أوضح " مدير برنامج الصحة النفسية في "وزارة الصحة" "محمد رمضان محفوري" أن عدد الأطباء النفسيين في القطاعين العام والخاص في سورية تراجع من 70 طبيباً قبل الأزمة إلى نحو 35 طبيباً يعمل نحو 20 منهم فقط في القطاع العام، على حين يعمل الآخرون في عيادات خاصة، مع ازداد الطلب بشكل كبير على الأدوية النفسية.
وأضاف محفوري بحسب صحيفة "الوطن" "ازداد الطلب بشكل كبير على الأدوية النفسية خلال الأزمة لسببين، الأول هو خروج بعض معامل الدواء الوطنية التي كانت تصنع الأدوية النفسية من الخدمة بسبب الاعتداءات، والثاني هو أن الأحداث التي تمر بها البلاد وما رافقها من ظروف قاهرة وضغوطات نفسية، زادت الطلب على الدواء النفسي بشكل ملحوظ وكبير وخاصة مضادات القلق ومضادات الاكتئاب، وحتى الأدوية النفاسية مثل مضادات الفصام والاضطرابات الذهانية، فقد ازداد الطلب عليها، لأنه خلال الأزمات تتفجر الحالات الحادة، فمثلاً مريض فصامي حالته مستقرة ويعيش حياة هادئة، يمكن أن يؤدي تهجيره من منزله أو تأذي أحد أفراد أسرته إلى تفجير حالة حادة لديه، ما يتطلب إضافة في العلاج"،"، وذلك بحسب صحيفة "الوطن" المحلية.
ولفت إلى أنه خلال الأزمة دخل الأراضي السورية كميات كبيرة من الأدوية النفسية المهربة المغشوشة، حيث إن معظم هذه الأدوية مزورة ولا مادة فعالة فيها.
وتابع محفوري بالقول: "إن العلاج النفسي في سورية خلال الأزمة يتم من خلال العمل على محورين، يتعلق الأول بالصحة النفسية وعلاج الأمراض النفسية، أما الثاني وهو جديد خلال الأزمة، هو الدعم النفسي الاجتماعي وخصوصاً في مراكز الإيواء".
وأشار محفوري إلى أنه خلال الأزمة تراجع موضوع الوصمة الاجتماعية المرتبطة بزيارة الطبيب النفسي بشكل ملحوظ، "وهذا ما نلمسه من خلال ازدياد أعداد المراجعين من غير المرضى والذين يعانون فقط من حالات اكتئاب أو قلق تسببت بها الأحداث التي تشهدها البلاد".
وقال محفوري: "نحن في حاجة إلى زيادة عدد الأطباء النفسيين بشكل كبير، فحاجتنا خلال الأزمة هي طبيب نفسي لكل 25 ألف مواطن، وحاجتنا في الظروف الاعتيادية هي طبيب لكل 50 ألفاً إلى 100 ألف مواطن، وهذا أمر معروف عالمياً.
وأضاف "تعمل وزارة الصحة على رأب هذه الفجوة من خلال تنفيذها دورات تأهيلية وتدريبية للأطباء من مختلف الاختصاصات تمكنهم من تقديم الخدمات الطبية النفسية، وخاصة لتدبير الحالات التي تتسبب بها الأحداث التي تمر بها البلاد، فقد أجرينا 5 دورات من هذا النوع نهاية العام الماضي بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، لأطباء من محافظات مختلفة، بمعدل 30 طبيباً في كل دورة تدريبية، ما ساهم ولو بشكل ضئيل في توفير قدر أكبر من الخدمة الطبية النفسية، ومع هذا نحن بحاجة إلى إجراء المزيد من هذه الدورات لتدريب الأطباء من مختلف الاختصاصات، والممرضين والمرشدين الاجتماعيين في وزارة التربية لرأب الفجوة، وكذلك علماء النفس".
ولفت إلى أن نحو 15 عالم نفس موظفين في "وزارة الصحة" يعملون عملاً إدارياً لا علاقة له باختصاصهم، "وأنا مع أن تجرى هذه الدورات لكل أطباء سورية لتمكينهم من علاج 10 حالات على الأقل مثل الاكتئاب والفصام والذهانات والشدة النفسية والصرع وغيرها"، وذلك لقطع الطريق على مخالفي القانون والمشعوذين.
وأشار إلى أن كثر من 90% من الحالات التي تراجعنا كأطباء نفسيين، "نكتشف أنها لجأت إلى مشعوذين وشيوخ يصنعون الحجابات، قبل اللجوء إلى الطبيب النفسي، لأنه تزداد مخالفة القانون ونسبة مخالفيه خلال الأزمات، وإن لم نفعّل جميع الاختصاصات الطبية للتعامل مع المتضررين نفسياً لتقديم الدعم النفسي والأدوية التي لا تؤذي إن لم تقدم فائدة، فنحن نسمح للمشعوذين بالدخول على الخط، وخاصة أن نحو 90% من الضغوط النفسية التي تتسبب بها الأزمات تتلاشى مع انتهاء الأزمة أو بعد انتهائها بأشهر قليلة، وهنا تزداد شعبية المشعوذين وكأنهم هم من أزالوا هذه الضغوط النفسية".
وأضاف "كان لدينا في دمشق قبل الأزمة 8 أو 9 عيادات نفسية، اختُصرت خلال الأزمة إلى أربع عيادات، والسبب هو تناقص أعداد الأطباء النفسيين الذين كانوا يعملون في هذه العيادات بسبب مغادرتهم البلاد للعمل في الخارج"، مشيراً إلى نقص شديد ومزمن حتى قبل الأزمة في اختصاص الطب النفسي مقارنة مع عدد السكان في البلاد.
وقال: "لم يبق في سورية سوى مشفيين اثنين متخصصين بعلاج الأمراض النفسية يقعان في دمشق وريفها، وهما مشفى ابن سينا بمنطقة الريحان التابعة لدوما، ومشفى ابن رشد مقابل كراج العباسيين الذي لم يسلم من الأذى ومن تعرضه المتواصل لقذائف الهاون".
ولفت إلى أنه كان هناك مشفيان تابعان للقطاع الخاص، متخصصان بعلاج الأمراض النفسية هما مشفى البشر في حرستا، ومشفى الطب النفسي الحديث في المليحة، وهذان المشفيان خرجا كذلك من الخدمة خلال الأزمة وبسبب الأوضاع الأمنية، "وبالتالي لم يبق في القطاع الخاص سوى العيادات الخاصة المتخصصة بعلاج الأمراض النفسية، ولم يبق أي مشفى متخصص سوى في دمشق وريفها، ويقوم الأطباء الذين يحتاجون لإجراء جلسات علاج نفسي للمرضى باللجوء إلى أحد المشافي الخاصة في دمشق الذي خصص غرفة لهذه الغاية وطبعاً للمرضى المقتدرين فقط".
وتعاني سورية نقصا بعدد أطباء التخدير الذي لا يتجاوز عددهم 400 طبيب، بسبب السفر أو تغيير الاختصاص، وقلة عدد الراغبين في الالتحاق بهذا التخصص لمعرفتهم مسبقا انهم لن يحصلوا على حقوقهم المهنية والمادية.
وبلغ عدد الأطباء السوريين الذين هاجروا لخارج سورية خلال العام الماضي 10 آلاف طبيب، من بين 30 ألف طبيب سوري، في حين خرجت نقابة الأطباء 1300 وثيقة سفر.