أفاد تقرير لـ”البنك الدولي” أن إحدى نتائج الحرب على سورية هي أن اقتصاد البلدان الستة في شرق المتوسط معاً، وهي سورية ولبنان والأردن وتركيا والعراق ومصر، خسر نحو 35 مليار دولار من الإنتاج حسب أسعار 2007.
ووفق تقرير نشره “البنك الدولي” على مدوّنته الالكترونية، كان من الممكن أن يزيد الحجم الاقتصادي التراكمي لاقتصاد هذه البلدان الستة، مقاساً بإجمالي الناتج المحلي، 35 مليار دولار، لو لم تكن الحرب قد نشبت، وتعادل هذه التكلفة الإجمالية للحرب حجم إجمالي الناتج المحلي السوري خلال 2007.
ولفت “البنك الدولي” بحسب موقع الاقتصادي الالكتروني إلى أن هذه الخسائر ليست موزعة بالتساوي، فالبلدان الأكثر تضرراً من الحرب، وهما سورية والعراق، تحمّلا عبء تكلفتها الاقتصادية المباشرة، فضلاً عن خسارة ما كان يمكن أن يحققه زيادة التكامل الاقتصادي الرسمي.
وأوضح تقرير “البنك الدولي” أن نصيب الفرد من الدخل في سورية بالقيمة الثابتة سجّل تراجعاً بنسبة 23%، وفي العراق بنسبة 28%، مقارنة بمستوياته التي كان يمكن تحقيقها لولا اندلاع الحرب.
وذكر “البنك الدولي” أن التكلفة المرتبطة بالحرب ارتباطاً مباشراً تراجعت 14% في سورية، و16% في العراق، في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي، وكان الحظر التجاري على سورية عاملاً رئيساً وراء التكلفة المباشرة، أعقبه انخفاض حجم قوة العمل ومهاراتها بسبب الوفيات وخروج اللاجئين من البلاد، وتدمير البنية التحتية، وارتفاع تكلفة ممارسة أنشطة الأعمال في المناطق الساخنة.
وأشار “البنك الدولي” إلى أن بلداناً أخرى في المنطقة تحملت خسائر في متوسط نصيب الفرد من الدخل، لكنها لم تشهد تراجعاً في إجمالي الناتج المحلي بسبب التأثيرات المباشرة للحرب، إذ أسفر تدفق اللاجئين على لبنان والأردن وتركيا عن تعزيز الاستهلاك والاستثمار، وزيادة المعروض من العمالة، ومن ثم حجم اقتصاد هذه البلدان المستقبلة للاجئين.
ونوّه “البنك الدولي” بارتفاع الدخل الإجمالي بمعدل أقل من زيادة عدد السكان، وعلى ذلك فقد أضرت الحرب بمستويات المعيشة، حيث انخفض متوسط نصيب الفرد من الدخل 11% في لبنان، و1.5% في تركيا ومصر والأردن، مقارنةً بالمستويات التي كان يمكن تحقيقها لو لم تنشب الحرب، وتعد تكلفة الفرصة البديلة لفقدان التكامل التجاري أكبر من التكلفة المباشرة لمصر والأردن وتركيا.
وحسب “البنك الدولي”، شهدت كل القطاعات الاقتصادية في سورية تأثيراتٍ سلبية، لكن ملكية الأراضي تضررت بشكلٍ خاص بسبب التراجع الحاد في الطلب على الأراضي، وذلك نتيجة لجوء أعدادٍ ضخمة من السوريين إلى بلدان أخرى.
وأكد الدولي أنه، بالمقابل، استفاد أصحاب الأراضي والشركات في لبنان وتركيا، في حين تضرر العمال لأن تدفق اللاجئين السوريين رفع الطلب على السلع والخدمات، وما أدى إليه من زيادة في المعروض من العمالة، كما يعاني الكثير من المواطنين مع تدهور جودة الخدمات وتراجع الأجور بسبب التنافس الشديد على فرص العمل.
واعتبر “البنك الدولي” أن التكلفة الاقتصادية الحقيقية للحرب تتجاوز الآثار المباشرة للحرب على المنطقة، حيث إن الحرب عطلت نمو التجارة فيما بين بلدان المنطقة، وأوقفت خطط تعميق التكامل التجاري، ما يوجب إدراج المنافع المفقودة لزيادة التكامل التجاري، وذلك لعرض تقييم دقيق للتكلفة الاقتصادية للحرب.
وبيّن الدولي أن هذا التقييم لا يأخذ في الحسبان التكلفة المالية لتقديم خدمات أسياسية للاجئين في البلدان المضيفة، ولا تكلفة استخدام اللاجئين لمرافق البنية التحتية، وقد تكون هذه التكلفة ضخمة لكل من لبنان والأردن وتركيا، وهي البلدان الثلاثة التي استقبلت أكبر عددٍ من اللاجئين.
وصرّح الدولي أن التكلفة المستقبلية الناشئة عن الأعداد الضخمة من الوفيات وإعادة بناء الأصول المادية المدمرة ورأس المال البشري، ستكون ضخمة أيضاً على الأرجح، وخاصةً في سورية، لافتاً إلى أنه، ومن وجهة نظرٍ اقتصادية، لم يتم احتساب حجم هذه الصدمات إلا منتصف 2014، أما الحجم النهائي للأثر الاقتصادي، شاملاً الأثر البشري، فسيتغير اعتماداً على المسار الذي ستأخذه الحرب في شرق المتوسط.
يشار إلى أن تقريراً لـ”البنك الدولي” أفاد أن الناتج المحلي الإجمالي لسورية سينمو 1.8% خلال 2014، مقابل تراجع نسبته 18.7% العام الماضي، وفقاً لتقديرات وحدة معلومات “الإيكونميست” التي استند إليها تقرير البنك.