أوضح رئيس "مجلس الوزراء" وائل الحلقي، أن الأمن الدوائي هو الشغل الشاغل للحكومة ولكل من يعمل في القطاع الصحي منذ بداية الأزمة، وقد اتخذت العديد من الإجراءات المهمة في هذا المجال سواء على المدى البعيد أم المتوسط أم المدى القريب العاجل، حيث صدر قرار اللجنة الاقتصادية بالموافقة على إقامة معامل دوائية في المناطق الآمنة والتي لا يوجد فيها معامل دوائية، وذلك حفاظاً على الأمن الدوائي في سورية، وتم إبرام اتفاقية مع جمهورية إيران الإسلامية بالاعتراف المتبادل بالشركات الدوائية المسجلة في كلا البلدين، ما يسهل استجرار الأدوية غير المتوافرة محلياً من إيران.
وقال في حواره مع صحيفة "الوطن" المحلية: "أما على المدى الإسعافي الحالي وفي إطار المحافظة على ضبط سعر الدواء وتوافره تم تنفيذ الزيارات إلى الصيدليات في إطار المراقبة الدوائية، بالإضافة إلى زيارات لمستودعات الدواء وذلك للوقوف على الأدوية غير المتوفرة محلياً، واتخاذ الإجراءات العاجلة لتأمينها من خلال السماح باستيراد الأدوية المفقودة من الدول الصديقة ضمن توجهات الحكومة بالتوجه شرقاً، والسماح للمشافي والهيئات الطبية في كافة الوزارات بالشراء المباشر للأدوية غير المتوافرة بالأسواق وغير المسجلة في "وزارة الصحة"، وخاصة الأدوية السرطانية بقيمة تصل إلى 100.000 دولار، وذلك وفقاً لقرارات الحكومة بالتوجه شرقاً".
وقال أيضا: "رغم كل الظروف فإن الأدوية غير المتوافرة في الصيدليات رغم الأزمة، خمس وخمسون صنفاً دوائياً، منها خمسة عشر صنفاً تعد من المستحضرات النوعية، وهنا لابد من الإشارة إلى أن أحد أهم أسباب عدم التوفر تعزى إلى توقف بعض معامل الأدوية عن الإنتاج وعددها نحو "18" معملاً دوائياً، نتيجة لتعرضها للسطو والتخريب، وتعذر نقل الأدوية من المعامل إلى المستودعات ومن المستودعات إلى الصيدليات، وتبذل الجهود لتوفير الأدوية المفقودة".
وبالنسبة للتحديات الاجتماعية قال الحلقي: "إن الحكومة قد افتتحت ما يقرب من 830 مركزاً لديها لإيواء المهجرين بشكل مؤقت على مستوى سورية، وتضم هذه المراكز: مدارس ومراكز رعاية اجتماعية ومراكز تنمية ريفية ووحدات الصناعات الريفية وبعض معسكرات الطلائع وأبنية ومنشآت حكومية أخرى، وهي تؤوي ما يقرب من 170 ألف مواطن من المتضررين".
ولفت إلى أن إجمالي الأسر المهجرة بلغ 918 ألف أسرة، نحو 4.9 ملايين فرد في جميع المحافظات، لجأ منها ما نسبته 5% نحو 170 ألف فرد إلى مراكز الإيواء الحكومية، التي تقدم فيها كافة أنواع الخدمات، في حين توزع الباقي في الأحياء السكنية الهادئة نسبياً، وهناك إعادة تقييم لإدارة هذه المراكز ستجريها "وزارة الشؤون الاجتماعية"، للتأكد من الالتزام بأساسيات إدارة دور الإيواء، كما تتلقى الوزارة الشكاوى المتعلقة بأي مخالفات موجودة وتعالجها بالتنسيق مع الجهات المعنية.
مع العلم أن ما تم صرفه على هذه المراكز تجاوز 12.4 مليار ل.س، يتم تقديمها بالكامل مابين الحكومة والمجتمع الأهلي والمنظمات الدولية غير الحكومية.
وأكد أن الحكومة اتبعت الحكومة خلال المراحل السابقة العديد من الآليات لدعم المستهلكين والمنتجين، وبينت المتابعات المستمرة بأن الآليات المتبعة لم تؤد إلى تحقيق الغايات المنشودة من هذا الدعم، من حيث ذهاب جزء لا يستهان به من الدعم إلى غير مستحقيه، وكذلك ظهور فئات استفادت من الآلية المعتمدة على غير وجه حق، ونظراً لتضاؤل الموارد المالية للدولة نتيجة الظروف الراهنة والحالة الاقتصادية من جهة، والحاجة إلى توفير متطلبات الشعب الأساسية والمحافظة على الموارد المتوافرة، فقد أصبحت الحاجة ماسة لإعادة هيكلة الدعم وضمان وصوله إلى مستحقيه.
