قال حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور أديب ميالة إن تهاوي سعر الدولار في السوق السورية يعود بالدرجة الأولى الى جانب الاجراءات التي يتخذها المصرف المركزي إلى تراجع الأسباب التي أدت الى تأجيج سعره ورفعه بشكل وهمي من خلال استغلال هواجس المواطنين حول الأزمة الحالية في سورية، مشيراً الى أن هذه الأسباب تتمحور حول تراجع الضغوطات التي تمارسها الدول والجهات التي تستهدف سورية والتي كان لها أثر سلبي على شريحة من المواطنين ما دفع بعضهم الى الاكتناز والادخار بالعملات الأجنبية
ولا سيما الدولار منها موضحاً أن تراجع هذه الضغوطات أفسح المجال حتى تعود الأمور إلى نصابها الصحيح وبالتالي ارتياح أكبر لدى شريحة المواطنين التي تأثرت وبالتالي بدأ المواطن المتأثر بهذه الحالة يعود إلى حياته الطبيعية تدريجياً وما يعنيه أيضا بدء تعافي دورة الانتاج المحلي ودورانها من جديد لتلبية احتياجات المواطنين، الذين سيرتفع معدل استهلاكهم من جديد كنتيجة طبيعية لابتعادهم عن الادخار ومباشرتهم انفاق بعض ما ادخروه على حياتهم اليومية مؤكداً في الوقت نفسه انها معطيات تفضي الى عودة دورة الاقتصاد الوطني الى مستوياتها المعتادة مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه العودة ستكون تدريجية كما تباطأت تدريجياً مع بدايات الأزمة التي ألمت بسورية وعليه يضيف الدكتورميالة فإن عودة الحياة لطبيعتها تقلل بشكل تدريجي من الطلب على الدولار وتخفف من ألقه في أنظار المواطنين السوريين.
مفاعيل مؤجلة الأثر
حاكم مصرف سورية المركزي أكد وفقا لصحيفة " الثورة " أهمية القرارات والسياسات التي اتخذتها السلطات النقدية في سورية لجهة أن هذه القرارات بدأت تعطي مفعولها الحقيقي على أوسع نطاق في الفترة الحالية بالنظر الى أن القرارات النقدية لا تعطي مفعولها بشكل فوري وآني وفق اتخاذها أو إصدارها بالنظر الى انها تتطلب فترة من الزمن حتى تعطي نتائجها وآثارها بشكل فعلي، مع الاخذ بعين الاعتبار وجود مجموعة من المعطيات والقرارات التي تؤثر في سعر صرف القطع الاجنبي بالاضافة الى حزمة من المراسيم والتشريعات الاخرى التي تؤثر كذلك في سعر الصرف وتحدد نتائجه النهائية، معتبرا النتائج التي وصل اليها مصرف سورية المركزي في سعر صرف القطع الاجنبي جيدة ومهمة ولكن الاهم منها هو الحفاظ عليها وضمان استمراريتها نظراً لأهميتها في القدرة الشرائية لليرة السورية وقيمتها وبالتالي تأثيرها في بنية الاقتصاد الوطني السوري.
أهمية استقرار السعر
وعما يتداوله المواطنون في الشارع من توقعات بتراجع سعر الصرف الى مستويات قريبة من 150 ليرة للدولار بحلول عيد الاضحى وتوقعات مصرف سورية المركزي في هذا المجال تبعاً للمعطيات التي تتجمع لدى المصرف المركزي قال ميالة إن السلطات النقدية تعمل اليوم مستهدفة بعملها نتيجة واحدة هي استقرار سعر الصرف والابتعاد عن الذبذبات التي يتعرض لها بين الفينة والأخرى تبعاً للعوامل التي تعزز ذلك لتفادي الآثار السلبية الناجمة عن هذا التذبذب بالنسبة للاقتصاد الوطني وتحديداً الاستيراد من دول الخارج وبالتالي انعكاس هذه الآثار على اسعار السلع وقيمها التي يشتريها المواطن السوري من الاسواق المحلية، مؤكداً في الوقت نفسه ان استقرار سعر الصرف سيؤدي الى استقرار الاسعار بشكل عام كنتيجة طبيعية لقدرة المستوردين الحقيقيين من فئة التجار الوطنيين على تثبيت اسعار الصفقات التجارية للسلع التي يستوردونها وفقاً للسعر الرائج المستقر بدلاً من تثبيت السعر على معدل معين لتكون المفاجأة بعدها ارتفاع سعر الصرف فيضطر المستورد لشراء القطع بسعر مرتفع وتسديده للجهة الموردة إليه ورفع سعر السلعة على المستهلك حتى يعوض المبالغ التي دفعها في فارق سعر القطع الاجنبي.
سياسة انكماشية
وعما أعلنه الحاكم في بدايات الازمة الحاصلة في سورية من ان مصرف سورية المركزي يمتلك احتياطيا استراتيجياً من القطع الاجنبي يكفي لسنتين من الزمان، وبعد مرور سنتين ونصف السنة لا يزال القطع متوفراً وبوفرة ولا تزال الليرة السورية قوية ومتينة رغم كل الصعاب التي واجهتها والتحديات التي مرت بها، قال ميالة إن السلطات النقدية السورية اعتمدت منذ بدايات الازمة سياسة انكماشية غير توسعية حيث عملت السلطات النقدية على الاقتصاد في تصرفها بالدولار «أي انها اقتصدت فيه» حتى تحافظ على اكبر قدر ممكن من المخزون الاستراتيجي من القطع الاجنبي ولم تعمد الى سياسة توسعية في هذا المجال تستنزف الاحتياطي الموجود مشيرا في الوقت نفسه الى ان مصرف سورية المركزي استمر رغم ذلك بتمويل العمليات الاساسية للاقتصاد الوطني مثل تمويل المستوردات الخارجية نظراً لأهميتها، بالاضافة الى السياسة التي اعتمدها في إنفاق القطع الاجنبي على أغراض التدخل للجم الارتفاعات الحاصلة في سعر الصرف لجهة عدم بيع او إنفاق دولار واحد إلا في مكانه المنتج والمؤثر مبيناً في هذا المجال ان الاجراءات التدخلية التي مارسها مصرف سورية المركزي في هذا المجال لم تكلف الخزينة العامة للدولة شيئاً يذكر من المخزون الاستراتيجي بل استعمل المركزي من خلالها اقل القليل او ما يعرف بالعرف المصرفي «فرنكات».