أوضح " النائب الاقتصادي " " الدكتور قدري جميل " عن مخاطر توجه الحكومة في تحويل الدعم العيني الى نقدي، وهو مالم تنقله وسائل الاعلام لأول مرة حينما بيّن أثناء لقائه أساتذة كلية الاقتصاد الأسبوع الماضي أن النقطة الوحيدة التي يمكن التحكم بها لتحسين سعر الصرف في الموازنة العامة للدولة والبالغة 1383 مليار ليرة هي الدعم، والذي يصل إلى نحو 500 مليار ليرة، مشيراً إلى أن سحب الدعم يساهم في تحسن سعر الصرف، ولكن من جهة ثانية فإن مخاطر تحويل الدعم من عيني إلى نقدي تتمثل بزيادة الكتلة النقدية، علماً بأن الكتلة النقدية ارتفعت 70% وهي تراكمية بينما انخفضت الكتلة السلعية 50% تقريباً حسب هيئة تخطيط الدولة وأن القيمة الشرائية لليرة تحدد بالفرق بين الكتلتين السلعية والنقدية والتي يتحدد عليها سعر الصرف، وبالتالي هذه العملية تزيد الهوة بين الكتلتين ويصبح وضع الليرة أسوأ ونكون ارتكبنا خطأ كبيراً تحت شعار الدفاع عن الليرة وتصحيح العجز كما قال.
بدوره أشار الأستاذ في كلية الاقتصاد د. رسلان خضور وفقاً لصحيفة " تشرين " أن تقديم الدعم بشكله النقدي أفضل من الدعم العيني الذي يحتاج لإجراءات بيروقراطية وبطاقات تموينية وغيرها، مبيناً أنه لن يزيد من الكتلة النقدية لأن المبالغ التي ستنفق عليه ستكون أقل من التي تصرف حالياً، فمؤشر الدعم حالياً أكبر من الواقع الحقيقي إذ إنه يصل إلى المستحقين وغير المستحقين لذا فإن تحويل المبالغ المرصودة في الموازنة والمقدرة بنحو 500 مليار ليرة من شكل عيني إلى نقدي قد يزيد الكتلة النقدية فيما لو لم يصل الدعم للمستحقين فقط، أو في حال تدخل الفساد بآلية توزيع الدعم كما حصل في تجربة الدعم المقدمة للمحروقات قبل عدة سنوات، مؤكداً أن الدعم في الفترة الماضية كان يمول بالعجز أي بإصدار نقدي عبر سندات غير قابلة للتداول ولاتسدد، وبالتالي كان يتم تمويلها من خلال الإصدار النقدي، ما نتج عنه ارتفاع التضخم الذي كان يتحمل الفقراء تبعاته السلبية.
وأشار إلى ضرورة تطبيق آلية أقل تكلفة وبيروقراطية للدعم سواء أكان عينياً أم نقدياً كالبطاقات الذكية التي طرحت من دون أن تطبق بعد، لأنها حل أقل تكلفة ويمكن من خلالها إيصال الدعم لمستحقيه.
هذا وكانت مصادر وزارة المالية أفادت بأن الدعم سيستمر ولكن الحكومة تدرس آلية جديدة لإيصاله إلى مستحقيه من خلال البطاقة الذكية، بحيث يقدم الدعم لكل مواطن حسب مستوى دخله
ويعود عميد كلية الاقتصاد الدكتور "مصطفى الكفري " في حديثه عن الدعم إلى البدايات، مبيناً بأن سورية مرت بهذه السياسة منذ السبعينيات من القرن الماضي ومازالت مستمرة وإن كانت الخطة الخمسية العاشرة حاولت التراجع عن الدعم ولكنه بقي بحدود معينة، فجاءت الأزمة الاقتصادية العالمية لتؤكد ضرورة تدخل الدولة بالحياة الاقتصادية. مشيراً إلى أن الدعم العيني أصبح من أساسيات السياسة الاقتصادية في سورية منذ القدم سواء عبر رغيف الخبز أو المحروقات أو المواد التموينية حيث يسلم بأسعار تقل عن السعر السائد في السوق، وكان الخوف من ألا يصل هذا الدعم لمستحقيه وفعلاً هذا ماكان، فالمواطن العادي كان يستهلك ألف ليتر مازوت ويدعم بـ 10 آلاف ليرة، والذي يستهلك 10 أضعاف الكمية يدعم بـ 10 أضعاف مايحصل عليه المواطن العادي علماً بأنه لايحتاج للدعم، لافتاً إلى أنه ليس من السهولة تأمين الدعم النقدي للمواطنين وهذا يحتاج لدراسات وبيانات وإحصاءات دقيقة تحاول التخفيف من حدة عدم وصول الدعم لمستحقيه، وأن الدعم العيني فيما لو تحسنت آلية وصوله للمواطنين عبر إدارته بشكل علمي وصحي بحيث لايصل للأغنياء يعد جيداً.
وبالعموم فإن الأهم حسب ـ ما أكد عميد كلية الاقتصاد د. الكفري لتشرين ـ هو استمرار الدعم لأنه ظاهرة اقتصادية صحيحة وصحية، وهو ليس مختصاً بنظام اقتصادي اجتماعي معين وإنما الأنظمة الاشتراكية كانت تدعم المواطنين لتحسين مستوى المعيشة والأنظمة الرأسمالية كانت تدعم أيضاً وإن كان دعمها يتركز على الإنتاج سواء أكان حيوانياً أم نباتياً، فهناك من يقول إن كل بقرة في أوروبا تدعم سنوياً بألف يورو لزيادة الإنتاج.