ذكرت مجلة الإيكونوميست البريطانية أن الاقتصاد السورى يترنح تحت وطأة الحرب التي دخلت عامها الثالث، ما أدى إلى تراجع النشاط الاقتصادى فى دمشق وحلب، أكبر مدينتين فى البلاد وارتفعت معدلات التضخم.
وقالت المجلة واسعة الانتشار فى تقرير لها، إن معدل البطالة فى سورية ارتفع إلى 60%، كما أن خزائن الحكومة فارغة، وانخفض إنتاج النفط إلى 40 ألف برميل/ يوميا، من 380 ألف برميل/ يوميا قبل بدء الأزمة والحرب في سورية، كما تبلغ فاتورة العقوبات على قطاع النفط وأعمال التخريب بالنسبة للحكومة السورية 13 مليار دولار على الأقل.
وفى يناير الماضى، وقّعت الحكومة السورية على بروتوكول ينظّم مقايضة النفط مقابل الغذاء لمواجهة الأزمة الاقتصادية الناتجة عن العقوبات المفروضة عليها على خلفية الأحداث الجارية فى البلاد.
وتبرر وزارة الاقتصاد السورية اللجوء للمقايضة لكسر الحصار والعقوبات المفروضة على سورية ووقف التعامل باليورو والدولار، وهو ما أدى لتراجع احتياطى النقد الأجنبى هناك إلى أقل من 4 مليارات دولار حسب إحصائيات رسمية ولأقل من مليارى دولار طبقا لمصادر غربية.
ويضيف التقرير المنشور فى عدد المجلة للأسبوع الجارى أن مستوى إنتاج قطاعات الزراعة، والتجارة والتصنيع أصبح أقل من ثلث مستوياتها قبل الحرب، كما تراجعت الليرة السورية من 47 للدولار عندما بدات الأزمة إلى نحو 210 اليوم.
ويذكر أن خبراء الأمم المتحدة فى العاصمة اللبنانية يقولون إن 19٪ من السوريين يعيشون تحت خط الفقر حاليا، مقارنة بأقل من 1٪ قبل الحرب.
وينقل التقرير عن جهاد يازجى المحلل الاقتصادى ورئيس تحرير النشرة الاقتصادية "سيريا ريبورت" ومقره بيروت قوله " على الرغم من زيادة الفقر تعنى أن السوريين بحاجة إلى مزيد من الخدمات الحكومية، إلا أن إغلاق المدارس والمستشفيات، بسبب القتال، خفض الطلب على الأموال".
وبسبب تجميد الاستثمار فى الطرق الجديدة، والتى تمثل ما يقرب من نصف الميزانية قبل الحرب، أعلى النسب فى العالم، وفرت الحكومة السورية الأموال لدفع رواتب 2 مليون موظف مما ساعد على دعم الإنفاق الاستهلاكى.
وفى 22 يونيو الماضى، أقرت الحكومة السورية زيادة الأجور لموظفى الخدمة المدنية، ولكن بعد يومين من ارتفاع أسعار الوقود، أصبح عدد قليل من الناس يحتفلون بزيادة الأجور،وتقوم جماعات لبنانية بتهريب الوقود إلى سوريا التى تعانى شحا فى الإمدادات بسبب عقوبات غربية.
ويذكر تقرير الإيكونوميست أن الأمور تزداد سوءا باستمرار، ففى يوم 4 أغسطس الجارى، حظر الحكومة السورية استخدام او التعامل العملات الأجنبية، كما رفعت شركات الهاتف المحمول تكلفة المكالمات الدولية لجمع الأموال.
ويذكر التقرير أن معظم المحللين يرجحون أن الحكومة السورية قادرة على البقاء في السلطة بسبب المصاعب الاقتصادية وحدها، على الرغم من انخفاض قيمة العملة السورية أصبح مؤلما للحكومة ولكن ليس قاتلا، ونفاد معظم الاحتياطيات الأجنبية والتى بلغت 18 مليار دولار قبل الحرب، لكنها لا تزال تكفى واردات البلاد لمدة ثلاثة أشهر، كما يقول مسئولون سابقون بالحكومة السورية.
وترى الإيكونوميست أن الأهم من ذلك، هو أن النظام السورى قادر فى الاعتماد على حلفائه، وخاصة إيران وروسيا، لمساعدته فى تمويل الواردات ، حيث وافقت إيران مؤخرا على تقديم خط ائتمان ونفط وأدوية بقيمة 3.6 مليار دولار لسورية، وأنه حتى بدون هذه المساعدة فقد تفادى النظام فى زيمبابوى والعراق الضغوط فى ظل الصعوبة التى يواجهها مواطنو الدولتين فى الوفاء باحتياجاتهم، وتضيف أن السوريين أصبحوا يتعودون على العيش فى ظل اقتصاد الحرب.
وتنقل المجلة البريطانية عن يزيد صايغ، من مركز كارنيجى للشرق الأوسط، ومقره بيروت، إن سوريا تشهد إرساء نظام جديد يكرس البؤس، مضيفا أنه يتوقع "العودة إلى الاقتصادات المحلية والكفاف فضلا عن سبل جديدة لكسب المال".