لقد ودع السوريون أيام الزمن الجميل حينما كانت الألبسة القطنية متوفرة بسهولة و كان الشراء بالدزينة و ليس بالقطعة، إذ أصبح الحصول على «قطعة قطنية» بنسبة 100 بالمئة أشبه بالمستحيل منذ عام 2014.مما جعل جميع النسب المعلنة عن نسبة القطن في الألبسة تثير الشكوك بدقتها، وتتطلب تدقيقًا ورقابة دقيقة، تزامناً مع ارتفاع أسعار الألبسة القطنية إلى مستويات غير مسبوقة.
يُعتبر محصول القطن من المحاصيل الاستراتيجية في سوريا، إلا أن ارتفاع أسعار البضائع وخاصةً لدى بعض الماركات المشهورة، جعل الحصول على الألبسة القطنية صعباِ ومكلفًا للغاية.
خلال جولة لمراسل "بزنس2بزنس" في أسواق العاصمة دمشق، تبين أن أسعار القطنيات قد ارتفعت بشكل ملحوظ. فقد وصل سعر البيجاما القطنية من نوع "توفليس" إلى 400 ألف ليرة في بعض المحلات، بينما بلغ سعر البنطال القطني أكثر من 200 ألف ليرة، وسعر البلوزة القطنية وصل إلى 175 ألف ليرة، والشورت إلى 150 ألف ليرة.
وتزامناً مع هذا الارتفاع الكبير في الأسعار، لاحظنا تغيرًا في عادات الشراء حيث بات المستهلك يفضل السعر المنخفض بغض النظر عن الجودة أو العلامة التجارية. ولاحظنا أيضًا تحولًا في عمليات الشراء، حيث أصبح الشراء بالقطعة هو السائد بدلاً من الشراء بالدزينة.
في سوقي "الحميدية والحريقة" بدمشق، يتراوح سعر البوكسر الرجالي القطني المحلي الصنع، والذي يعتبر متوسط الجودة، بين 40 و 50 ألف ليرة سورية. أما سعر البروتيل (الشيال الداخلي) فيتراوح بين 75 و 100 ألف ليرة. عند الاستفسار عن نسبة القطن، يدعي التاجر أن المنتج يحتوي على نسبة قطنية تصل إلى 100 بالمئة، ولكن عند البحث عن بطاقة المنتج، غالبًا ما لا تكون متاحة، وإذا وُجِدت، فإن نسبة القطن المحددة فيها قد تكون غير مذكورة.
أحد التجار من أيام الزمن الجميل يبتسم ويترحم على السنوات الماضية وقال لبزنس2بزنس: منذ عام 2014 إلى اليوم ونسبة القطن الموجودة في الالبسة غير دقيقة حيث لم يعد هناك خيوط قطنية، وان وجدت قطعة فأسعارها مرتفعة جداً يوجد نسبة من القطن لكنها حتما ليست النسبة المعلنة، وكل من يقول إن القطعة بنسبة قطن 100 بالمئة فكلامه غير دقيق.
البيجامات الرجالية القطنية وخاصة المخصصة لكبار السن أسعارها تفوق راتب من خدم 30 سنة في الوظيفة العامة، والألبسة الداخلية القطنية لهذه الفئة مرتفعة جدا والسروال الواحد سعره يتجاوز 125 ألف ليرة .
أمين سر جمعية حماية المستهلك عبد الرزاق حبزه أكد في تصريح خاص لـ «بزنس 2بزنس» أن الألبسة القطنية ارتفعت أسعارها بنسبة أكثر 500 بالمئة، ولا يتم الالتزام من قبل الصناعيين بنسبة القطن المعلنة على بطاقة البيان بسبب عدم توفر الخيوط القطنية في سورية، وارتفاع أسعارها المستوردة.
ودعا حبزه إلى تشديد الرقابة على الأسواق، وأخذ المزيد من العينات وتحليلها لتحديد نسبة القطن الموجودة فيها، ودراسة بيانات التكلفة المقدمة من قبل التجار حول الألبسة القطنية وأعمال الصباغة، لافتا إل أن أسعار الألبسة القطنية أصبحت خارج القدرة الشرائية لغالبية الشعب السوري. الله يرحم أيام الزمن الجميل وشراء الألبسة الداخلية والجوارب بالدزينة فهل ستعود ياترى؟!