قصة دعم الجودة بدأت عام 2004، بعد توقيع لبنان اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوربي، إذ لوحظ بعد مراجعة ميزان الصادرات بين الطرفين أن نحو 45% مما يستورده لبنان مصدره الاتحاد الأوروبي، في المقابل فإن صادرات لبنان أقل بكثير من هذا الحجم. ولأن وزارة الاقتصاد والتجارة تهدف إلى شراكة متكافئة، أرسل الاتحاد الأوروبي الخبراء لدرس أسباب ضعف الصادرات، فتبين أن جودة السلع أو الخدمات ليست في المستوى المطلوب، وعليه تقرر مساعدة لبنان ومنحه في المرحلة الأولى 15 مليون أورو لتقوية البنية التحتية للجودة اللبنانية. في المرحلة الثالثة من برنامج دعم الجودة، قررت الوزارة الاهتمام أكثر بالقطاع العام، وأعلن أخيراً أسماء 5 إدارات عامة ستحصل على الدعم، هي: المعهد الوطني للادارة، الجامعة اللبنانية، المديرية العامة للأمن العام، المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي - شرطة بيروت، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وذلك في مؤتمر صحافي عقده وزيرا الاقتصاد والتجارة نقولا نحاس والتنمية الإدارية محمد فنيش في مقر الوزارة الثانية. الوزير فنيش أوضح لـ"النهار"، أن "برنامج دعم الجودة تم تطبيقه في القطاع الخاص بالتعاون بين وزارة الاقتصاد والتجارة والاتحاد الأوروبي وسعينا لادخال القطاع العام فيه"، مشيراً إلى أن الهدف من البرنامج "تحسين جودة الخدمة التي يؤديها القطاع العام بحسب المعايير الدولية". وقال: "عبر هذا البرنامج ستحصل الادارة على شهادة تثبت أن خدماتها تنطبق عليها معايير الجودة، كما تم إشراك القطاع العام في المنافسة على الجائزة "اللبنانية للامتياز".
المشاريع الثلاثة
من جهته، لفت مدير برنامج الجودة في وزارة الاقتصاد والتجارة الدكتور علي برو إلى أن "البنية التحتية للجودة تشمل المواصفات والمقاييس، شبكة المختبرات المعتمدة دوليا، الميترولوجيا وهي علم القياس، شهادات المصادقة، التفتيش والرقابة، حماية المستهلك، والاعتماد". وأوضح لـ"النهار" أن "الهدف الرئيسي من برنامج الجودة، تحسين مستوى السلع والخدمات المقدمة للمستهلك اللبناني حرصا على سلامته وأمنه الغذائي، ومساعدة الصناعات اللبنانية في زيادة صادرات لبنان إلى الخارج، وتقوية الاقتصاد وتوفير الوظائف".
المشروع الأول ضمن هذا البرنامج قيمته 15 مليون أورو، انطلق في بداية 2004 واستمر حتى نهاية 2007، أما الثاني فانطلق في بداية 2008 واستمر حتى تشرين الأول 2009 بقيمة 2,1 مليوني أورو. وبحسب برو، قدم المشروع "نتائج كبيرة، إذ دعمنا مؤسسة المقاييس والمواصفات اللبنانية "ليبنور" بالتدريب وارسلنا اليها الخبراء حتى تحسن من نظام عملها بشكل يتوافق مع المنظمة العالمية "أيزو"، كما دعمنا 16 مختبرا رسميا وخاصا باتت معتمدة دوليا، بمعدات الاختبار (قيمتها 5 ملايين أورو)، خصوصا في سلامة الغذاء والتدريب الفني، لتصبح شهادات المتدربين موثوقاً فيها عالميا".
