لاحظت الضابطة العدلية ودائرة رصد الأسواق في الهيئة العامة للمنافسة ومنع الاحتكار، عند قيامها بجولات ميدانية على أسواق المواد الغذائية في محافظة دمشق، توفر المواد بشكل عام ووجود عدد من البدائل للسلع وغياب أي مؤشر يدلّ على ندرة أو انقطاع المواد رغم عدم وجود كميات كبيرة ووثقت اللجان، شكوى التجار من ضعف الطلب على المواد مرجعين السبب إلى ضعف القدرة الشرائية للمستهلك أمام ارتفاع أسعار المواد، بسبب الوضع الاقتصادي العام.
وأرجعت الضابطة، ذلك لأسباب عدة منها الوضع السائد في القطر وعدم توفر مستودعات كافية آمنة، فالمواد يتم تأمينها عن طريق الموزعين أو بشكل مباشر من المنتجين للمنتجات المحلية وعن طريق المستوردين للمواد التي لا تنتج محلياً، وضمن هيكلية حلقات الوساطة التجارية (تجار جملة ونصف جملة ومفرق).
وشملت جولة الضابطة العدلية، أسواق مساكن برزة والسوق المركزي في دمشق، وذلك للوقوف على واقع السوق والتأكد من تطبيق قانون المنافسة رقم (7) لعام 2008 ورصد أي مخالفة للقانون.
وأكد أحد التجار،وفقاً لجريدة البعث، أن الأسعار في سورية لا تزال رغم الوضع السائد أقل من دول الجوار (لبنان والأردن)، فآلية تسعير المواد تتم وفق الأسعار العالمية للمادة من البورصات العالمية، ويتم إضافة كلف إيصال تلك المادة إلى المستهلك إضافة إلى هامش ربح، وهذا ما يتوافق مع دراسة أجرتها الهيئة منذ فترة، ولوحظ أيضاً أن مرونة الأسعار نحو الارتفاع أكبر من مرونتها باتجاه العرض، ويبدو ذلك واضحاً عندما تسوء الأوضاع ويصعب تأمين مادة معينة فيرتفع سعرها بسرعة وعندما تعود الأوضاع لا ينخفض السعر بالسرعة نفسها، وهذا ينطبق على عامل ارتفاع الصرف للعملات الأجنبية.
وتعتبر تكلفة النقل تعتبر من ضمن الأعباء الكبيرة التي تحمل على تسعير المادة، فمثلاً أجرة نقل المواد في شاحنة كبيرة من اللاذقية إلى دمشق هي 100 ألف ليرة، وهذه الكلفة هي من 10 إلى 12 ضعفاً لما كانت عليه قبل الأزمة ورفع أسعار الوقود.
وبينت دراسة معمّقة لبعض المواد الغذائية في الأسواق، من حيث توافرها وآلية تأمينها وحلقات الوساطة التجارية والممارسات التجارية، ومدى توافقها مع قانون المنافسة ومنع الاحتكار في أسواق البزورية وباب سريجة والمزة، أن مادة السكر متوفرة مع وجود أنواع عديدة من حيث المصدر، كالأوروبي والتايلندي، وكذلك توفر الرز بجميع الأنواع، وأيضاً الزيوت التي يتم تأمينها من الإنتاج المحلي والاستيراد وجميع أنواع الزيوت متوفرة وبماركات وأنواع متعدّدة، ومثلها السمون حيث يتم تأمينها عن طريق الإنتاج المحلي أو الاستيراد من (ماليزيا والإمارات)، ولا يختلف واقع توفر الشاي المؤمّن استيراداً ليعبّأ محلياً، وبماركات متنوعة.
