قال وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية محمد ظافر محبك، إنه: "عدد من التجار الذين خرجوا عن إطارات مهنهم الأساسية كتجارة البناء والأحذية وغيرهما وفجأة أرادوا أن يصبحوا تجاراً، وهؤلاء هدفهم الأول المتاجرة بدولار المصرف المركزي قبل أن يكون هدفهم تأمين السلع من حاجة السوق المحلية".
ونقلت صحيفة "تشرين" الحكومية، عن محبك، قوله إنه: "على الرغم من الأزمة الأسعار في سورية أقل من الدول المجاورة وغالبية السلع متوفرة في الأسواق المحلية وعندما نشعر بضغط على سلعة معينة منتجة محلياً نسارع كحكومة لوقف تصديرها ونحن نطمئن المواطن بأننا قادرون على تأمين جميع احتياجاته المعيشية".
وبين "نقوم بتذليل جميع الصعوبات في وجه المواطن وهناك أفكار جديدة لكن الأمر ليس مرتبطاً بالنهاية بوزارة الاقتصاد حصراً بل بجهات حكومية أخرى أيضاً".
وأضاف أن "هناك قرارات كثيرة اتخذتها الاقتصاد ولكن تعرضت لانتقادات حادة منها على سبيل المثال عندما أصدرنا قراراً بمنع التصدير تعرضنا لانتقادات كثيرة ولكن عندما يصل سعر كيلو البندورة للمواطن السوري إلى أكثر من 200 ليرة فهذا غير مقبول لأن الأولى بالاستهلاك هو المستهلك المحلي".
أما قرار الوزارة بوضع آليات الأشغال المستعملة الموجودة في المناطق الحرة السورية بالاستهلاك المحلي، فكان يهدف بحسب محبك، لـ"استغلال هذه الآليات التي يفوق عددها 1000 آلية وفعلاً دخلت حوالي 85 شاحنة وفرت لخزينة الدولة حوالي 45 مليون ليرة كرسوم".
وطالب محبك، بـ"دخول كل الآليات الموجودة في المناطق الحرة، البعض يقول إنها خردة ولكننا في وقت أحوج ما نكون فيه لاستغلال ما يمكن استغلاله من الإمكانيات المتوفرة".
وأضاف أن "الحكومة تواجه مشكلة عند تخفيض الأسعار جراء عمليات التهريب لها إلى دول الجوار كالأدوية والسكر والمشتقات النفطية وغيرها من المواد الأساسية، لذا أصدر قرار من رئاسة مجلس الوزراء بمنع المسافر من اصطحاب المواد الغذائية تشكيل لجنة تدرس الإمكانيات الإنتاجية للصناعات وخاصة الغذائية والمواد الأولية ورفع طاقاتها الإنتاجية إلى أبعد الحدود
وحول عمل "هيئة الاستثمار"، قال محبك، "جئت إلى هيئة الاستثمار ووجدتها تعمل وفق العقلية القديمة فرغم وجود النافذة الواحدة إلا أن المستثمر ما زال يحتاج إلى موافقات قد تصل أحياناً إلى 18 وزارة وبالتالي فإن معوقات الاستثمار التي كانت موجودة سابقاً لا تزال على حالها ولم ننجح في تأسيس بيئة استثمارية جاذبة للمستثمرين".
وأشار إلى "الفساد الأمر الذي أثر على قدوم المستثمرين إلينا والحفاظ على مستثمرينا المحليين وهذا كله كان موجوداً ما قبل الأزمة، وهذا يعود إلى النظرة الضيقة لموضوع الاستثمار، فليس من واجب الدولة أن تقوم بإفقار الأغنياء حتى تحمي الفقراء بل عليها تأمين حماية جميع الفئات وبالنتيجة سترفع الطاقة الانتاجية للبلد بأكمله والعمل على عودة استثمارات السوريين في بلاد الاغتراب وخاصة في الدول العربية ولاسيما السعودية والإمارات ومصر وتونس وغيرها".
وبين أنه "من أكثر الصعوبات التي يواجهها الاستثمار لدينا موضوع عدم استعداد الوزارات المعنية بأي استثمار للتخلي عن صلاحيتها لمصلحة هيئة الاستثمار، وهذا أثر على مستوى تنفيذ الاستثمارات لدينا إذ كنا نسمع عن تشميل مئات المشروعات الاستثمارية سنوياً بمليارات الليرات لكن نسب التنفيذ لم تكن تتجاوز نسبة 3% على أرض الواقع".
وأوضح "طلبنا من هيئة الاستثمار وضع تصور لقانون استثمار جديد يعمل على تخفيف العراقيل أمام المستثمرين، لأن الاستثمار هو الاقتصاد ولا اقتصاد دون استثمارات، فلا يوجد أي مبرر لرفض أي مشروعات إنتاجية بحجة وجود فائض لدينا من منتجاتها، لأن المستثمر الذي نرفض مشروعه سيتجه نحو الخارج وسنفقد جزءاً من طاقتنا الانتاجية".
ولفت محبك إلى أنه "يجب أن تكون هيئة الاستثمار تحتوي على إدارات رئيسية أهمها إدارة مسؤولة عن الإشراف والرعاية على الاستثمار، وإدارة أخرى مهمتها التسويق وعرض الاستثمارات وخاصة المشروعات الرائدة مثل موضوع قطارات الأنفاق التي سمعنا عنها منذ ثلاثة عقود ولم نحصد إلا الفشل في موضوع النقل الداخلي والقيام بعدد من المحاولات التي أدت إلى تعقيد مشكلاتنا في النقل".
ونوه إلى "مؤسسة الطيران التي تعتبر من أعرق المؤسسات العربية لكن للأسف جميع المؤسسات العربية تطورت وبقيت السورية للطيران على حالتها بسبب العراقيل التي كانت موجودة في هذا المجال".
وأوضح محبك "ربما تأخرنا في إعداد هذا القانون بسبب الظروف الحالية، لكننا بحاجة إلى شحذ الهمم وبذل جهود جبارة لتعديل عقليتنا وقوانيننا الاستثمارية وتوحيدها في قانون واحد، يشكل نواة لوزارة متخصصة في التنمية الاقتصادية لأن لمثل هذه الوزارة دوراً بارزاً في تحقيق التنمية الاقتصادية مستقبلاً".
وبالنسبة لغلاء الأسعار قال وزير الاقتصاد، إنه: "توجد قرارات وإجراءات عديدة يُعمل على دراستها بهذا الخصوص أهمها التسعير الإداري، الذي يعد شأناً حكومياً وليس معنياً بوزارة محددة لكن عموماً قد تطلب رئاسة الحكومة تشكيل لجنة تضم ممثلين عن الجهات المعنية أو أن تتولى وزارة التجارة الداخلية إجراء دراسة تفصيلية تقدم المقترحات وترفعها للحكومة لكن عموماً يحتاج التسعير الإداري إلى دراسة متأنية دقيقة تجنباً لحصول أي إشكالية".
وأضاف أن "الحكومة تواجه مشكلة عند تخفيض الأسعار جراء عمليات التهريب لها إلى دول الجوار كالأدوية والسكر والمشتقات النفطية وغيرها من المواد الأساسية، لذا أصدر قرار من رئاسة مجلس الوزراء بمنع المسافر من اصطحاب المواد الغذائية معه مع أنه كان في السابق يعد تصديراً غير منظور ويشكل ميزة للاقتصاد الوطني لكنه جرى منع ذلك في الظرف الراهن كيلا تستنزف السوق المحلية بشكل يتسبب في حرمان المواطن من هذه المنتجات وكأنه واجب سورية إطعام الدول المجاورة قبل تأمين احتياجات أبنائها".
