لا تزال الجمعية الحرفية للصياغة وصنع المجوهرات بدمشق تنعي مبيعات الذهب، وإن بعض التجار بدؤوا يفكرون جدياً بالانسحاب من السوق وإلغاء اشتراكاتهم في الجمعية.
وتحمل الجمعية مسؤولية ذلك بحسب مزاعمها إلى وزارة المالية، لأنها عدلت رسم الإنفاق الاستهلاكي وأصبح 5% على كل غرام من الذهب، فأصبح السوق بعد إعلان الجمعية التزامها بتحصيل الرسم الجديد من الصاغة جامداً وعلى وشك الانهيار بسبب توقف حركة التداولات اليومية والتي كانت تصل في بعض الفترات إلى ما يزيد على 5 أو 6 كيلو غرامات.
إن تخفيض وزارة المالية لرسم الإنفاق على الذهب من 10% إلى 5% بموجب المرسوم رقم /11/ الصادر مؤخراً أمر جيد لا يدعو إلى الاستهجان الذي أبدته جمعية الصاغة، ولو أنها قامت برفعه لكان الوضع مختلفاً، وربما كان ليؤثر على حركة التداولات اليومية.
ما أثار حفيظة جمعية الصاغة وتحفظها ليس الرسم المخفض، بل الشروط والآلية التي وضعتها وزارة المالية لتحصيل الرسم، وهذه الآلية لم تكن موجودة في السابق، فقد كان البائع أو الحرفي يدفع 5 آلاف ليرة فقط عن كل كيلو غرام واحد، ما أدى إلى تهرب تجار الصاغة من دفع جزء كبير من الرسم، وضياع مبالغ كبيرة على خزينة الدولة كانت تشكل أرباحاً إضافية للصاغة، وهو ما كان يبرر صمت تجار الذهب والجمعية على الرسم السابق، فقبل التعديل أو التخفيض لم نشهد توقفاً لمبيعات الذهب ولا جموداً أطبق على السوق، ولم تنخفض واردات الجمعية، وهي جمعيها مفاعيل عكسية ظهرت بعد تخفيض الرسم وتحديد آلية واضحة ودقيقة للتحصيل.
ومن جهة أخرى، وزارة المالية عندما وضعت آلية واضحة للتحصيل أرادت بها أن تضبط حجم أعمال الصاغة وأصحاب الورش، فطلبت من الجمعية تزويد الدوائر المالية بأسماء وعناوين الورشات ومحلات بيع الذهب خلال الأيام العشرة التي تلي تاريخ صدور الرسم الجديد، على أن يرفق مع البيان الشهري الذي يتوجب على الجمعية تقديمه للدوائر المالية لائحة بأسماء الورشات التي قامت بالوسم لديها وكميات الذهب الموسوم من قبل كل منها وأنواعها وعيارها، وفي المقابل يقوم مراقبو الإنفاق الاستهلاكي بتدقيق قيود الورشات وتدقيق الإيصالات التي تثبت تسديد رسم الإنفاق الاستهلاكي عن كميات الذهب التي تم وسمها، وهذه الآلية لم ترق للجمعية والصاغة، لأنه من المعروف أن الصاغة يخضعون لضريبة الدخل المقطوع، وإن ظهور حجم أعمالهم الحقيقية قد يعرضهم للانتقال إلى زمرة مكلفي ضريبة الأرباح الحقيقية، وهو مالا يراه الصاغة في مصلحتهم لأنه يضبط الكثير من الممارسات التي يقومون بها في الظل إن وجدت، لذلك فهم يفضلون التكتم على أعمالهم الحقيقية وأرباحهم وما يمتلكونه من ذهب تهرباً من زيادة الأعباء الضريبية التي هي حق لخزينة الدولة.
لذلك لاحظنا في الاجتماع الأخير الذي ترأسه رئيس مجلس الوزراء الدكتور وائل الحلقي بهذا الخصوص، أنه تم التركيز على آلية تحصيل رسم الإنفاق على الذهب، ولم يتم التطرق كثيراً إلى مسألة الرسم، فالجمعية تفضل أن يبقى الرسم على حاله كما في السابق «10%» مقابل تعديل آلية التحصيل، ومهما تكن الآلية التي سيتم اعتمادها لاحقاً، المهم أن تحفظ حقوق الخزينة.