أوصت اللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء بتغريم التجار والصناعيين المخالفين لشروط وتعليمات سياسة ترشيد الاستيراد وإدارة التجارة الخارجية مالياً باقتطاع نسب محددة من إجمالي قيمة بضائعهم، وهذه النسب ترتفع تصاعدياً كلما تكررت المخالفة قبل الوصول إلى مرحلة الحرمان من الاستيراد.
ومن المعروف أن توصية اللجنة الاقتصادية بهذا الخصوص صدرت بناءً على مقترحات تقدمت بها وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية رغبة منها في ضبط عمليات الاستيراد وفقاً للشروط والتعليمات التي تقتضيها سياسة الترشيد، وخاصة من جهة قيام بعض التجار والصناعيين بشحن بضائعهم من البلد المورد قبل الحصول على الموافقة للاستيراد، إذ أعلنت الوزارة في وقت سابق أنها تعمل على وضع نظام متدرج في معاقبة المخالفين لتعليماتها بشأن الاستيراد بدلاً من تطبيق عقوبة الحرمان بحق المخالفين.
وتتضمن توصية اللجنة الاقتصادية وفقا لصحيفة "الوطن" التدرج في معاقبة المخالفين، لتبدأ باقتطاع نسبة 1% من إجمالي قيمة البضاعة للمخالفة الأولى، ومن ثم ترتفع لتصبح 5% للمخالفة الثانية، لتنتهي بنسبة 10% عند المخالفة للمرة الثالثة، وسوف تطبق هذه النسب بشكل رسمي بموجب قرار أو تعليمات تصدرها وزارة الاقتصاد قريباً.
هذا وكثرت في الآونة الأخيرة المخالفات المرتكبة من قبل بعض التجار والصناعيين وخاصة للتعليمات التي تقتضي بعدم شحن البضاعة قبل الحصول على موافقة وزارة الاقتصاد على الاستيراد، إذ تراوح عدد المخالفات لهذه التعليمات بحسب ما أعلنته الوزارة مؤخراً بين 400 - 500 مخالفة، وحرصاً منها على عدم معاقبة المخالفين بحرمانهم من الاستيراد مدة ثلاثة أشهر وفي حال التكرار قد تصل إلى عام، وجهت الوزارة إنذارات للمخالفين، علماً أن المخالفين لبعض من تعليمات ترشيد الاستيراد من تجار ومستوردين وصناعيين غير معفيين من الغرامة المالية التي تتقاضاها «إدارة الجمارك العامة» في حال ثبتت مخالفتهم، وهي لا تتعدى 2500 ليرة للمخالفة.
وقد اعتمدت وزارة الاقتصاد هذا التدرج في العقوبات بعد أن كان يدور حديث في كواليس الوزارة عن عقوبة مالية مقطوعة تفرض على المخالفين، ولكنها رأت أن التدرج قد يضبط التعامل مع تعليمات الترشيد ويمنع من ارتكاب المخالفة، ولاسيما أن النسب التي أقرتها اللجنة الاقتصادية كفيلة بأن تحصل من المخالف غرامة مالية مرتفعة وخاصة أن قيم البضائع المستوردة عادة ما تكون كبيرة، ومن جهة أخرى قد لا يكون غاية الاقتصاد من اقتراح تلك العقوبات من أجل المعاقبة فقط، بل من أجل ضبط الاستيراد وتحقيق الغايات من إدارة التجارة الخارجية والمتمثلة بوصول السلع إلى الأسواق وتوافرها على نحو يجعلها بمتناول أيدي المواطنين، وانسيابها في جميع الأسواق وبوفرة، لأن أي تعليمات تصدرها الوزارة فيما يتعلق بهذا الجانب تكون ضمن خطة مدروسة ولاسيما في ظل الظروف الاستثنائية الراهنة، التي دفعت الوزارة إلى اتخاذ إجراءات استثنائية قدمت العديد من التسهيلات للتجار والمستوردين على حد سواء.
وتبقى الإشارة إلى أن عقوبة الحرمان من الاستيراد وبموجب التدرج الجديد في العقوبات لن تستبعد بشكل نهائي، ولكنها لن تطبق إلا في حال استنفد التاجر المخالف جميع الفرص قبل حرمانه، ويبقى أن يتعامل التجار والصناعيين والمستوردين مع العقوبات الجديدة بجدية، لأنه وكما قال معاون وزير الاقتصاد الدكتور عبد السلام علي في وقت سابق «إنه ليس من الضروري للتاجر أن يخالف ولماذا في الأساس يرتكب المخالفات ما دامت الوزارة تشرع قراراتها، وتعمل بشكل مستمر على حل جميع مشكلات التجار والمستوردين في حال طرح أي مشكلة، أو حتى صعوبات أو معوقات تتعلق بالتجارة الخارجية وجميع المراحل التي تمر بها، وصولاً إلى دخول السلع وطرحها في الأسواق المحلية».