أفاد رئيس " مجلس الأعمال السوري الأرميني" " ليون زكي" بأن ملف إعادة إعمار ما دمرته الحرب في سورية شائك جداً وليس استحقاق داخلي فقط كما يحلو لبعضهم أن يصوره، بل هو شأن يتطلب تدخل جهات عالمية مانحة ذات علاقة به كي يتم وضعه على السكة الصحيحة لإنجازه نظراً لفداحة الأضرار وذيوعها، الأمر الذي يتطلب إقرار مشروع كبير على غرار "مارشال" الغربي بقيادة واشنطن والذي أعاد بناء ما دمرته الحرب في برلين وغيرها من المدن الألمانية في زمن قياسي.
وأوضح زكي في دراسة بأن لشركات القطاع الخاص والعام والمشترك دور في عملية الإعمار ولكن بشرط إقناع الرساميل الأجنبية "الجبانة" بالدخول إلى سورية
منوهاً إلى أن حجم الدمار الكبير الذي لحق بالبنية التحتية والمرافق والمصانع ووسائل الإنتاج "يتطلب إعادة إعماربالمستوى الدولي وبمشاركة دولية تمويلاً وتنفيذاً بما لا يتوافق مع إمكانيات شركاتالتطوير العقاري مهما كبر حجمها وعلى شأنها".
ولفت زكي بحسب موقع " تحت المجهر" الالكتروني إلى أن إعمار سورية حظي بحيز واسع من الطرح والنقاش داخلياً وخارجياً "على الرغم من أنه من المبكر الخوض في توقيت انطلاقته بدليل أن أهم المانحين الدوليين لمثل هكذا عملية وهو البنك الدولي صرح في مطلع نيسان 2015 بأنه يتعين من أجل مساعدة سورية وجيرانها على التعافي من الصراع الدائر فيها إعداد خطة لإعادة الإعمار بعد الحرب في سورية من القوى والمانحين الدوليين، ما يعني أن على الحرب أن تضع أوزارها أولاً قبل الشروع في العملية، وهو أمر مستبعد في المدى المنظور على الرغم من جهود التسوية بسبب دخول (داعش) على خط النزاع".
وبيّن أنه يمكن البدء بالإعمار خلال الأزمة وباستطاعة الاقتصاد التكيف مع استمرار الحرب، كما هو حال أفغانستان "ولكن ستفرز العملية الكثير من التداعيات السلبية في ظل غياب إستراتيجية فعالة تحوّل الصراع إلى سلام نتيجة لتحويل قسط غير يسير من المساعدات حجم الإنفاق الأمني بينما تذهب معظم المساعدات غير الأمنية لخدمة شركات المقاولات ومستلزماتها".
وأضاف: "الأهم من ذلك أنه في حال استجلاب صندوق النقد والبنك الدوليين كأهم مانحين لإعادة الإعمار فإنهما سيفرضان سياسات تمنع مستويات العجز في الموازنة الحكومية التي تحول دون تمويل الحكومة لنفقاتها والتوسع بالإنفاق عبر التمويل بالعجز، ما يجعلها تحت رحمة قروضهما وعاجزة عن تمويل مشاريع التنمية في جميع القطاعات بدل قطاعات محددة يفرضها الإعمار تتنافى مع عملية التنمية المستدامة وتفرض أشكال جديدة من الفساد".
وفيما يخص الموازنة التي تخصصها الحكومة لإعادة الإعمار، لفت رئيس مجلس الأعمال السوري الأرميني إلى أن اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لدول غرب آسيا (إسكوا) التابعة للأمم المتحدة، قدرت الأضرار التي على الحكومة السورية المساهمة بها في إعادة الإعمار بنحو 90 مليار دولار لعام 2014 بينما خصصت لها الحكومة في موازنة 2014 حوالي 50 مليار ليرة (الدولار 190 ليرة)بما يعادل 260 مليون دولار تقريباً، وهو رقم يتناقص مع هبوط أسهم الليرة السورية أمام الليرة بعدما وصل إلى عتبة 310 ليرات للدولار الواحد منتصف تموز 2015 حيث سيلغ حجم الأضرار في مطلع السنة حوالي 237 مليار دولار، بحسب اللجنة التي ترى أن على الحكومة تحمل 40 بالمئة منها.
وتابع: "إن متوسط التكلفة الشهرية لإعادة الإعمار دولياً، وفق معدلات أشهر العام 2014 يبلع 5.66 مليار دولار للشهر الواحد، ما يعني أنه كلما طالت الأزمة وكلما طالت التعديات على البنية التحتية والاقتصادبة والخدمية فإن أرقام إعادة الإعمار ستصبح كبيرة جداً ليس بمقدور الحكومة السورية تحمل تبعاتها في ظل اشتراطات المانحين الدوليين علماً أن الناتج المحلي الإجمالي ركد حوالي 60 بالمئة في العام 2013 و35 بالمئة في 2012 و15 بالمئة في العام الذي سبقه، والأخطر من ذلك أن الأزمة حتى نهاية 2014 كبدت سورية خسائر تعادل تراجع 3 عقود من النمو الاقتصادي وعقدين من التنمية البشرية، بحسب الإسكوا".
ورأى إن ما يعيق عمل الحكومة فيما لو أرادت البدء بعملية إعادة الإعمار "هو عدم قدرتها على مسح وتوثيق الأضرار وحتى حصرها وتقديرها في الكثير من المناطق وفي ظل عدم القدرة على التنبؤ بالأضرار التي قد تلحق ببعض المناطق مستقبلاً، ولذلك تغدو مهام المؤتمرات والمعارض الخاصة بإعمار البلاد مجرد استشفاف للأحوال الراهنة".
وأوضح أن الحكومة تركز بحثها على إعادة إعمار المناطق التي أعيد إليها الأمن "كما في كفرسوسة وبساتين الرازي بدمشق على أن تنطلق لمحافظات أخرى أما إعادة الإعمار الشاملة فرهن بتحقيق الاستقرار الشامل أيضاً فيما تنصب جهود الحكومة كإجراء مؤقت وإسعافي في التعويض على الأضرار التي لحقت بالمواطنين من لجنة إعادة الإعمار المشكلة في 23 أيلول 2012 برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الخدمات- وزير الإدارة المحلية والتي رصدت 15 مليار و439 مليون ليرة للخطة الإسعافية لعام 2014 نفذ منها 88 بالمئة ورصدت 18 مليار و840 مليون ليرة للخطة الإسعافية لعام 2015".