أكد الباحث الاقتصادي قيس خضر، أن ن ما نشهده الآن هو شبه استسلام من الفريق الاقتصادي لآلية السوق، أي آلية العرض والطلب التي بدأت تعوم نفسها بنفسها، مع اكتفاء الفريق الاقتصادي بشكل أو بآخر بالمراقبة من بعيد.
وأوضح أن هناك بعض السلوكيات والتصرفات كان يمكن أن تعالج بشكل أكثر قوة وأكثر فاعلية ولاسيما مسألة ضبط السوق، وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بارتفاعات الأسعار، وانعكاسات أسعار الصرف التي ارتفعت وتفاقمت بشكل أكثر مما يجب أن تكون على أسعار السلع.
مضيفاً: "إن تواتر ارتفاعات أسعار الصرف لم ينتقل بأمانة من سوق سعر الصرف، إلى سوق السلع العينية لدى المستهلك، ولكنه تضخم وتفاقم مرات عديدة دون أي مبرر يمكن له أن يقنع المحلل الاقتصادي سوى فلتان السوق وابتعاد أيدي الفريق الاقتصادي عن ضبط هذه السوق، وقلنا مراراً وتكراراً إنه دون ضبط السوق لن يكون هناك من جدوى لأي سياسة أو تدخل حكومي في الدورة الاقتصادية في البلد".
ولفت وفق صحيفة "الوطن" المحلية، إلى أن لعبة شد الحبل بين الفريق الاقتصادي الحكومي وبين قوى السوق، أياً كانت تلك القوى، شارفت على الانتهاء بسيطرة قوى السوق على الوضع الاقتصادي الحالي.
مشيراً إلى أنه -الكلام- لا يشي بسوداوية حول الوضع الاقتصادي، لأن هذا الوضع لا يزال قابلاً للإنعاش والتطور إذا ما أخذنا بعين الاعتبار حجم الضغط الهائل القادم من خارج النموذج الاقتصادي السوري، أي العوامل الخارجية التي تدفع باتجاه انكماش أو ركود الاقتصاد السوري.
ولفت الباحث خضر إلى أن ما كنا نطالب به ونعلق عليه في الكثير من الأحيان، هو قصر يد الحكومة عن التدخل في السوق من وضع الليرة السورية والسياسة النقدية وغيرها.
مؤكداً مرة أخرى على صعوبة الوضع، وألا نقول إن السلطة النقدية أو الفريق الاقتصادي مطالبين بوضع حد نهائي لكل التطورات الدراماتيكية في السوق، ولكن على الأقل نعتقد من وجهة نظر خاصة أنه بالإمكان تلطيف وتخفيف الآثار السلبية للأزمة، بشكل أكثر مما هي عليه الآن.
ونوه خضر أنه ليس من باب رفع المعنويات فإن الوضع ليس بهذه السوداوية، فحجم الضغوط هائل جداً ومع ذلك لا يزال الاقتصاد السوري يمتلك إمكانيات، ولا تزال لدينا ثقة بأن يعمد القائمون وصناع القرار الاقتصادي إلى استدراك بعض الأخطاء، ومحاولة العودة إلى السوق سواء النقدية من جهة أو السوق السلعية العينية من جهة أخرى، وذلك من أجل إعادة الأزمة الاقتصادية إلى نصابها وحجمها الحقيقي الذي يتناسب مع الظروف الراهنة في البلد ولا أكثر من ذلك.
وبحسب خضر فإن هذا ما قد يقنع المواطن السوري، لأنه في الوقت الذي تتوافر فيه القناعة عند الجميع بأن هناك أزمة اقتصادية، ولكن ما لسنا مقتنعين به هو حجم هذه الأزمة فأين هي الحكومة من حجم الأزمة؟.
وعن قدرة الحكومة في حال أرادت العودة إلى السوق بشكل أكبر، أكد خضر أنه من حيث القدرة هناك ثمة قدرة ولكننا نميز في التحليل الاقتصادي ما بين "قدرة أو إرادة محدودة" وما بين "عقلانية محدودة" بالأحرى، أما ما أكاد أراه هو وجود إرادة محدودة وليس وجود عقلانية أو قدرة محدودة.
وقال: "فالقدرة موجودة والسلطات النقدية تعرف الجهات المضاربة التي يتغنون بها بين الفترة والأخرى، بأنها سبب رئيسي من أسباب ارتفاع سعر الصرف أو انخفاض الليرة السورية"، وسأل: "لماذا لا تتجهون إلى هؤلاء المضاربين لتضعوا لهم حداً، وما دمتم تدركون أنه للاحتكار نصيب كبير من ارتفاع الأسعار فلماذا تبتعدون عن المحتكرين وتغضون الطرف عنهم؟".