لكنه أوضح أن "تخفيض الأسعار الكبير يعرض الدولة لخسائر كبيرة جراء التهريب المفروض على الدولة أن تكافحه، لكن في الظرف الراهن يصعب تحقيق ذلك، ومن هنا تجب دراسة التسعير الإداري بدقة تجنباً لحصول مثل هذه الإشكاليات علماً أنه لا يعد إستراتيجية وإنما يعد حلاً من الحلول لأزمة الغلاء الحاصلة إلا أنه مع انتهاء الأزمة وعودة الاستقرار ستقوم الحكومة بتغيير جميع الاستثناءات المتخذة من رحم الأزمة".
وأُقترح محبك على رئيس "مجلس الوزراء"، "تشكيل لجنة تدرس الإمكانيات الإنتاجية للصناعات وخاصة الغذائية والمواد الأولية ورفع طاقاتها الإنتاجية إلى أبعد الحدود وتذليل الصعوبات أمامها مع تدعيم هذا الإجراء عبر قيام الحكومة من خلال مؤسساتها بشراء الإنتاج وإعادة طرحه بأسعار مقبولة".
وبين أنه "هذه الفكرة وجدت صدى طيباً لدى رئيس مجلس الوزراء، خاصة عند تطبيقها سيكون له آثار إيجابية علماً أن اللجنة قد شكلت ويبقى أن تجتمع وتقرر كيفية تطبيق هذه الخطوة المهمة، أما المقترح الثالث ويدرس حالياً فيتمثل بنقل المصانع إلى المناطق الآمنة".
وأوضح أنه "قرار اتخذ سابقاً لكن المستجد جدية بعض الصناعيين بنقل منشآتهم إلى المناطق الحرة في اللاذقية وطرطوس مع أنه توجد مناطق صناعية أمنة إلا أن مطلبهم العمل داخل المناطق الحرة وكأنهم يعملون داخل الاقتصاد الوطني، حيث أبدوا استعدادهم لإقامة مصانع جديدة في هذه المناطق حتى لو كانت مصانعهم قد دمرت في حلب وحمص وغيرهما من المناطق السورية شرط تسهيل وتسيير معاملاتهم من دون تعقيدات".
وأشار محبك إلى أنه "أمر يعمل على معالجته عبر إيجاد صيغة معينة عبر المفاوضات والمشاورات بين الأطراف المعنية بغية تحقيق هذا الهدف بشكل يضمن في النهاية تأمين السلع للمواطنين بأسعار مقبولة".
وحول أن إجازات الاستيراد لم تلب حاجة الواقع الاقتصادي من السلع الأساسية، قال محبك إنه: "عندما يكون السعر الاحتكاري هو المكون الأساسي في الأسعار، بمعنى عندما يقوم مستورد باستيراد الشاي وهو مستورد وحيد أو منتج وحيد للسلعة عندها تكون أرباحه عالية على اعتبار أنه متميز باحتكار هذه المادة، وعندما تسمح للآخرين باستيراد هذه السلعة فعندها تنخفض الأسعار".
وأضاف أنه "إذا كانت قناعتنا بأن الأسعار الاحتكارية هي المكون الأساسي في الأسعار المحلية فعندها يمكن القول: إن كثرة المستوردين تؤدي إلى انخفاض الأسعار، ولكن في المقابل عندما يشعر المستوردون بأن قيمة الليرة السورية انخفضت وبالتالي ارتفعت التكاليف، فهذا معناه وجود قيد أمام هؤلاء المستوردين، وهذا ما نسميه ارتفاع التكاليف وليس ارتفاع هامش الربح، أي عندما تكون التكلفة للجميع عالية فالأسعار عندها تكون عالية".
وأشار إلى أن "الوزارة حالياً تمنح إجازات استيراد وفق سلم أولويات أطلقنا عليه ترشيد الاستيراد، إلا أن جميع إجازات الاستيراد التي تمنحها الوزارة يمكن أن تكون لمستورد وحيد قادر على أن يؤمن السلع بأضعاف ما تستطيع مجموعة من المستوردين تأمينه، ومن هذا المنطلق عندما يتقدم أي مستورد بطلب الحصول على إجازة استيراد 50 ألف طن سكر، فإن الوزارة تطلب منه استيراد كمية 5 آلاف على سبيل المثال".
