بعد تسريبات صحيفة حول تورط جهات لبنانية بعمليات المضاربة على الليرة السورية ورفع سعر صرف الدولار في السوق المحلية، تؤكد اليوم وكالة الأنباء الرسمية "سانا" الأمر كاشفة عن عثور الجهات المختصة على كميات كبيرة من الدولارات المزورة وأن أحد الموقوفين من الجنسية اللبنانية يعترف بتعاونه مع عدد من شركات الصرافة المرخصة".
يترافق ذلك مع تعميم لمصرف سورية المركزي إلى شركات الصرافة يحذرها فيه من مخالفة تعليماته، والتي تتم في بعض الشركات عبر تسليم المواطنين مبالغ من القطع الأجنبي مختلفة عن المبالغ المثبتة بالأسعار، أي التي تقدم مبالغ وفواتير مختلفة عما يشتريه المواطن، تحت طائلة إلغاء الترخيص والغرامة التي قد تصل إلى 100 مليون ليرة سورية.
وكان متعاملون في السوق السوداء قد أكدوا لموقع " B2B " مؤخراً أن موظفين من داخل شركات الصرافة يقومون بالاتصال بهم لبيع كميات من الدولار بشكل يومي بسعر السوق السوداء - قرابة 200 ليرة سورية - ما يؤكد أن الكميات التي تحصل عليها هذه الشركات بسعر التدخل- 175 ليرة سورية تقريباً- لا تباع جميعها للمواطن وفق تعليمات المركزي وأن الشركات تستفيد من عملية تدخل المركزي في السوق بطريقة تضاعف أرباحها على حساب بعض الصناعيين الذين استهجنوا أهمية بقاء هذه الشركات كوسيط للتدخل والربح بينما يمتنع المركزي عن تزويدهم بالقطع معتبراً أن المواد التي ينتجونها ليست ضمن قائمة الأولوية والضرورية للمجتمع السوري.
إلى ذلك صدر منذ ثلاثة أيام المرسوم الخاص بـ"منع التعامل بغير الليرة السورية " والذي يسمح في إحدى مواده بتحول مصرف سورية المركزي إلى " مخفر اقتصادي " -إن جاز التعبير - بإحداث ضابطة عدلية متخصصة فيه مهمتها تنفيذ أحكام المرسوم وملاحقة المخالفين على أن تكون "الضبوط المنظمة من قبل عناصر الضابطة العدلية صحيحة ما لم يثبت عكسها".
مجمل هذه الإجراءات توحي أن سلوكاً مختلفاً بدأنا نلحظه بالتعامل مع قضية شركات الصرافة "الباب الخلفي للسوق السوداء" الذي يسهل انسياب القطع من المركزي إلى كبار التجار والمضاربين بفواتير مزورة وأساليب ملتوية حولت عدد لا بأس به من المواطنين إلى شريك في المضاربة على العملة الوطنية ابتغاء لربح قد لا يتجاوز 10000 ليرة سورية أجرة وقوف في الطابور أمام إحدى الشركات لمدة ساعتين أو ثلاث.
رئيس لجنة القوانين المالية في مجلس الشعب د.عمار بكداش اقترح توسيع قاعدة البنوك التي تبيع القطع للمواطنين وتشميلها مزيدا من البنوك الخاصة لإلغاء دور شركات الصرافة باعتبار البنوك تلتزم بمعايير وقيود أكبر.
إذا فيما تشير اجراءات الحكومة والمصرف المركزي على حد سواء إلى "تشديد القيود "على شركات الصرافة، فإن آراء عديدة لمسناها مؤخراً تذهب أبعد من ذلك بضرورة إخراجها من المعادلة نهائياً، وخاصة بعد تأكيد مصدر رسمي اليوم عن تورطها بلعبة المضاربة وتشكيلها حلقة وصل بين مضاربي الداخل والخارج كما أوردت "سانا".
السؤال الأبرز اليوم لدى المواطنين " هل من مستفيد من وجود هذه الشركات لكي نصر على وجودها لهذه الدرجة !!" أم أن هناك ضرورات إجرائية تقتضي وجودها وهي خارج حساباتنا .. بكل الأحول لمسنا مؤخراً لدى المسؤولين الاقتصاديين والماليين نوعاً من الاستجابة السريعة لعدد من الشائعات والتساؤلات التي تدور في حديث وذهن المواطن السوري، فيما يبقى هذا التساؤل خارج دائرة التوضيح منذ أشهر.