كشفت " عضو مجلس الشعب المحامية شكرية المحاميد" أنها تعمل على إعداد مشروع قانون بالتنسيق مع مراجع دينية وقانونية، يهدف إلى تعديل بعض مواد قانون الأحوال الشخصية المتعلقة بالولاية على النفس والمال، مشيرة إلى أن المادة 97 من النظام الداخلي لمجلس الشعب تنص على أنه لكل عشرة من أعضاء المجلس الحق باقتراح القوانين.
وبينت المحاميد بحسب صحيفة "الوطن" أن بعض المواد المتعلقة بالولاية في قانون الأحوال الشخصية لعام 1953 هي مواد تشرّع ظلم المرأة «الأم» وتلحق الأذى في حالات كثيرة بالأولاد، وخاصة ما يتعلق منها بولاية «العصبة» على الأطفال القصّر أي الأب والجد من جهة الأب، والعم، وحرمان الأم من هذا الحق، موضحة أن «التعديل» يجب أن يشترط موافقة الأم على كل ما يتعلق بالولاية على أبنائها القصر، فيعطيها حق الولاية عليهم مناصفة مع الأب، أو مع ولي الأمر «العصبي» من خلال منحها حق الاعتراض والموافقة، ففي حال كان الأولاد قصّراً يجب أن تكون الأم شريكة في الولاية مع الرجل، وفي حال وفاة الأب يكون للأم حق الولاية في حالات معينة إذا كان الأولاد قصراً، حيث لا يتصرف الولي العصبي بمصير وبمال الأطفال إلا بموافقة الأم.
وبينت المحاميد أن قانون الأحوال الشخصية يغيب الأم نهائياً فيما يخص «الولاية»، فينص في المادة 170 منه على أن للأب ثم للجد العصبي الولاية على نفس القاصر وماله وهما ملتزمان القيام بها، وتقول الفقرة 2 من المادة نفسها: إن الولاية على النفس تحق لغيرهما من الأقارب حسب الترتيب المبين في المادة 21 ولاية على نفسه دون ماله، حيث تقول المادة 21: إن الولي في الزواج هو العصبة بنفسه على ترتيب الإرث بشرط أن يكون محرماً، أما الفقرة الثالثة من المادة ذاتها فتقول: يدخل في الولاية النفسية سلطة التأديب والتطبيب والتعليم والتوجيه إلى حرفة اكتسابية والموافقة على التزويج وسائر أمور العناية بشخص القاصر.
وأضافت المحاميد: الأمر ذاته يتكرر في المادة 172 من قانون الأحوال الشخصية حيث تنص المادة التي تتطرق إلى موضوع «الولاية عن المال» على أن للأب وللجد العصبي عند عدمه دون غيرهما ولاية على مال القاصر حفظاً وتصرفاً واستثماراً ولا ينزع مال القاصر من يد الأب والجد العصبي ما لم تثبت خيانته أو سوء تصرفاته فيه وليس لأحدهما التبرع بمال القاصر أو بمنافعه أصلاً ولا بيع عقاره أو رهنه إلا بإذن القاضي بعد تحقق المسوغ، ويظهر أيضاً تغييب الأم عن هذه الولاية.
وأضافت المحاميد: إن مشروع القانون الذي تعمل على إعداده يعطي حق الولاية على النفس والمال «للأولاد القصّر» للأم في حالات معينة، وذلك وفق أسس تنصب في مصلحة الولد، وخاصة في حال وفاة أو غياب الأب لتكون الولاية عن النفس والمال للأولاد من حق الأم وفق شروط وقواعد مدروسة.
