بدت اليوم الحركة في أسواق دمشق طبيعية كالمعتاد، ولوحظ زيادة أسعار بعض أنواع الخضار، وانخفاض أسعار بعضها الآخر، وأكد باعة الخضار في سوق الشيخ سعد أن بضائعهم وصلت كالمعتاد، دون زيادة أو نقصان، وأن مبيعاتهم لم تختلف عن الأيام السابقة، وكذلك لم نلحظ ازدحام في السوق الشعبي وحركة البيع والشراء، لا يوجد حولها ما يلفت الانتباه، لأنه ترددت الكثير من الشائعات حول إقبال غير طبيعي من المواطنين على شراء المواد الغذائية وتخزينها، استعدادا لقدوم العاصفة الثلجية المنتظرة.
الأمر الملفت للنظر الازدحام الشديد الذي حدث على أبواب الأفران، ودون سبب معلن، رغم توفر الطحين والمازوت وكافة لوازم الإنتاج، ولا وجود لنقص مادة الخبز في الأسواق، ورغم ذلك ظهرت ظاهرة بيع الخبز بسعر مرتفع قرب نوافذ الأفران، فالربطة التي تباع بسعرها الرسمي المدعوم والبالغ 15 ليرة سورية، رغم أن تكلفتها الحقيقية تتجاوز الـ 80 ليرة سورية، تباع بسعر تراوح ما بين 100 و 150 و200 و دون شفقة أو حسيب ولا رقيب، في عملية استغلال واضحة للمواطن، الذي يصدق الشائعات التي وصلت قبل وصول العاصفة الثلجية بأن الطرقات ستقطع بسبب الثلوج، والأفران ستتوقف عن الإنتاج،
وخلال وجودنا قرب أحد الأفران سمعنا بعض الهمسات التي لا نستطيع تأكيدها عن وجود بعض الأيدي الخفية داخل الأفران من الموظفين الذين يسهلون حصول الباعة على أكبر كمية من الخبز لبيعها والحصول على جزء من الأرباح في نهاية النهار، رغم أن أحد العاملين في فرن الشيخ سعد قال لنا التعليمات واضحة وممنوع بيع أكثر من ثلاثة ربطات للشخص الواحد،لكن هناك العديد من العائلات التي تقوم بعملية احتيالية من خلال إحضار الأم ابنتها أو ابنها لأخذ كمية أكبر، ومن الواضح أنه ليس شبح الحرب فقط يزرع الخوف في قلوب المواطنين ويجعلهم يقومون بتخزين كميات كبيرة من الخبز و المواد الغذائية بل أخبار العاصفة الثلجية بثت الرعب بنفوس المواطنين ..
وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك كانت قد طمأنت المواطنين من خلال عدة تصريحات لمسؤوليها بعدم وجود أزمة خبز، لأن المواد الأولية اللازمة لعملية الإنتاج متوفرة للأفران وتوفير الخبز بكميات كافية يعتبر من أولويات الحكومة،ولكن الخوف هو الذي خلق نوع من الفوضى والتزاحم على الأفران .
ومن الجدير بالذكر أن مدير عام "الشركة العامة للمخابز الآلية" عثمان حامد كان أكد في تصريح لبعض الوسائل الاعلامية أن مخابز الشركة تؤمن يومياً 3500 طن من الخبز وبذلك تغطي ما بين 50 إلى 60٪ من الحاجة المحلية على مستوى المحافظات كما أن لدى مخابز الشركة كميات كافية من مادة الطحين والخميرة والمازوت إضافة لوجود احتياطي استراتيجي لدى الشركة فالأفران كافة مزودة بمولدات كهربائية وأبار لتأمين المياه، وعزا مدير عام الشركة الاختناقات التي تحصل في توفر مادة الخبز بين الحين والأخر بسبب الظروف الأمنية للطرقات ومؤخراً كان للعاصفة الثلجية أثار سلبية على توفر الرغيف في بعض المناطق مبرزاً بهذا الصدد الجهود الكبيرة المبذولة من قبل الكادر العامل على خطوط الإنتاج لتأمين استمرار العمل
وفي هذا السياق لفت حامد إلى أن بعض الكادر يتواجد لعدة أيام في المخابز لترميم النقص الحاصل نتيجة صعوبة الانتقال مضيفاً أن الشركة على استعداد لتلقي الشكاوى والملاحظات حول جودة الرغيف وأداء العمال لتلافي أية ثغرات و بأسرع ما يمكن.
*لقطات من أمام الأفران
وقفت الطفلة مريم وبيدها عدة ربطات من الخبز إلى جانب إحدى الأفران الموجودة في منطقة الشيخ سعد وهي تنادي بصوت مرتجف من البرد القارس " آخر بيعة الربطة 100 ليرة سورية " مريم طفلة صغيرة عمرها 10 سنوات وهي في الصف الثالث كما قالت لنا، ابتسمت وقالت الحمد الله اليوم كانت الغلة مربحة وجيدة فأخبار العاصفة الثلجية القادمة ساعدتني كثيراً على بيع كمية كبيرة من الخبز وبسعر مضاعف .
وعن كيفية إحضار الخبز تقول مريم وقفت أنا ووالدتي وأختي على الفرن وقام كل شخص منا بإحضار كمية من الخبز بـ 50 ليرة سورية، وقامت أمي بأخذ ربطتين للمنزل والباقي قمت ببيعه وقامت أختي بالوقوف من جديد لإحضار كمية إضافية من الخبز ، وأكملت الطفلة البريئة أنا أعمل ببيع الخبز منذ بداية الأزمة بسورية فالأزمة فتحت لي ولعائلتي باب رزق من أجل الاستمرار بالعيش بعدما فقد والدي عمله في أحد المصانع بمنطقة عدرا ..
*سيدة أخرى اشتكت قائلة وقفت من الساعة 3 ظهراً ولم استطيع الحصول على الخبز بسبب الازدحام الكبير وأخاف من أن لا أحصل عليه فالأخبار تقول أن العاصفة ستقطع الطرقات لمدة ثلاثة أيام لذلك لن استطيع الحضور إلى الفرن في حال انقطاع الطرقات .
* احدى الفتيات قالت وهي تبتسم في حال انقطاعنا من الخبز نستطيع أن نطبق مقولة " ماري انطوانيت ... إذاً فليأكلوا البسكويت.