاعدية بحجة أن الراتب التقاعدي الذي يحصل عليه العامل مرتفع، وأجرى حسبة خاصة معتبراً أن سقف الفئة الأولى يجب أن يكون سقف الاشتراك، علماً أن العقد بين المؤمن عليه وبين المؤسسة يقول إنه يحق للعامل الاشتراك بكامل الراتب الذي يتقاضاه، وهؤلاء العمال يدفعون منذ عشرات السنين حصة العامل ورب العمل عن كامل الفترة الماضية، أي هناك ضرر كبير لحق بهم، وبعض هؤلاء العمال خرجوا من الخدمة «على المرسوم 316 المتعلق بالأعمال الشاقة والمجهدة، وقبلت استقالاتهم وأنهيت خدمتهم، وظلوا أكثر من سنة ينتظرون صرف رواتبهم التقاعدية التي لم تصرف حتى الآن بحجة أن هناك بعض الثغرات في المرسوم رقم 316.
وتابع أحمد: هناك أيضاً موضوع الازدواج التأميني، فالكثير من المواطنين يضطرون نتيجة الحالة المعيشية للعمل في القطاع العام والعمل بدوام آخر في القطاع الخاص، والقانون النافذ سمح لهم بالاشتراك في التأمينات عن العملين، ولكن عند خروج العامل إلى التقاعد يرفض الجهاز المركزي للرقابة المالية أن يمنح العامل راتبين تقاعديين، وهذه المشكلة لم يتصدى لها القانون النافذ، «ونرى كمقترح أن يأخذ العامل تعويض دفعة واحدة عن أحد الراتبين، ويتقاضى راتباً تقاعدياً عن الاشتراك الآخر».
وأكد أحمد على أن تعديل قانون التأمينات الاجتماعية مرتبط بتعديل قانون العمل رقم 17 المتعلق بالقطاع الخاص «والذي ولد مشوهاً ولم يطبق منه إلا ما يضر العمال»، وبموجبه سرح أكثر من 130 ألف عامل «بحماية القانون المذكور لأرباب العمل الذين أغلقوا منشآتهم بموجب القانون نفسه دون دفع أي تعويض لهؤلاء العمال.