لم ترتفع الأسعار يوماً بهذا القدر بشكل لحظي ولم تشهدها السوق السورية من قبل.. بفعل الأزمة من يستطيع أن يجابه الأسعار وأين مسؤولو الحكومة سواء في المالية أو الاقتصاد أو المصرف المركزي من تآكل القوة الشرائية لليرة بحدود 60%؟
رئيس جمعية حماية المستهلك عدنان دخاخني أكد أمس أن التصريحات الصادرة عن مسؤولي الاقتصاد والعملة السورية على حد سواء، وبدلاً من أن يكون لها آثار إيجابية وتبعث الطمأنينة في نفس المواطن، وتسهم في خفض أسعار المواد وأسعار القطع الأجنبي في السوق، نجدها بدلاً من انخفاضها ترتفع.
وأشار دخاخني في تصريح لـ«الوطن» إلى أننا في كل مرة نسمع تصريحات جيدة من وزير الاقتصاد أو حاكم مصرف سورية المركزي، ولكن للأسف تكون النتائج معاكسة للطمأنينة أو لما فيه استقرار لمصلحة المستهلك «الذي وقع في دوامة لا نعرف متى تهدأ». ولفت دخاخني إلى أن ارتفاعات الأسعار التي كنا نراها شهرياً أو أسبوعياً في السابق تحولت اليوم إلى ارتفاعات يومية بل أصبحت أحياناً ارتفاعات بين ساعة وأخرى.
وضرب دخاخني مثال ذلك كيلو السكر حين كان يوم الثلاثاء الماضي بحدود 59.5 ليرة سورية بسعر الجملة، وقفز يوم الخميس الذي يليه إلى 66 ليرة، وأصبح أمس السبت بـ67.5 ليرة بسعر الجملة أيضاً.
وبيّن أنه عندما نقول إن سعر الدولار أصبح 83 ليرة سورية في السوق السوداء فإن القضية تحتاج إلى وقفة حقيقية، كما تطلب من المسؤولين وأجهزة الدولة المختلفة الممثلة بالاقتصاد والمالية وحاكم المركزي بكل إمكاناتهم وقدراتهم أن يخلقوا ثقة حقيقية عند المواطن، وأن يتحول كلامهم عن امتلاكنا لمخزون إستراتيجي من الغذاء والحبوب ومن القطع الأجنبي إلى واقع حقيقي لأن الواقع حالياً هو عكس التصريحات التي نسمعها من هنا وهناك.
وبالحساب مقابل الدولار.. اعتبر دخاخني أن القوة الشرائية للعملة السورية انخفضت إلى حدود 60% وأكثر على حد تعبيره، مشيراً إلى أن الليرة السورية بقيت محافظة على قيمتها أمام الدولار لأشهر عديدة بعد الأزمة حتى بدأت مزادات المركزي على بيع القطع الأجنبي فقفز الدولار الواحد حينها إلى 53 ليرة، وقال إنه في المزاد الثاني وصل إلى أكثر من 55 ليرة وهكذا حتى وصل حالياً في نشرة صرف المركزي إلى حدود 60 ليرة سورية، وذلك دون الحديث عن السعر في السوق السوداء.
وأضاف دخاخني: إن هذا الارتفاع ينعكس مباشرة على سعر السلع الغذائية أو الكمالية وخصوصاً أن منزل الأسرة لم يعد يبقى يعيش فقط على المواد الغذائية وإنما هناك دواء ونقل ولباس وأدوات أخرى.
فالقضية مهمة جداً وجميع أصحاب العقل والفكر والحكمة في الحكومة الرشيدة عليهم التشاور معاً للوصول إلى الحد من هذا الهدر والانخفاض الحاد في الليرة السورية لأن ما يجري اليوم هو انهيار لعملتنا الوطنية وليس هناك أي تفسير آخر، ولإيقاف هذا الانهيار يجب أن تكون هناك تصريحات تقترن بالأفعال، «وإلا فما الذي سيفعله المواطن ذو الدخل المحدود؟».
وتحدث رئيس جمعية حماية المستهلك عن الخوف على الوطن من هؤلاء المتلاعبين بالوطن والمواطن موضحاً أن المعالجة الأمنية التي تجري على الأرض يجب أن تقترن بمعالجة اقتصادية عاجلة نظراً للآثار الاجتماعية المترتبة عن هذا الواقع، «فاستقرار المواطن وأمنه جزء منه استقراره في لقمته ومعيشته اليومية».
وأكد أن جمعية حماية المستهلك ليست صاحبة قرار وإنما تنقل رغبة ونبض ووضع الشارع معتبراً أن القرار يبقى للجهات الحكومية المعنية وصاحبة المسؤولية في إعطاء صورة واضحة وصريحة وكلام موثق.
«أي إنه عندما تتحدث الحكومة عن توافر مادة أو سلعة ما يجب أن توثق الحكومة تصريحاتها بأنه يجب ألا نرى الناس تقف في طوابير لأن الثقة هنا مطلوبة».
وأضاف: عندما تقول الحكومة إنه لا مشكلة في مادة البنزين وإنه متوافر يجب ألا تكون الناس واقفة على محطات الوقود إلا إذا كان هذا الأمر مقدمة لرفع سعره كما حدث في أسطوانة الغاز موضحاً أن هذا حديث الشارع، ويجب أن تصل الكلمة الصريحة والواضحة إلى المسؤول صاحب السلطة التنفيذية.
وختم دخاخني: تتمثل مسوؤليتنا في إيصال الكلمة بأمانة إلى المسؤولين كي يكونوا على بيّنة من الواقع الذي يجري على الأرض، فالمستهلك اليوم لم يعد قادراً على تحمل الكثير من الأمور وهو في وضع مزر ويحتاج الأمر إلى وقفة صريحة وواضحة وفيها التزام أخلاقي وليس لإرضاء الذات فقط لأن المواطن يحتاج إلى استقرار أمني واقتصادي معاً.