ولفت إلى أن عملية إعادة توزيع الدعم تنطلق من اعتبارات عدة، منها الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وربط الدعم بالأهداف الاقتصادية والاجتماعية، وتوجيه الدعم للشرائح الأقل دخلاً، إلى جانب محاربة الهدر والفساد أياً كان شكله أو مصدره.
وأضاف: "من المتوقع أن يكون للإجراءات التي تمّ اتخاذها مؤخراً، في مسألة إعادة توجيه الدعم آثاراً إيجابية على صعيد عجز الموازنة العامة للدولة، وعلى صعيد التخفيف من حجم الهدر في الاستهلاك والتهريب إلى الدول المجاورة، والإنفاق غير المبرر المرتبط بآليات الدعم التي كانت متبعة".
وأكد أن هناك عدة سيناريوهات لإطلاق مجموعة من الإجراءات الموجهة لدعم القطاعات الاقتصادية الواعدة، إضافة إلى بعض الفئات الاجتماعية، وان التوجهات العامة لعملية الدعم تتجلى باستمرار تقديم الدعم للفقراء والمحتاجين، حيث بدأت الحكومة باتخاذ بعض الإجراءات بقدر ما مكنتها الأوضاع المالية، حيث تمت إعادة النظر بمبالغ الدعم بشكل بسيط لكل من البنزين والمازوت والفيول، وتحويل الأموال الناجمة من هذا الوفر لزيادة رواتب الموظفين مع التركيز على أن تكون الزيادة لمصلحة الشريحة الضعيفة، وكذلك زيادة رواتب المتقاعدين، كما تم إقرار زيادة الأموال المخصصة شهرياً لتأمين سلل غذائية للمتضررين جراء الأحداث، وتوفير الموارد المالية للجنة العليا للإغاثة وللجنة إعادة الإعمار، حيث تم رصد مبلغ 30 مليار ل.س لعام 2013 للتعويض على المتضررين.
ولفت إلى أن أي زيادة في الرواتب والأجور، يجب أن تترافق مع زيادة في الإنتاج والإنتاجية ما ينعكس إيجاباً على مستوى حياة المواطنين دون تشكيل عبء إضافي على الموازنة العامة للدولة في الوقت الراهن، في هذا الإطار نؤكد على إستراتيجية الدولة تجاه رفع مستوى المعيشة على المديين الآني والمتوسط، على تفعيل الحركة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
وعن علاقة الحكومة مع التجار قال الحلقي: "في الواقع تتميز العلاقة مع الفعاليات الاقتصادية والتجارية في القطاع الخاص والأهلي، بأنها علاقة شراكة تهدف إلى تفعيل الحركة التجارية والإنتاجية، والحد من حالات الاحتكار والمضاربة، وتعزيز وتسريع إعادة الاندماج بالعملية الاقتصادية والاجتماعية، لذا فإن تفعيل دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي من شأنه تخفيف درجة اعتماد الدولة على الاقتراض الخارجي في المديين المتوسط والبعيد، ولابد من إعطاء الاستثمار الوطني أولوية في إعادة إقلاع الحركة الاقتصادية في البلاد".
ولفت إلى أن الحكومة تتعامل مع رجال الأعمال وفق عدة مستويات، فمنهم من تحمل تكاليف كبيرة جراء الأزمة، وتدرس الحكومة هذه التكاليف بغرض تحديد أطر الدعم المناسبة لضمان استمراريتهم وعودتهم للعمل الإنتاجي، وهناك من اضطر للابتعاد والخروج من السوق لحين انتهاء الأزمة، بسبب التهديدات التي تعرض لها وأسرته، وانتشار ظاهرة الخطف والابتزاز المالي، وهنا نؤكد ضرورة البحث في إمكانية جذبهم وعودتهم للمساهمة في تفعيل العمل الإنتاجي والاستثماري عندما يستقر الوضع الأمني، مقابل ذلك منهم مازال يعمل ويسهم في دعم العملية الإنتاجية.
وأكد على ضرورة البحث المشترك معهم لتذليل معوقات العمل، وبحث إمكانية التوسع في الإنتاج.
وأشار إلى أنه تم تكليف "هيئة التخطيط والتعاون الدولي" تحضير الخطوط العامة لإستراتيجية إعادة البناء الاقتصادي والاجتماعي، إلى ذلك هناك برامج آنية وعاجلة تستهدف تفعيل الوضع الإنتاجي على المدى الأدنى والقصير "مثال برنامج تطوير سلة الإنتاج المحلي"، والتي تستند إلى تفعيل العلاقات التشاركية للحكومة مع القطاع العام والاقتصادي والقطاع الخاص والقطاع الأهلي.
وبلغة الأرقام، فقد بلغ إجمالي المبالغ المرصودة لإعادة الإعمار في عام 2013 مبلغ 30 مليار ل.س، والموافق على صرفها لتاريخه في لجنة إعادة الإعمار للأضرار العامة والخاصة حتى تاريخه بحدود 9 مليارات ل.س، منها: مبلغ 2.8 ل.س قيمة الأضرار العامة، ومبلغ 6.2 مليارات ل.س قيمة الأضرار الخاصة.