وبين أن "هذا لفسح المجال أمام غيره من المستوردين لتأمين المادة، وهذا بحد ذاته من شأنه أن يخفض الأسعار، وبما أن الوزارة تقوم حالياً بدراسة الاحتياجات من المواد الأساسية لمدة عام كامل، وبما أن جميع من يتقدم للحصول على إجازات استيراد تتطابق مع الاحتياج المحلي لمدة عام مقارنة بالسنوات السابقة وبما يغطي الحاجة المحلية بنسبة 100% فإن الوزارة عندها تستمر بمنح إجازات الاستيراد، وعندما تزيد الحاجة بمقدار 20% فإن الوزارة تتوقف عن منح الإجازات".
وأشار إلى أن "النسبة الزائدة تدخل حينها في احتياجات العام الذي يلي العام المقدرة احتياجاته، إذاً ما تمنحه الوزارة من إجازات ليس الغرض منه العدد أو الكمية، إنما دراسة حجم المستوردات التي سيستوردها القطاع العام أو الخاص وغيرها، وهذا ما يسمى بترشيد المستوردات قامت به الوزارة عندما شعرت بأن الضغط يزداد على القطع الأجنبي في السوق السوداء من جهة".
ومن جهة أخرى، "الحفاظ على احتياطي المركزي من القطع، وبالتالي جميع الطلبات التي يتقدم أصحابها للحصول على إجازات استيراد للسلع الكمالية يتم التريث بها لحين إيجاد آلية مناسبة للموافقة عليها بما لا يتعارض مع عملية الترشيد سواءً بالقطع أو حاجة السوق".
كما لفت وزير الاقتصادي إلى أن "الوزارة أصدرت تعليمات جديدة للحد من هذه الظاهرة ومنع الغش والتلاعب بإجازات الاستيراد، وهي تخفيض مدة صلاحية إجازة الاستيراد إلى ستة أشهر بعد أن كانت الصلاحية لعام، كذلك منع تحويل إجازة الاستيراد من شخص لآخر لمنع ما يسمى التجارة بالتجارة التي تؤدي أيضاً إلى ارتفاع هوامش التكلفة على المستورد، بالإضافة إلى عدم منح أي مستورد إجازة استيراد حتى يتقدم بإثبات أنه نفذ الإجازة الأولى التي حصل عليها".
وأضاف أن "العبرة ليست بالمستورد وإنما بالمادة المستوردة، بمعنى أن المستورد الراغب بالحصول على إجازتين لاستيراد سلعتين مختلفتين للسكر والرز مثلاً، يمنح الإجازتين، ولكن عندما يتقدم للحصول على إجازة ثانية لإحدى المادتين السابقتين نفسهما لا تعطى الإجازة له حتى يتقدم بوثيقة تثبت أنه نفذ الإجازة الأولى وهكذا".
وقال محبك إن: "هذا من شأنه أن يمنع التلاعب بالإجازات ودخول أشخاص يعتقدون أنهم سيصبحون مستوردين بموجب حصولهم على الإجازات، وهذا ما حصل بالفعل مع عدد من التجار الذين خرجوا عن إطارات مهنهم الأساسية كتجارة البناء والأحذية وغيرهما وفجأة أرادوا أن يصبحوا تجاراً، وهؤلاء هدفهم الأول المتاجرة بدولار المصرف المركزي قبل أن يكون هدفهم تأمين السلع من حاجة السوق المحلية".
وأوضح أنه "كان للوزارة رأي محدد بهذا الخصوص وهو التقنين في المستوردات وترشيدها بما يتناسب مع الحاجة المحلية لعام كامل كذلك منع التلاعب بالإجازات تنفيذاً لغايات شخصية غير مشروعة".