وافقت اللجنة الاقتصادية برئاسة مجلس الوزراء على مقترحات تقدم بها وزير المالية الدكتور إسماعيل إسماعيل لجهة زيادة الإيرادات الجارية للموازنة العامة للدولة عن طريق إضافة نسبة محددة على جميع الرسوم والضرائب المباشرة وغير المباشرة بما فيها ضريبة ريع العقارات التي تستوفيها الدولة من المواطنين.
موافقة رئيس مجلس الوزراء المسطرة على ما أقرته ووافقت عليه اللجنة الاقتصادية في جلستها رقم 16 المنعقدة بتاريخ 22/4/2013 من مقترحات لزيادة الإيرادات الجارية للموازنة العامة للدولة جاء بناءً على دراسة تفصيلية تقدم بها وزير المالية بهذا الخصوص بناءً على طلب رئاسة مجلس الوزراء بعد العرض الذي قدمه في جلسة الحكومة التي انعقدت بتاريخ 5/3/2013 عن واقع إيرادات الخزينة ورؤية الوزارة لزيادة تلك الإيرادات.
والمستغرب من وزير المالية أنه كان قد نصح مؤخراً في إحدى الندوات التي أقامتها كلية الاقتصاد بجامعة دمشق بالتعاون مع الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية بالابتعاد عن زيادة الإيرادات الجارية للخزينة العامة للدولة عن طريق زيادة نسب الضرائب والرسوم التي تستوفيها الدولة من المواطنين، إذ نقلت وسائل إعلام محلية عن الوزير تأكيده خلال الندوة على «إمكانية الحفاظ على قوة الاقتصاد الوطني في ظل هذه الأزمة من خلال محاولة التقليل من الخسارة والابتعاد عن زيادة موارد الدولة عن طريق زيادة الضرائب».
ويبدو أن وزير المالية عندما كان يتحدث بتلك اللكنة كان قد قدم مشروعه ودراسته الكاملة لزيادة الضرائب والرسوم وحصل على موافقة اللجنة الاقتصادية بعد يوم من حديثه في جامعة دمشق.
وزير المالية الدكتور إسماعيل إسماعيل أكد صدور موافقة اللجنة الاقتصادية بل أكد أن الحكومة ستقره قريباً على اعتبار أنه يدعم الإيرادات الجارية للموازنة العامة للدولة من جهة، ومن جهة أخرى نفى أي تأثير سلبي لهذا المشروع على الحياة المعيشية للمواطنين من حيث ارتفاع الأسعار، بل إن زيادة الضرائب والرسوم ليست سوى مجرد تحصيل تكاليف أي وثيقة يقوم المواطن بالحصول عليها، مشيراً إلى أن سورية شهدت انخفاضاً في التحصيل الضريبي لعام 2012 إذ بلغت الإيرادات الضريبية 162 مليار ليرة.
وتضمنت المقترحات التي تقدم بها وزير المالية إلى رئاسة الحكومة بحس ما نشرته صحيفة " تشرين " ما يلي:
اقتراح إصدار نص تشريعي بإضافة نسبة محددة إلى ضريبة ريع العقارات والعرصات، من دون المساس بالقيمة المالية وذلك نظراً لتعذر إمكانية القيام بإعادة التقدير العام للعقارات السكنية وغير السكنية ولكون إعادة تقدير القيمة المالية له منعكسات على كثير من القوانين النافذة، إلا أن النسبة التي ستحددها المالية ليست معروفة حتى الآن وربما تجري دراسة أكثر من نسبة في الهيئة العامة للضرائب والرسوم المكلفة بإعداد الصكوك التشريعية والقانونية الخاصة بذلك.
كما تضمنت المقترحات إصدار نص تشريعي بإضافة نسبة معينة مدة ثلاثة سنوات يطلق عليها المساهمة الوطنية في إعادة الإعمار تطبق بواقع زيادة 5% على كل من تحققات ضريبة الدخل المقطوع، ضريبة زمرتي دخل الأرباح والدخل المقطوع، بقية الضرائب والرسوم المباشرة الأخرى، كذلك على الضرائب والرسوم غير المباشرة.
