لم يخرج أداء المصارف العاملة في السوق السورية من فلك الأزمة طيلة عام 2012. بل كان أبرز ضحاياها على جبهة الخسارة الواقعة عليها، وهذا منطقي من الناحية التطبيقية للعمل المصرفي إذ أن ارتفاع نسبة المخاطر الإقراضية ألغى عملية الإقراض، وبالتالي باتت كلفة الودائع المصرفية خسارة بحد ذاتها. لكن الإطلال على بعض التجارب في إعادة هيكلة المحافظ المصرفية. ومثلها الإطلال على تجربة الاندماج بين المصارف قد يتيحان القليل من التفكير في طرق جديدة قد تلهم المدراء التنفيذيين ومثلهم مجالس إدارة المصارف الخاصة في سورية للنجاة من شرك الخسارة القاتل إن واظبت الأزمة في سورية على توالي فصولها في العام 2013.
ثلاثة مصارف خارج الأزمة
ليس هيّناً تقبل نتائج أعمال المصارف السورية الخاصة في النصف الأول من العام 2012 وفق تقرير سابق صادر عن هيئة الأوراق والأسواق المالية لا لجهة المصارف نفسها ولا لجهة الاقتصاد السوري عينه. لقد أوضح التقرير أن 11 مصرفاً قد أصابته الخسارة خلال النصف الأول من العام الماضي 2مليار ليرة مقابل 3 مصارف حققت أرباحاً بحيث تصدر بنك سورية الدولي الإسلامي المصارف الرابحة مع صافي أرباح بلغت 422 مليون ليرة ثم بنك عودة الذي حقق أرباحاً بلغت نحو 7 ملايين ليرة تلاه البنك العربي مع صافي أرباح بلغ 1.2 مليون ليرة.
11 مصارف طالته الخسائر
أيضاً كشف التقرير أن أكثر المصارف خسارةً كان بنك بيبلوس بعدما وصلت خسائره الى نحو 661 مليون ليرة، وبلغت خسائر المصرف الدولي للتجارة والتمويل 245 مليون ليرة. ووصلت خسائر بنك سورية والمهجر إلى حدود340 مليون ليرة. أما مصرف فرنسبنك فكانت خسائره 319 مليون ليرة، وبنك الأردن- سورية خسر 193 مليون ليرة. كما بلغت خسارة بنك قطر الوطني- سورية نحو 330 مليون ليرة، وناهزت خسائر بنك البركة نحو183 مليون ليرة، وكذلك وصلت خسائر بنك سورية والخليج إلى 134 مليون ليرة. بينما كانت خسارة بنك الشام قرابة86 مليون ليرة.
2013 عام اندماج المصارف في البحرين
قد يكون من الجائز لمجالس إدارة المصارف الخاصة في السوق السورية الإطلاع من باب الاستئناس على توقعات خالد حمد المدير التنفيذي للرقابة المصرفية في مصرف البحرين المركزي حين يتحدث عن مزيدٍ من الاندماجات بين المصارف والمؤسسات المالية العاملة في البحرين في العامين المقبلين وحسبما قال سيشهد العام 2013 اندماجات عدة بين بنوك قطاع التجزئة وقطاع الجملة - إسلامية وتقليدية وذلك بعدما شهد مطلع الشهر الأخير من العام 2012 حديثاً جاداً عن اندماج كامل لثلاثة مصارف إسلامية في البحرين وهي بيت إدارة المال وبنك كابيفست وبنك إيلاف بحيث يبلغ رأس مال المصارف المندمجة 350 مليون دولار. أما اندماج المصارف الثلاثة فإنه يأتي بعد فشل مصرفين إسلاميين هما بنك البحرين الإسلامي، ومصرف السلام- البحرين على الاندماج بسبب عدم الاتفاق على توزيع حصص ملكية المساهمين في المصرفين. لكن بيت التمويل الكويتي- البحرين عمل كمستشار لصفقة الاندماج لصالح البنوك الثلاثة في حين عملت مؤسسة تراورز وهاملين كمستشار قانوني وديلويت كمقيّم مستقل.
الاندماج كمفتاح لتجاوز الخسارة
لم تنهِ الملياري ليرة وهي حجم خسائر المصارف الخاصة في سورية خلال الستة الأشهر الأولى من العام 2012 صيام إداراتها الطويل عن الكلام. إذ لم يصدر عنهم وعلى نحوٍ ملموس أي تصريحات تفيد في الاستدلال على خططهم البديلة لكسر حلقة الخسارة الموجعة التي أصابتهم منذ عامٍ ونصف على الأقل. بل أن أكثرهم يتجنب الحديث إلى الإعلام. لقد راهنوا على الانتظار وخسروا الرهان في وقتٍ تبحث فيه إدارات مصارف عديدة في البحرين مثلاً اتفاقيات اندماج تحت تأثير إشباع طويل الأمد لسوق البحرين بما يخص عدد المصارف والتي لا يخجل الكثير منها في الإفصاح عن خسائره بسبب الاختلال في معادلة السوق حيث يحصي السوق المصرفي في البحرين نحو 100 مصرف في حين لا يتجاوز عدد سكانها 1.2 مليون نسمة. إذاً أن باعث الاندماج لديهم لم يرقَ إلى عتبة الأزمة الخانقة في سورية. وهنا يمكن الحديث أيضاً عن نجاح مفاوضات الاندماج بعد عامين بين بنك الإثمار وهو بنك تجزئة إسلامي مع بنك الإجارة الأول خلال جلستين منفصلتين غير عاديتين في فندق كي، وبموجب مسوّدة الاتفاق فإن بنك الإثمار سيضم بنك الإجارة إليه مقابل أن يقدم 4 أسهم عن كل سهم واحد يملكه مساهمو بنك الإجارة الأول الذي عانى خلال العامين الماضيين من تدني حجم أعماله، وتعرّضه إلى خسائر بسبب الأوضاع الاقتصادية. ويملك إثمار 43 % من بنك الإجارة في حين يملك الحصة الباقية نحو 30 مستثمراً.
المصدر: مجلة المصارف والتأمين / العدد 35 / تحقيق عدنان كدم