أسباب عدّة كانت وراء استمرار بورصة دمشق خلال فترة الأزمة، أبرزها الثقة الكبيرة التي حصلت عليها البورصة من المستثمرين على اعتبار أن السوق لم تغلق جلساتها طوال فترة الأزمة مثلما فعلت البورصات العربية التي تعرّضت لأزمات مثل مصر وليبيا، إضافة إلى أن تذبذب سعر صرف الليرة أمام الدولار وكذلك تذبذب أسعار الذهب دفعا صغار المستثمرين إلى التوجّه نحو مطارح استثمارية أكثر أماناً، وكانت البورصة هي الهدف بالنسبة إليهم، يضاف إلى ذلك ما صرّح به أحد صغار المستثمرين بقوله لـ”البعث”: إن انخفاضات أسعار الأسهم عام 2012 شكّلت إغراءً واضحاً للمستثمرين، وحرّضتهم على الدخول إلى سوق دمشق للأوراق المالية وشراء هذه الأسهم بأسعار منخفضة على أمل ارتفاعها لاحقاً، الأمر الذي انعكس إيجاباً على ارتفاع أسعار الأسهم خلال 2013، إلى جانب أن نتائج الربع الثالث للعام ذاته تشير إلى أن معظم الشركات المدرجة في السوق كانت رابحة وهذا الأمر انعكس أيضاً على أداء البورصة…!.
متّزن
المدير التنفيذي لسوق دمشق للأوراق المالية الدكتور مأمون حمدان يؤكد أن أداء البورصة جيّد ومتزن ومستقر على الرغم من الظروف الراهنة وما تشهده من حالات ارتفاع وانخفاض وجني الأرباح السريعة وهو أمر طبيعي، فلا تزال السوق تحافظ على أداء أسبوعي إيجابي رغم تباين نتائج جلسات التداول وما يصيبها من حالات سبات تأتي في إطار جني الأرباح وهذا أمر اعتيادي يحصل في كل الأسواق، معتبراً أن ما يعزز الثقة بسوق دمشق للأوراق المالية هو حصولها على المرتبة الثانية بين البورصات العربية عن الربع الثالث لعام 2015، علماً أنها حصلت على المرتبة الأولى العام الماضي.
خلف الستار
ويتوقّع بعض المراقبين لجوء الأيادي التي حرّكت أموالها من خلف الستار والمضاربين بسعر الصرف في السوق السوداء إلى مطارح استثمارية أخرى، علّهم يحققون مزيداً من الأرباح، ودون شك تعتبر بورصة دمشق وجهة استثمارية محتملة، ولاسيما أن الانخفاض الذي طرأ على أسعار الأصول المالية المتداولة في سوق دمشق للأوراق المالية خلال فترة الأزمة لم يكن حقيقياً ليعكس بدقة انخفاض النشاط الحقيقي للشركات المدرجة، وبالتالي من الطبيعي أن تعاود أسعار هذه الأصول الارتفاع بالتزامن مع عودة الثقة (جزئياً) إلى الاقتصاد السوري.
كما أنه من المعروف في عالم الأعمال أن رأس المال ولاسيما الخاص منه يعتبر انتهازياً، وتتجلى انتهازيته بشكل خاص في أوقات الأزمات، وهذا لمسناه خلال الأزمة الراهنة، وبالتالي فإن انحسار اللعب والمضاربة بسعر الصرف في السوق السوداء، سينعكس على مطارح استثمارية أخرى ومن المتوقع أن يكون لبورصة دمشق حصة في ذلك، وستشهد سلسلة متعاقبة من تحسّن مؤشرات الأداء مدفوعة أيضاً بزيادة الطلب على منتجات هذه السوق.
نشر
تسعى سوق دمشق للأوراق المالية إلى نشر الثقافة الاستثمارية في البورصة لأنها الأداة الأكثر أماناً بشكل عام، وفي أوقات الأزمات بشكل خاص، وفق ما أكده لـ”البعث” مدير التوعية والدراسات في السوق أسامة حسن، الذي أوضح أن مصدر هذا الأمان الاستثماري هو قيام السوق على أسس متينة تضمن عمليات التداول، معتبراً أن ورشة العمل التي أقامتها السوق مؤخراً تندرج ضمن هذا الإطار، لأنها تساهم في تعزيز وتسهيل علاقات الاتصال بين الشركات المدرجة من جهة، وبورصة دمشق من جهة ثانية، إلى جانب ترسيخ مبدأ الشفافية والعدالة لجميع المستثمرين بغية الحصول على المعلومات نفسها في وقت واحد ومناسب.
الأرقام تتحدّث
ولعل ما سنورده من أرقام تُشخِّص أداء بورصة دمشق كفيل بإثبات أنها الملاذ الاستثماري الأكثر أمناً من الدولار، على الأقل، خلال هذه الفترة التي يشهد فيها سعر الصرف تذبذباً حاداً بين الفينة والأخرى، ولاسيما إذا ما علمنا أنه سبق أن حازت بورصة دمشق المرتبة الأولى حسب تقرير اتحاد البورصات العربية عن الربع الثاني لعام 2013، وأنها سجّلت خلال عام 2013 أيضاً تداولات بقيمة 2.2 مليار ليرة سورية بحجم تداول بلغ حوالي 19 مليون سهم موزعة على نحو 11 ألف صفقة، مرتفعة بذلك بنسبة 4.8% عن عام 2012 الذي بلغت فيه قيمة التداولات 2.1 وبحجم تداول بلغ 11 مليون سهم موزعة على 8 آلاف صفقة، كما بلغت قيمة تداولات سوق دمشق للأوراق المالية 3.3 مليارات ليرة خلال 2014، جرّاء تداول 25 مليون سهم، موزعة على 6.712 صفقة، وترافق ذلك مع ارتفاع المؤشر خلال عام بـ16 نقطة فقط، حيث أغلق مؤشر السوق أمس على 1.265 نقطة، بينما كان المؤشر بداية العام 1249 نقطة.
دمشق – ح. النابلسي