لا تختلف الرؤى حول ضرورة الاستثمار ومدى حاجة الاقتصاد الوطني لمشروعات استثمارية تنموية، ومنذ تحويل مكتب الاستثمار إلى هيئة عامة، وتقديم تسهيلات للمستثمرين بموجب المرسوم رقم 8 لعام 2007، خطا الاستثمار خطوات واضحة، وزادت المشروعات الاستثمارية وتكاليفه الإجمالية، لكن حتى الآن لا إطار حكومياً ومرجعية واضحة لهيئة الاستثمار السورية.
الهيئة التي تتبع لرئاسة مجلس الوزراء، يشرف عليها حالياً، بشكل مباشر أو غير مباشر، وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور محمد ظافر محبك، بصفته رئيساً لمجلس إدارة الهيئة، ويتابع أعمالها أيضا وزير الدولة لشؤون الاستثمار وتنمية المنطقة الجنوبية جمال شاهين.
الوزير محبك اجتمع بكوادر الهيئة منذ تسلمه رئاسة مجلس هيئة الاستثمار مرتين حتى الآن، وفي كلا الاجتماعين لم يحضر الوزير شاهين الذي من مهامه متابعة الشأن الاستثماري، كما أن متابعات الوزير شاهين لأعمال الهيئة، واجتماعاته التي عقدها في الهيئة، لم يحضرها الوزير محبك.
مصدر في هيئة الاستثمار عبر لـ«الوطن» عن دهشته من هذه الحالة، وزيران لهيئة، لا تعمل في الفترة الحالية، نتيجة الأوضاع السائدة، ويحاول كل وزير أن «يشد» الهيئة إلى ناحيته، من خلال صلاحياته.
وفي شهر نيسان الجاري اجتمع الوزير شاهين بالهيئة في 8 نيسان، وتحدث عن تعديل قانون الاستثمار، ليتناسب مع المرحلة القادمة، وضرورة «تصويب الأخطاء الواردة بالمرسوم 8». وفي ذاك الاجتماع كشف شاهين عن التوجه الحكومي فيما يتعلق بالاستثمار حالياً الذي « ينحصر بضرورة المحافظة على ما وصلنا إليه، وتهيئة البيئة الإدارية والتشريعية عبر تعديل المراسيم والقوانين التي شكلت عائقاً خلال الفترة الماضية أمام النهوض بالاستثمار، لنكون جاهزين مستقبلا للدخول بأي مشروع استثماري».
هذا الاجتماع الذي غاب عنه رئيس مجلس إدارة الهيئة الوزير محبك، دفع إلى عقد اجتماع في 21 نيسان، برئاسة محبك، وحضور كوادر الهيئة، وغياب الوزير شاهين، كشف فيه محبك عن اتفاق يتضمن «رفع مذكرة لرئاسة مجلس الوزراء» بغية إصدار التعميم اللازم للوزارات المعنية لتحقيق المطلوب بهدف «اصدر قانون موحد سوري للاستثمار»، ودعا إلى ضرورة «بناء بيئة تشريعية جديدة للاستثمار».
الوزيران محبك وشاهين، يتابعان ملف الاستثمار بشكل منفرد، كل على حدة، ومن خلال صلاحياتهما، وحتى الآن لم يحضرا معاً اجتماعاً للهيئة، كما نقلت مصادر «الهيئة»، التي عبرت عن «مخاوف لتقاذف المهمات والطلبات» التي يتفرد كل وزير بها، ليكون الاستثمار وحده ليس ضحية كثرة المشرفين والمتابعين له، بل لاختلاف التوجهات أيضاً.
ورأت المصادر أن تعدد مرجعيات الاستثمار، قبل قدوم الوزيرين محبك وشاهين، كانت «مشكلة بحد ذاتها»، فكل الوزارات المعنية بالاستثمار حاولت الاستئثار بذلك، ما خلق إرباكاً للمستثمرين، فهناك وزارات السياحة والصناعة والزراعة، لديها أنظمة وتشريعات تتعلق بالاستثمار، وبالتالي هيئة الاستثمار «ليست المظلة الوحيدة، أو الجهة التي تنحصر فيها كل قضايا الاستثمار»، فما بالنا اليوم مع «وجود وزيرين، أحدهما يترأس مجلس الإدارة، والثاني يشرف على العمل»؟ يتساءل المصدر.