شكلت أعياد الميلاد ورأس السنة لهذا العام فرصة انتظرتها الأسواق بفارغ الصبر حيث قرر السوريون في هذه المناسبة تغليب إرادة الحياة على إرادة الموت والقتل والإرهاب فاستعدت المحلات التجارية للمشاركة الفعالة هذا العام باستقبال العيد مقدمة عروضا لم تخل من مفارقات مثيرة لسبب معدلات الأسعار العالية التي جعلت الكثير من رواد السوق يتابعونها بحسرة لعدم موافقة العرض لقدراتهم المالية .
وبالتفصيل ازدانت واجهات المحال التجارية بألوان الفرح مشكلة موسماً جيداً لعرض أجمل أزياء ألبسة الأطفال لهذا الموسم مقدمة دليلا على تعافي معامل الإنتاج والورش التابعة لها في تأكيد جديد على ضرورة استمرار الحياة وعدم الرضوخ لشروط الإرهاب الذي أراد اغتيال مظاهر الفرح .
مع كل ما سبق ومع الأهمية النفسية لزيادة العروض وتنوعها كانت الأسعار تقف حاجزا أمام عملية الشراء رغم زحمة الأسواق بالناس المتطلعين لشراء قطعة ملابس جديدة يدخلون بألوانها حالة الفرح لأطفالهم بمناسبة العيد .
الألبسة بين زيادة التكلفة والتنزيلات
باعة الملابس سارعوا لتقديم عروض وهمية باسم التخفيضات التي تبدأ من 20٪ وتصل إلى 50٪ وأغلبها موديل العام الحالي والذي سبقه فنجحوا جزئيا بتحريك السوق قليلا لكن هذه الخطوة لم تحل المشكلة حيث بقي سعر الطقم الولادي يتراوح بين 5ـ 7 آلاف ليرة والبنطال النسائي الكتان بحدود 7000 ليرة هذا إضافة إلى ارتفاع أسعار الجوارب أما سعر الحذاء الولادي العادي فقد وصل إلى 3200 ليرة مقابل 800 ليرة قبل سنتين .
أما المبررات التي قدمها أصحاب المحلات فاختلفت بين البائع الوسيط والبائع المنتج الذي تحدث شاكيا ارتفاع المواد الأولية مؤكدا أن الولادي يحتاج مهارات أعلى ووقت أكبر وهذا سبب آخر لزيادة السعر وكلما كانت القطعة أصغر احتاجت إلى دقة أكبر.
يضاف إلى ذلك أن قطاع ألبسة الأطفال يتميز بالجودة العالية والصنعة الدقيقة وبات يصدر إلى الخارج بشكل واسع لأن أسعار المنتج السوري من ألبسة الأطفال تنافس الدول الأخرى، إضافة إلى جودة ورقي صناعتها التي ارتقت إلى أعلى المستويات وهذا ما لاحظناه في معارضنا التي تقام في بعض الدول المجاورة وغيرها حيث تلقى الألبسة السورية إقبالاً وتفوقاً عن غيرها من بقية الدول.
الزيادة على الأسعار حسب تصريحات الباعة تبدو معقولة قياسا لارتفاع تكلفة الإنتاج اليوم ومع ذلك فهي في حدود تراوحت بين 40-50٪ والسبب يعود إلى الأحداث التي أثرت بشكل كبير على المصانع المنتجة في مدينة حلب المصدر الأكبر لتصنيع الألبسة السورية، فمثلاً سعر بنطال جينز عادي بـ3500 ليرة والمخمل بـ 7000 ليرة والجينز « ليغرا « يبدأ من 4500 ليرة صعودا حسب القصة ونوع القماش ومكان محل البيع ، وسعر طقم رجالي يبدأ من 7500 ليرة حسب النوع حيث يصل السعر في بعض المحال المشهورة إلى 15000 ليرة على الرغم من التخفيضات التي تصل إلى 30% للألبسة وأحياناً 50٪ لكنها نوعيات غير جيدة في حين يتراوح سعر القميص الشتوي بين 2000 إلى 3000 ليرة وهناك أنواع قطنية يصل سعر القميص إلى أكثر من ذلك بكثير وثمن البنطال القماش يتراوح بين3000 إلى 3500 ليرة.
الملفت خلال أيام الاحتفالية بدت أسواق الألبسة غير مستقرة والسلعة الواحدة تباع بأكثر من سعر في اليوم الواحد وهذا مرتبط بتوافر المادة المطروحة للاستهلاك من جهة وجودتها والإقبال عليها من جهة أخرى.
1000 ليرة لإضاءة شمعة الميلاد
أما أسواق الهدايا ووفقا لصحيفة "الثورة" فسجلت أرقاما غير مسبوقة خاصة في أسعار الشمع التذكاري وشمع النذور والهدايا حيث بات الحصول على شمعة تضاء ليلة الميلاد يحتاج 1000 ليرة مع سعر خاص للشمعة المزركشة والملونة وفارعة الطول .. ومثل الشموع هدايا الميلاد البسيطة وكلها تعامل معها أصحاب الأعياد بقلوب مفتوحة قدمت الأمل والصلاة والأماني بالسلام وعودة الأمان لسورية على كل التفاصيل الباقية بحيث يسجل السوريون من جديد حالة من التآخي والتلاحم الاجتماعي وهم يواجهون أشرس حروب العصر وأشدها فتكا .
قد يسأل الكثيرون أين الرقابة وضبط السوق وقد سبق المناسبة تصريحات عديدة من وزارة التجارة وحماية المستهلك ومن السادة المحافظين ومن مديريات التجارة الداخلية في المحافظات وكلها تصريحات ناشدت الباعة التعامل بالكثير من حس المواطنة الصحيحة التي تواكب المناسبات الإنسانية والاجتماعية ولهذا لم يعول الناس كثيرا على الجهد الرقابي حيث عالجت الأسواق حالها بحالها وكان قانون الطلب سيد الحاضرين فمن قدم بضاعة معقولة حصد أرباحا معقولة ومن امتنع باع قليلا وحصد ربحا قليلا .. المهم أننا على مشارف الأيام الباقية من هذا العام نتطلع لصباح عام جديد يعم فيه السلام والانتصارفي ربوع الوطن لتبقى سورية بلد الشمس والحضارات باعثة النور والهداية لعالم اليوم مثلما كانت مصدر إشعاع حضاري وإنساني عبر تعاقب العصور .. عيد سعيد وميلاد مجيد ودامت الأفراح في سورية التي من حقها الفرح وهي بكل تأكيد أهل لمثله .