وإذا ما تم الدخول في تفاصيل الرسوم والضرائب المباشرة التي اقترحت المالية زيادتها فهي تتضمن، ضرائب الأرباح الحقيقية على القطاعين العام والخاص، والدخل المقطوع، نفقات التصنيف، الرواتب والأجور التي تشمل دوائر الدولة والعام والخاص، إضافة إلى ريع رؤوس الأموال المتداولة، وريع العقارات، والعرصات، والمواشي، ورسم الانتقال على التركات والوصايا والهبات، رسوم رخص حيازة الأسلحة، رسم الخروج، رسم الفراغ والانتقال والتسجيل العقاري، رسوم السيارات، رسم الري، رسم الأمن العام، رسم الإنفاق الاستهلاكي الكمالي، رسوم المغتربين، رسم حماية البيئة.
أما الضرائب والرسوم غير المباشرة، فيشمل هذا النوع، ضريبة الإسمنت، ضريبة المواد المستعملة، ضريبة مقطوعية الكهرباء، ضريبة السكر، ضريبة المواد الكحولية، ضريبة حصر التبغ، ضريبة الملح، ضريبة الملاهي، ضريبة الإنتاج الزراعي، ضريبة التصدير على القطن، إضافة إلى رسوم كتاب العدل، الرسوم الجمركية، رسوم زيارة المتحف والأماكن الأثرية، بمعنى أن الزيادة ستطول جميع الرسوم والضرائب المعمول بها في الدولة.
وأوصت وزارة المالية ضمن مقترحاتها بأن تقوم الوزارات المعنية التي تستوفي أجور وبدلات الخدمة التي تتقاضاها الدولة وإداراتها ومؤسساتها ذات الطابع الإداري وفق تقسيمات الباب السابع البند 71 من جدول إيرادات الموازنة العامة للدولة بإعادة النظر بتلك النسب أو المبالغ المحددة لكل منها، كما اقترحت أيضاً في نهاية الدراسة التي قدمتها إلى الحكومة جدولاً زمنياً لإصدار النصوص التشريعية في حال تم التوجه باعتماد مبدأ زيادة الإيرادات وفق المشار إليه في المقترحات.
ولم يخف مراقبون تأثير التوجه نحو زيادة نسبة جميع الرسوم والضرائب على السواد الأعظم من المواطنين بشكل سلبي، وخاصة أن الأسعار في ارتفاع مستمر وأن أي زيادة على الضرائب والرسوم المستوفاة من التجار والصناعيين وحتى المستوردين قد تدفع بهؤلاء إلى زيادة أسعار سلعهم لتعويض ما قد يعدونه خسارة إلى جانب الخسائر التي خلفها الخلل الحاصل بميزان سعر صرف العملات الأجنبية أمام الليرة السورية وخاصة الدولار واليورو.
إلا أن غسان القلاع رئيس اتحاد غرف التجارة السورية كان له رأي مخالف ومؤيد لرأي وزير المالية، فقد عد في تصريح لـ«تشرين» أن تلك الزيادة هي بمنزلة مساهمة في إعادة الإعمار، وهو لن يشكل عبئاً على دافع الضرائب والرسوم وإنما هو مساهمة من كل مكلف بهذه النسبة في إعادة الإعمار ولن يكون له تأثير على ارتفاع الأسعار في السوق لأن تغير سعر القطع كان له التأثير الأكبر والحكومة لابد لها من إيرادات للمساهمة في إعادة الإعمار، وهذا جزء من المساهمة.
وعدّ بعض المراقبين الاقتصاديين أن البلاد تمر بظروف استثنائية صعبة، بمعنى، حتى لو اتجهت الحكومة إلى زيادة نسبة الضرائب والرسوم 100% فهذا لن يعوض إلا جزءاً بسيطاً من الخسائر التي منيت بها الدولة بسبب الحرب الممنهجة التي تشن عليها من أطراف التآمر العربي والأجنبي، هذا من جهة، ومن جهة أخرى صعوبة التحصيل الضريبي وانعدامه في بعض المحافظات التي توقفت فيها الدوائر المالية عن العمل لن يؤدي إلى ما تطمح إليه الحكومة من زيادة في الإيرادات.