رأي " الدكتور عابد فضلية " " أستاذ التحليل الاقتصادي في جامعة دمشق" أن التوقيت الحالي غير مناسب لمعالجة اقتصاد الظل لا على المدى المتوسط ولا حتى البعيد وإذا ما افترضنا جدلا أنه يمكن ذلك فسيكون بصعوبة بالغة على المدى البعيد .
وأوضح فضلية بأن الحل الاسعافي يكون بمساندتهم من أجل الاستمرار بالعمل كاقتصاد ظل وتخصيص أماكن لهم كأسواق بمناطق تحددها المحافظة بالإضافة إلى مراقبتهم وضبط عملهم .
لذلك فإن الحلول السابقة قبل الأزمة والتي تتمحور حول إعادة دراسة القوانين الناظمة للنشاط الاقتصادي، ووضع آلية جديدة للترخيص مختلفة في شروطها وفي تكاليفها عن آلية الترخيص العادية المتبعة، بحيث تُسهل وتساعد الأنشطة غير الرسمية على الترخيص و العمل على تنفيذ مجموعة من السياسات والبرامج الاجتماعية والاقتصادية الداعمة لإدماجه في القطاع المنظم والتشجيع على ذلك أصبحت غير مجدية ونحن بحاجة لإعادة النظر بتلك الطروحات بما يتناسب مع الواقع الحالي ولاسيما مع إعادة الإعمار التي يجب أن تتضمن التفكير ببناء مجمعات صناعية وأسواق شعبية ،بالإضافة إلى البنى التشريعية والقانونية ومسألة التأمينات الاجتماعية .
نحن اليوم نعيش فترة استثنائية، وهذا ما أدى لتعرض القطاع غير الرسمي إلى مزيد من الضغوط والمشاكل التي تستدعي مقاربات جديدة، خاصة أنه يستوعب وفق تقديرات أكثر من ثلث قوة العمل، ويرى آخرون أن الرقم أكبر من النصف بكثير،ولابد من الإشارة أنه لولا بقاء الحرفيين يعملون خلال الأزمة بأماكن متعددة ومنها الشوارع لكان المواطن هو من دفع الثمن .
حيث تعكف الحكومة على تهيئة البنية التشريعية والإدارية المناسبة لتنظيم اقتصاد الظل وتحديد أسباب انتشاره وحجمه في كل قطاع وتخفيف الإجراءات التي تعوق نقله إلى اقتصاد منظم ليسهم بذلك في تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة .
فالأزمة أفرزت ظواهر جديدة وفاقمت من هذا النشاط الاقتصادي غير المشروع ،علما بأنه يعد الوجه الآخر للنشاط الاقتصادي الرسمي أو المنظم .
بالمقابل يرى البعض أن هناك صعوبة في تنظيم اقتصاد الظل اليوم أكثر من أي وقت مضى نظرا لانكفاء جزء كبير من الاقتصاد النظامي بفعل التخريب والنهب الذي طاله على يد الإرهابيين والعصابات المسلحة ،وهذا ما أدى إلى انتشار ورشات اقتصاد الظل بشكل مخيف في الأرياف ومناطق السكن العشوائي وينتج عنه سلعا رديئة وتباع بأسعار زهيدة ما يؤثر على المنتج الوطني وعلى جودته وسمعته خصوصا للماركات الوطنية المعروفة.
إذاً نحن أمام خسارة كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي نتيجة ضياع تلك الثروة التي لم تعالج فيما مضى بطريقة إيجابية على الرغم من العديد من المحاولات والندوات منذ أكثر من خمس سنوات للخروج برؤية متكاملة للقطاع الاقتصادي غير المنظم وتحويله إلى منظم .
والأمر لم يقف هنا بل كان هناك محاولات من قبل غرف الصناعة لإصدار تشريع يحث ممارسي نشاط الظل على ترخيص منشآتهم في موقعها الراهن بشكل مجاني ولمدة ثلاث سنوات ريثما يتاح لهم تسوية أوضاعهم وتقديم محفزات للقيام بذلك عبر إعفاءات من الضرائب والرسوم لثلاث سنوات إضافية .
والأكيد أننا بحاجة اليوم للكثير من العمل والقليل من الكلام لتسريع عجلة الاقتصاد وتقديم التسهيلات للمنتجين ولرفد خزينة الدولة كوننا مقبلون على مرحلة إعمارية تحتاج للكثير من الدعم المالي والمعنوي .
والسؤال الذي يتبادر للأذهان وبغض النظر عن التباين الكبير في التقديرات والدراسات حول حجم اقتصاد الظل، هو أن هذا القطاع غير الرسمي في اتساع، ويستقطب كثيرين من الشباب الذين لا يجدون فرص عمل في القطاع المنظم، في ظل ارتفاع نسب البطالة إلى معدلات غير مسبوقة، نتيجة الأزمة الراهنة بالإضافة إلى تدني الأجور وضعف القوة الشرائية لليرة السورية .
في السياق نفسه يرى بعض الاقتصاديين أنه وبالرغم من الدور الذي يلعبه اقتصاد الظل في تقليص معدلات البطالة والفقر وتأمين مصدر دخل لشريحة واسعة من العائلات، إلا أن ازدياد اعتماد العاملين عليه مؤشر على هشاشة الاقتصاد الوطني وعدم قدرته على احتواء المتعطلين عن العمل لضعف إمكاناته في توليد فرص عمل، واستيعاب العمالة الوافدة إلى سوق العمل سنوياً. .