ظلال الأزمة السورية واسعة، لم تترك شيئاً في هذا البلد إلا وألقت بظلالها عليه، والمهم بعد المواطن السوري هو الاقتصاد الذي بات متأثراً ومؤثراً في حياة السوريين.
ومن المعروف من زمن سابق أن السوريين محبين للحياة والخروج والمطاعم، وكانت المطاعم السورية تعج بالحياة وتجمع على موائدها السوريين والسياح، خاصة أنه في السنة السابقة للأزمة ومنذ ٢٠٠٧ ازدهرت السياحة في سورية وباتت معالمها ومطاعمها وآثارها مقصداً للكثير من السياح الأجانب والعرب.
حتى ألقت الأزمة بظلالها على السياحة موقفة نشاطها، وأصبحت المطاعم تفتقد ليس فقط للسياح وإنما للغالبية الكبرى من زوارها السوريين، فقد سافر من سافر، ومن بقي لم يعد قادراً على مجاراة الجلوس فيها من عدة نواحي منها افتقاد الأمان، غلاء الأسعار التي أرهقت المواطن في حياته المعيشية اليومية، فكيف مع ارتفاع الأسعار في المطاعم، ودخله الذي لا يقوى على أي رفاهيات، بل بات عاجزاً عن القيام بالواجبات الضرورية.
وفي جولتنا على مطاعم دمشق نرى كيف تنازل المواطن السوري بشريحته الأكبر، عن رفاهية المطاعم مثلما تنازل عن أمور كثيرة بعد موجة الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت البلد ووضعته أمام واقع مفروض عليه أن يتقبله ويتماشى معه.
وفي الوقت الذي بقيت فيه شريحة صغيرة من السوريين ترتاد المطاعم كما في سابق عهدها يومياً وتختار الفارهة منها، نجد الشريحة الثانية التي كانت معتادة على الذهاب خلال أيام الاسبوع أو بشكل يومي، تذهب بشكل خفيف فقد اختلفت الأمور.
فيما باتت هناك شريحة ثالثة وهي عبارة عن الشباب أو طلاب الجامعات والذين اقتصروا خروجهم على يوم أو يومين على الأكثر خلال الشهر، كما أن قائمة طلباتهم من المطعم قد تغيرت، فقد دفعهم اشتعال الأسعار إلى تقليص فاتورتهم في المطعم.
أما عن أصحاب المطاعم فقد أكدوا خلال جولتنا أن غالبية المطاعم أغلقت أبوابها فلم تعد تتمكن من تسديد ما يترتب عليها بسبب الخسائر المتلاحقة التي أصابتها، مع النقص المستمر بعدد الرواد.
وهذا الأمر يبدو واضحاً لمن يعرف مطاعم دمشق جيداً فقد تقلص عددها للنصف تقريباً إذا ما غالينا بالعدد.
و بدا لنا أن ارتفاع الأسعار ينغص على أصحاب المطاعم كما على رواده، فهم أيضاً لديهم قوائهم التي يجب أن يحافظوا على وجودها وجودتها للمحافظة على من تبقى من زوارهم.
فواتير باتت ترهق أصحاب المطاعم الذين ينقلون إرهاقها عبر الفاتورة للزبون، لتصبح فجأة رفاهية المطاعم حكر على شريحة معينة من السوريين وتستثني الشريحة الأكبر، في هذه الأزمة التي من حيث لا يعلم السوريون دخلت في سراديب حياتهم اليومية والصغيرة وجعلت منهم حسب استطاعة رفاهيتهم المادية شرائح مقسمة حتى بالمطاعم!.