واستعرضت المحاميد حالات بعينها تظهر ثغرات «موضوع الولاية» كما ينص عليه قانون الأحوال الشخصية، حيث إن القانون يعطي الأب حق الولاية على الأولاد القصّر، وللجد العصبي أو للأقارب من العصبة، في حال غياب الأب، فالأم لا تستطيع اصطحاب أبنائها في السفر من دون «وليهم» القانوني حتى لو كانت «بروفسوره» أو وزيرة، وحتى لو كان الولي من العصبة أميّ، «أعرف مثلاً أستاذة جامعية عادت إلى البلاد من روسيا مع ابنتها لقضاء إجازة، وعندما أرادتا السفر والالتحاق مجدداً بالأب في روسيا، لم توافق «الهجرة والجوازات» على الأستاذة الجامعية كولية لابنتها، واضطرت الأم للاستعانة بعم الطفلة كولي قانوني علماً أنه لا يحمل أكثر من شهادة ابتدائية».
وتابعت المحاميد: أسعى من خلال هذا المشروع أيضاً لأن تكون الأم ولية أبنائها القصر حتى إذا كان الأب لا يزال حياً، وذلك في حالات معينة، كأن تكون ولية الأمر فيما يتعلق بالأموال التي تودعها بنفسها باسم أبنائها، وعدم إعطاء هذا الحق للأب أو للولي من العصبة في حال وفاة الأب، ليكون الولي على الأموال التي تودعها الأم باسم الأبناء، فهناك حالات كثيرة جداً قام بها الأب بسحب أموال أبنائه ليصرفها على ملذاته «وأنا شخصياً كمحامية اطلعت على الكثير من هذه الحالات، كأن يقوم أب سكير بسحب أموال أبنائه القصر التي أودعتها الأم الموظفة خلال سنوات في صندوق توفير البريد ليصرفها في شراء الخمور، علماً أن القانون يمنع الأم من التصرف بهذه الأموال لأنها ليست ولية على الأبناء، وفي حالة ثانية قام الأب بسحب المبالغ التي أودعتها الأم الموظفة خلال 12 سنة في حساب أطفالها بصندوق توفير البريد وتزوج بهذه المبالغ عليها، ولذلك فالمطلوب أن يمنح الأم وحدها حق التصرف بالأموال التي تودعها في حساب أبنائها القصر.
وأضافت المحاميد: هناك حالات كثيرة توفي فيها الأب وقام ولي الأمر القانوني «الجد أو العم» بالاستيلاء على أموال الأولاد، ولكن أخطر ما يترتب على حرمان الأم من حق الولاية في حال وفاة الأب هو موضوع زواج الفتاة القاصر، فهناك مئات الحالات، إن لم نقل الآلاف التي قام بها «ولي» من العصبة «الجد أو العم» بتزويج فتيات قاصرات بعد وفاة آبائهن رغماً عن الأم، وفي أحيان كثيرة لمصالح شخصية، ما يلحق الظلم بالفتاة القاصر، وخاصة إذا كان فارق السن كبيراً بينهن وبين الأزواج، وهنا يتم التلاعب على القانون الذي يسمح للفتاة بالزواج عند بلوغ الـ17 من العمر، فيقوم ولي الأمر «العصبي» بتزويج الفتاة دون هذا العمر «عند الشيخ» دون تسجيله في المحكمة، وعند بلوغ الفتاة سن الـ17 يثبت الزواج على أنه زواج جديد، وقد تكون الفتاة قد أنجبت، مشيرة إلى أن القانون يتساهل مع مثل هذه المخالفات ولا تتجاوز عقوبتها الغرامة ببضع مئات الليرات، وهذا من الأسباب التي تدفع بقوة باتجاه إعطاء الأم الحق بالولاية على أبنائها القصر.
وتحدثت المحاميد عن حالات أخرى توجب منح الأم حق الولاية أو اشتراط موافقتها على أي إجراء يقوم به «الولي» فيما يتعلق بنفس أو بمال الأولاد القصّر، فقد يكون الأب والأم مطلقين، ويكون الأب خارج البلاد، وهنا القانون يعطي الأم حق الحضانة للأطفال إلى سن معينة، ولكن يستطيع ولي الأمر العصبي «الجد أو العم» بحكم القانون السفر مع الأطفال وإخراجهم من البلاد، ليلتحقوا بالأب، وتحرم الأم من حضانة أطفالها، ولو اشترط القانون موافقة الأم على «سفر أبنائها القصّر» لمنع إلحاق هذا الظلم بها وبأطفالها.