وأضافت الدراسة، أن الأجبان والألبان، هي متوفرة ومتنوعة كإنتاج محلي ومستورد، لكن بسعر مرتفع قليلاً بسبب قلة وضعف الإنتاج المحلي من جهة، وصعوبة التوريد إلى أسواق تصريف البضائع في دمشق، وبالانتقال إلى المعلبات (طون - سردين - مرتديلا)، نجد أنها متوفرة وتستورد من المغرب وتايلند وتونس ومصر والصين وأسعارها منخفضة مقارنة مع الفترة السابقة نتيجة العرض والتنوع، وكذلك المرتديلا ومنها إنتاج محلي ومستورد، أما البن الذي يتم تأمينه استيراداً فمتوفر أيضاً في السوق، مع ملاحظة بقاء أسعاره مرتفعة بسبب ارتفاع أسعاره في بلد المنشأ لوجود جفاف في البرازيل وغواتيمالا ما أثر في زراعته، كما أن هناك انخفاضاً في عدد المستوردين لمادة البن إلى 3 مستوردين بسبب العقوبات المفروضة على القطر، إذ إن هناك بعض الشركات الخارجية ترفض التعامل مع المستوردين، كما يتم الآن طلب كامل قيمة البضاعة بينما كان سابقاً يتم دفع ربع القيمة.
ويتم تأمين لحم الغنم من سوق اللحوم بالزبلطاني وبعض عمليات الذبح الخارجية، وهو متوفر والطلب عليه انخفض بسبب ارتفاع أسعاره حيث بلغ سعر الكيلو المفرق الهبرة 2300ليرة بتاريخ الجولة، والشيء ذاته للحم العجل فقد لوحظ ارتفاع سعره حيث بلغ سعر الكيلو ما بين 1500 – 1700 ليرة بسبب ارتفاع التكلفة من جهة وارتفاع تكاليف النقل من جهة أخرى، أما المستورد من اللحوم الحمراء ففي السوق مستورد مجمّد ذو منشأ هندي (عجل وجاموس) والمادة متوفرة والطلب عليها مرتفع بسبب انخفاض سعره ما بين 750 – 850 ليرة، حسب النوع ولا يوجد غير ثلاث ماركات في السوق (الطيب والجزار والروابي) وينحصر استيراد هذه المادة بمستوردين، بسبب صعوبة إجراءات استيراد مثل هذه المادة ولخروج العديد من التجار من سوق الاستيراد بسبب الوضع الحالي.
ولفتت الدراسة، إلى وجود نقص في الأسماك المنتجة محلياً وارتفاع في السعر، بسبب التهريب وانخفاض الكميات المنقولة لصعوبة الصيد، فالمناخ غير ملائم للصيد والنقل، وعلى العكس بالنسبة للمستورد توجد منه أنواع مختلفة من المجمد المستورد من اليمن وعمان والإمارات وتركيا براً وأسعاره أقل ارتفاعاً من الإنتاج المحلي، على الرغم من صعوبة النقل.
وتتوفر لحوم الفروج، لكن بأسعار مرتفعة ومرشحة للارتفاع (كما أخبرنا بعضهم) بسبب سوء الأحوال الجوية وخروج العديد من المربين بسبب الأزمة وارتفاع أسعار الصيصان البياضة والعلف وتكاليف النقل والوقود بسبب انقطاع الكهرباء المتكرر.
وأكدت الجولة، أن السوق يعمل وفقاً لآلية الطلب والعرض، ولا يوجد ما يشير إلى وجود ممارسات مخلة بالمنافسة ولا بنزاهة المعاملات التجارية، أو إلى إساءة استغلال وضع مهيمن، حتى إن الأسعار تتساوى أو تقل بالنسبة لبعض المواد عن أسعار النشرات التأشيرية الصادرة عن وزارة الاقتصاد، ووجدت اللجان أن القطاع العام وعبر مؤسسات التدخل الإيجابي لا يشكل منافساً للقطاع الخاص ولا يعتبر ضابطاً لإيقاع السوق بل مواكب له، ووضع المنافسة العام في السوق يعتبر جيداً قياساً إلى الأوضاع العامة ولا وجود لمؤشرات ملموسة على الممارسات المخلة بمبادئ قانون المنافسة ومنع الاحتكار.