كشفت إحصائيات قضائية عن وجود نسبة كبيرة من معاملات الزواج لقاصرات أقدمن على الزواج عرفياً، إذ يتجاوز عدد معاملات تثبيت الزواج للقاصرات اللواتي تزوجن خارج المحكمة الشرعية 100 حالة يومياً، لافتة إلى أن عدد حالات الزواج العرفي في سورية للقاصرات بلغ ما يقارب 400 حالة.
وبيّن القاضي الشرعي الأول بدمشق، محمود معرواي، لصحيفة “الوطن” المحلية، أن عدد معاملات زواج القاصرات في دمشق يشكل 10% إلى 15% من معاملات الزواج، حيث بلغ يومياً نحو 5 معاملات، ووصل عدد هذه المعاملات إلى 50 معاملة زواج، كما أكدت إحصائيات قضائية أن عدد معاملات زواج القاصرات يقارب 200 معاملة يومياً في جميع المحافظات السورية.
وأفاد معراوي أن ارتفاع حالات زواج القاصرات جاء نتيجة الأوضاع الراهنة وسوء المعيشة، حيث تصر القاصر على الزواج من أي شخص بهدف الإنفاق عليها ولو كان عمرها غير مناسب للزواج.
وقال معراوي: “إن المحكمة الشرعية تحاول ضبط هذه الحالات من خلال تطبيق النص القانوني بشكل صحيح”، موضحاً أن القانون نصّ على “أنه يحق للشاب الذي أتم الثامنة عشرة الزواج، ويحق للفتاة التي أتمت السابعة عشرة الزواج، وأجاز القانون زواج القاصر الذي أتم الخامسة عشرة والثالثة عشرة للفتاة ضمن ضوابط لا يمكن تجاوزها”.
وأكد معرواي أن القاضي الشرعي لا يمكن أن يعقد عقد القاصر إلا بحضور وليها الإجباري، وهو الأب، أو الجد في حال عدم وجود الأب، كما يحق للقاضي تقدير وضع الفتاة التي تريد الزواج، من ناحية كون جسدها ملائماً للزواج أم لا، وفي حال كان غير ملائم للزواج، يحق للقاضي الشرعي رفض معاملة الزواج.
ولفت معراوي إلى أن هناك الكثير من الآباء يلجؤون إلى تزويج بناتهم عرفياً، أي خارج المحكمة، في حال رفض القاضي الشرعي المعاملة، وبعد أن تحمل الفتاة، تتقدم بدعوى تثبيت الزواج.
وأضاف معرواي قائلاً: “إن قانون الأحوال الشخصية السوري راعى المسألة الاجتماعية من خلال إعطاء الولاية للأب أو الجد، لكن ضمن حدود المصلحة، حيث يتم رفض الكثير من معاملات الزواج لقاصرات نتيجة فرق العمر بين القاصر والذي يريد الزواج بها، فعلى سبيل المثال، تم رفض معاملة زواج لقاصر بلغ عمرها 14 سنة لأن من يريد الزواج بها تجاوز عمره الـ40 عاماً، وهو متزوج، وتم الرفض بحضور الأب باعتبار أن هذا الزواج ليس فيه مصلحة للفتات القاصر”.
ودعا معراوي إلى توعية الآباء في هذه المسألة بشكل كبير، وحثّهم على عدم تزويج الفتياة بهذا العمر إلا لمن كان في زواجها مصلحة، وهذا ما نصّ عليه القانون، مؤكداً أن المحكمة الشرعية تحاول أن تتشدد في ضوابط زواج القاصر لتحد من انتشار هذه الظاهرة.
وفي السياق، أشار معراوي إلى أن اللجنة المشكلة لوضع مشروع قانون الأيتام والقاصرين أنجزت عملها، وأنها وضعت المسودة الأخيرة له، بعدما استعانت بخبراء في مجال الاقتصاد والتجارة والإدارة لإنجاز المشروع على أتم وجه، لاسيما أن المشروع اشتمل على إحداث هيئة عامة لاستثمار أموال القاصرين والأيتام، واصفاً هذا المشروع بالخطوة المهمة، وخاصة ما يتعلق بالشق المالي، مبيناً أن اللجنة سترفع مسودة المشروع إلى “وزارة العدل” السبت القادم، حيث تكون اللجنة استكملت جميع الثغرات في المسودة لتخرج بقانون متطور يتناسب مع المرحلة الراهنة، باعتبار أن هناك عدداً كبيراً من الأيتام والقاصرين بحاجة لمن يرعاهم بشكل صحيح.
جدير بالذكر، أن وزير العدل، نجم حمد الأحمد، قال في حزيران (يناير) الماضي: “إن زواج القاصرات من أصعب النتائج السلبية التي أفرزتها الأزمة السورية، على أرض الواقع”، مؤكداً أن قضية زواج القاصرات ستزول بعد وضع الضوابط القانونية، حيث بلغت نسبة عقود زواج القاصرات في المحكمة الشرعية 10% خلال 2013، واصفاً ذلك بأنه “مثير للقلق”.