أضاف: "دعمنا 50 مصنعا غذائيا وغير غذائي في لبنان، وتم تحسين إدارة الجودة لديها وبدأ السير في تطبيقها. 26 من هذه المصانع غذائية تنتج مأكولات لبنانية و24 غير غذائية، وبعد زيارات الخبراء الدوليين والتقييم، حصل 20 مصنعاً غذائياً على شهادة "أيزو الدولية 22000 - نظام إدارة سلامة الغذاء" و20 مصنعا غير غذائي على شهادة "أيزو 9001 - نظام إدارة الجودة"، وساعدنا مؤسستين في القطاع العام في حيازة شهادة "أيزو 9001 - نظام إدارة الجودة"، هما: وحدة الجودة في وزارة الاقتصاد والتجارة، ومؤسسة المقاييس والمواصفات اللبنانية "ليبنور".
وضمن البرنامج تم ايضا "نشر ثقافة الجودة في القطاعات والجامعات والمعاهد والمدارس الثانوية وقدمنا مساعدات فنية الى وزارات عدة". كذلك أشار برو إلى "تقديم 8 مشاريع قوانين، لأنه كان علينا تحديث التشريعات حتى تتماشى مع العصر الحديث. وهي: سلامة الغذاء، علم القياس، قانون التقييس، القواعد الفنية واجراءات تقييم المطابقة، المنافسة، ومشروع تنمية الصادرات"، مشيراً إلى أن "مشروع قانون سلامة الغذاء لم يمر بعدما اعترضت عليه إحدى الوزارات اعتقاداً منها انه يسطو على صلاحياتها".
دعم القطاع العام
أما بالنسبة إلى المشروع الثالث (قيمته 6 ملايين أورو)، والذي بدأ في آب 2012 وينتهي في الشهر عينه من 2014، فسيهتم بالقطاع العام، وفي الوقت نفسه يواصل فيه تطبيق القوانين والمعايير التي توصلت إليها الوزارة عبر برنامج الجودة. وبحسب برو، يعمل البرنامج في هذه المرحلة أيضاً على "سلامة الغذاء، ويساعد 20 مصنعاً غذائياً جديداً للحصول على "أيزو 22000"، و10 مصانع أخرى لتطبق نظام التتبع، الذي يساعد في رصد السلعة منذ التحضير لزراعتها حتى وصولها إلى المستهلك، وتاليا مساعدة القطاع العام في ممارسة الرقابة على المصانع". وقال: "الاهتمام بالقطاع العام في هذه المرحلة يهدف إلى تطوير القطاع حتى يتماشى مع القطاع الخاص، ويطبق القوانين اللازمة، ويتبع نظم إدارة الجودة في عمله، حتى نرتقي بخدمات القطاع العام ونحسنها، وفي الوقت نفسه رفع شأن القطاعات لتصل إلى مستوى تستطيع فيه التعاطي مع مثيلاتها في الدول الغربية". وضمن مبادرة "دعم الجودة في القطاع العام"، جاء اختيار الإدارات الخمس بعد تقييم أجراه خبراء أوروبيون ومحليون عبر استبيان علمي، وستتم مساعدتها وتدريب موظفيها وارسال الخبراء لوضع نظام إدارة الجودة، وإذا نجحت في تطبيقه تحصل على شهادة "الأيزوا الدولية 9001".
وأوضح أن "45 إدارة تقدمت بطلبات لمساعدتها في تحسين جودة خدماتها، وبعد تقييم علمي تقرر مساعدة 5 إدارات، وسنتابع البرنامج مع الإدارات الاخرى في المراحل اللاحقة"، لافتاً إلى أن "الوزارة فتحت مجال تلقي الدورات التدريبية لكل الإدارات، لكن يتم ارسال الخبراء والمستشارين الى الادارات الخمس التي نساعدها في تطبيق نظام إدارة الجودة بهدف تحسين خدماتها للمواطنين". وقال برو: "نفذنا حتى اليوم لكل الادارات 3 دورات تدريب، أما الادارات الخمس فأرسل إليها الخبراء لمساعدتها في وضع نظام إدارة الجودة". كما ذكّر بـ"اشراك القطاع العام وهيئات المجتمع المدني بالجائزة اللبنانية للامتياز برعاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان".