من مبدأ الحياة بدها تمشي بقيت بعض الجوانب الحياتية لمجتمعنا تسير على نفس الآلية التي كانت تسير عليها ما قبل الأزمة فيما يخص بعض المهن التجارية، والتي كان الظن واليقين المؤكد حيالها أنها ستتلاشى بعد الأزمة التي ألمت بنا، لكونها مهناً كمالية وليست ضرورية، ومنها مهنة صالونات التزيين، التي ما زالت تسير على نفس الخطا التي كانت تسير عليها سابقا من ناحية الإقبال عليها وارتفاع أسعارها، وذلك نتيجة استمرارية اهتمام نسبة كبيرة من المواطنين ذكوراً وإناثاً بالمظهر الجمالي، هذا الاهتمام الذي يولد زيادة بعدد محلات التزيين والتجميل التي أصبح عددها في بعض شوارع اللاذقية يفوق عدد محلات السمانة، حتى أصبحت هذه المهنة مهنة من لا عمل له، فتجد أحدهم يتجه إلى محل تزيين للتدريب، وبدلا من أن يستغرق تدريبه سنوات يكتفي بأشهر قليلة، فلا يكاد يتعلم كيفية التحكم بفرشاة الشعر حتى يسارع للبحث عن محل للإيجار يفتحه دون ترخيص ويبدأ العمل به بسعر بسيط بداية، ليتجاوز خلال مدة قصيرة بأسعاره أسعار المحلات العريقة بقدمها، وازدياد عدد المحلات بدلا من أن ينعكس على الأسعار بفتح باب التنافسية في كسر الأسعار لاستقطاب المواطنين، أخذ المنحى الآخر والاتجاه المعاكس برفع الأسعار التي أصبحت أسعارا كاوية تحت مبررات وذرائع: نوعية المواد الأجنبية وصعوبة توفيرها واقتران أسعارها بأسعار الدولار، ورواتب الأيدي العاملة، والضرائب المرتفعة، وظروف المعيشة القاسية، وتحت هذه المبررات يحددون التسعيرة التي تنال رضاهم ضاربين عرض الحائط بالأسعار المحددة لهم، حيث قفزت أجرة صبغ الشعر من 500 أو 700 ليرة ما قبل الأزمة إلى 2000 ليرة حاليا وتتجاوزها عند البعض، ومادة الكرياتين التي تلاقي إقبالا ًكبيراً عليها لكونها تريح من السيشوار اليومي، ارتفع سعرها من نحو 3000 ليرة سابقا، لتتجاوز حاليا 15 ألفاً لدى بعض المزينين تحت حجة أن المادة المستخدمة أجنبية وسعرها مرتفع جداً ولا يمكن توفيرها إلا بصعوبة قصوى.
وفي لقاء للوطن مع بعض السيدات مرتادات صالونات التزيين ومنهن: سعاد لاذقاني، ماري سعيد، نداء مصطفى، سحر معلا، أبدين جميعهن تذمرهن من استغلال أصحاب الصالونات لهم بتحصيل أسعار غير منطقية ولا مبرر لها، واستغربن متسائلات، لماذا هذه المحلات بعيدة كل البعد عن أعين الرقابة فيما يخص الأسعار، ونوعية المواد المستخدمة، وإلزام أصحاب الصالونات بوضع التسعيرة لكل الأعمال من قص، وسيشوار، وصبغ، وميش، وكرياتين، وغيرها من أعمال يقومون بها في محلاتهم.
ووفي لقاء سابق مع رئيس جمعية الحلاقة والتزيين كان قد أفاد للوطن أن عدد محلات التزيين في تزايد دائم حتى أعددها نحو 4500 محلا غالبيتهم من الذكور والمرخص منهم لا يتجاوز 1000 منتسب للجمعية، أما عن الأسعار الكاوية فقد أكد أن هناك تسعيرة محددة لكل عمل تزييني، ومن المفترض من كل زبون أو زبونة طلب التسعيرة لمعرفة ما يجب عليه دفعه، إلا أن هذا لا يحصل نتيجة غياب الوعي، فيتحكم المزين بالتسعيرة التي يريدها ولا أحد يستطيع لومهم لكون الزبونة تدفع المطلوب وزيادة.
وعن الإجراءات المتخذة حيال وجود خلل ما في حلق شعر، أو أذية عيون وما شابه، قال يحق لأي مواطن أو مواطنة متضررة رفع شكوى للجمعية والصحة والتموين لتأخذ حقها بحصولها على كل خسائرها، ومعالجة الضرر على حساب المزين الذي يتم تشميع محله، إلا أنه ورغم الأخطاء التي تحدث في هذا المجال لا نجد شكاوى مقدمة في هذا المجال.
وتطرق رئيس الجمعية لمشكلة الضرائب التي يوجد بها ظلم بحق المزينين الذين أصبح لديهم باع طويل في هذا العمل وأصبحوا في سنوات العد التراجعي بتراجع الإقبال على محلاتهم، حيث تحدد الضرائب حسب القدم وسنوات الخبرة وليس حسب الإقبال عليها، كما يختلف المبلغ الضريبي حسب ما ترسو عليه المساومة، وإجمالاً المحلات القديمة التي تراجع عدد زبائنها وضريبتها تصل إلى 40 -50 ألفاً بخلاف المحلات المفتتحة حديثا ً فتكون ضريبتها ضعيفة.
ما يتطلب إعادة وجود مندوب من الجمعية يرافق مراقب المالية لتحديد ضرائب الصالونات، لكون مندوب المهنة أدرى بها ويعلم مستوى كل صالون ودرجة الإقبال عليه لتحدد الضريبة على أساسه وليس حسب القدم، خاصة وأن هذه المهنة تبدأ بزبائن كثر وتخف تدريجيا ً كلما ازداد قدمها.