اعتاد المواطن على قبول دور الحلقة الأضعف المفروض عليه يومياً من أصحاب الشأن، فهو الذي لا يشتكي، وغير المتعاون، والمسؤول عن ارتفاع الأسعار والدولار وتلاعب التجار، وفساد الصغار والكبار.
أخيراً وليس آخر، هو المستثمر المقصر والمسؤول عن تأخر تنفيذ المشاريع التي يتم ترخيصها، ولكن عند هذه النقطة بالتحديد لدينا معطيات مخالفة لآراء ذوي الشأن، فهناك تعطيل غير مفسر في مكاتب المحافظات تؤخر لأهداف غير مفسرة، تتحكم فيها النيات!
ولأن الباطل أن نقول سمعنا والحق أن نقول رأينا، اطلعت "الوطن" على مجموعة من الوثائق تكشف حجم التعطيل والتأخير الذي يسبب به المكاتب التنفيذية في محافظة ريف دمشق، كما في الحالة العملية التي اطلعنا عليها، والتي تبين حصول أحد المستثمرين على ترخيص إنشاء معمل دواء وموافقة لجنة البلاغ رقم 9/15/ب الصادرة عن رئاسة مجلس الوزراء منذ نيسان الماضي، إلا أنه غير قادر على البدء بالتنفيذ لعدم حصوله على الموافقة النهائية، والتي تعتبر إدارية وروتينية من المحافظة.
وحجة المحافظة في عدم منح هذه الموافقة موضوع الالتزام بتأمين مصدر مياه للمشروع.
يبدو الموضوع عادياً للوهلة الأولى، لكن التفاصيل تكشف عن أمور يصعب تفسيرها، فالمستثمر إلياس حنوش المتأخر في بدء العمل بمشروعه يتحدث عن تقصير وروتين في محافظة ريف دمشق والعمل بمبدأ خيار وفقوس، إذ هناك موافقات منحت لمشاريع مشابهة على الأقل في المنطقة نفسها المقرر إنشاء المشروع فيها، ليبقى التأخير المتعمد- على حد قول المستثمر- غير مفسر.
أما قصة البئر التي عطلت الموافقة النهائية أكثر من خمسة أشهر، فهي مخالفة للأنظمة والتعليمات "والحديث للمستثمر"، لكون محضر ضبط لجنة البلاغ رقم 9 يتضمن موافقة مدير الموارد المائية، بشرط المحافظة على حرم السيل واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تلوث المياه الجوفية.
حيث جاءت هذه الموافقة إلى جانب موافقات لكل من مدير الصناعة ومدير شؤون البيئة ومدير الزراعة ومدير الخدمات الفنية ومدير دعم القرار والتخطيط الإقليمي، ومدير السياحة وممثل عن غرفة الصناعة وممثل عن غرفة الصناعة وممثل الوحدة الإدارية، وممثل الشؤون القانونية ومقرر اللجنة، ليمهر المحضر في النهاية بتوقيع رئيس اللجنة الأمين العام في محافظة ريف دمشق، وذلك بعد ثلاث جولات استطلاعية لمعاينة الموقع.
وبعد تلك الموافقات يفترض الحصول على الموافقة النهائية بشكل روتيني، لكن هذا ما لم يحصل حتى اليوم، والحجة تأمين المياه للمشروع.
المستثمر يتحدث عن أن موافقة مدير الموارد المائية كافية في الموضوع، لكن المحافظة طلبت بيان آلية تأمين المصدر المائي ومدى التزام الإدارة بهذا المصدر من وزارة الموارد المائية، فكان جواب الوزارة بأنه لا مانع من منح المستثمر الموافقة المبدئية على الحفر من أجل استكمال إجراءات الترخيص وإشادة وتجهيز المنشأة، أما التزام الإدارة بهذا المصدر فتلتزم الإدارة بمنح رخصة الحفر اللازمة بعد استكمال إجراءات الترخيص علماً بأن الحفر نتائجه تقع على مسؤولية صاحب العلاقة.
وفي كتاب آخر وجهته وزارة الموارد المائية إلى محافظة ريف دمشق جاء فيه:
الهيئة العامة للموارد المائية تلتزم بمنح رخصة حفر بئر في العقار المذكور للغرض المشار إليه بعد استكمال إجراءات الترخيص أصولاً وفقاً لقانون التشريع المائي رقم 31 لعام 2005والقرار رقم 1312 تاريخ 28/12/2006 علماً أن الحفر ونتيجته تقع على مسؤولية صاحب العلاقة.
المستثمر يتحدث مستغرباً من هذه الإجراءات بعد موافقة مدير الموارد المائية في سياق محضر البلاغ رقم 9، علماً بأن حاجة العمل يمكن تأمينها بالصهاريج أو البدونات، إن اقتضى الأمر كونها لا تتعدى 10م3 في اليوم.
إذاً بئر تقف في وجه مشروع لإقامة معمل دواء يشغل 150 عاملاً يشترك فيه عدة أطباء بمبلغ 200 مليون ليرة سورية.
نضع كل هذا برسم السيد محافظ ريف دمشق للاطلاع.
المصدر: صحيفة الوطن.