رأى " أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق شفيق عربش (المدير السابق للمكتب المركزي للإحصاء) حول أزمة سعر الصرف " أنها أزمة كان بالإمكان تجنبها، حيث إن إدارة السياسة النقدية لم توفق في حساباتها فيما يتعلق بالأزمة، واختارت ما اعتقدت أنه المعركة الأسهل بالنسبة إليها، وهي معركة سعر الصرف حيث لم يخطر على بال الإدارة النقدية أن هذه الحرب القذرة على سورية ستطول كل هذه المدة واعتقدوا أنهم خلال أشهر قليلة ستحسم الأمور وبالتالي معركة سعر الصرف كانت ضرورية حيث استطاعوا في أول سنتين من الأزمة الحد من تدهور سعر الصرف ولكن بعد ذلك فقدوا السيطرة على الساحة ومع هذا ما زالوا مستمرين باعتماد نفس الأسلوب في دعم الليرة السورية.
مؤكداً وفقا لما نشرته صحيفة "الوطن" المحلية في عددها الصادر اليوم أن الإدارة النقدية لم تكن موفقة في عملها وهي التي ساهمت بما وصلنا إليه الآن لأنها أول من ضارب على الدولار من خلال جلسات التدخل حيث إن جلسات التدخل تعتبر مزادات علنية وبالتالي هي مضاربة وهذه الأعذار التي تقدم في كل مرة وأن سعر الصرف الحالي هو سعر وهمي ولعبة ارتفاع ليرة وانخفاض ليرتين لا تحل المشكلة.
أكد عربش أن الحل يتمثل بإطلاق العملية الإنتاجية ودعمها بقوة لأنها ستؤدي لتشغيل الناس وتولد الدخول وتقلل الاعتماد على الاستيراد وتوفر من القطع الأجنبي، وما يتم الحديث عنه فيما يتعلق بتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمتناهية في الصغر أصبح مكرراً جداً يعود إلى ما قبل الأزمة وكان مطروحاً بقوة في الخطة الخمسية العاشرة، ولذلك يجب إطلاق خطة المشاريع الصغيرة والمتوسطة بالشكل السليم وليس بالشكل الذي يحدث الآن بأن نعلن في كل يوم خطة جديدة وأكثر من جهة تطرح المشروع.
فنحن بذلك ننتقل من إخفاق إلى إخفاق وخير دليل على ذلك أنه بعد أن تفاقمت أزمة المياه في دمشق تحدثوا عن مشاريع لحلول بديلة بـ16 مليار ليرة سورية وكأنه بمجرد الحديث عن أرقام مالية كبيرة نكون قد حللنا المشكلة، وفي الحقيقة أن التنمية ليست أرقاماً مالية كبيرة والتنمية هي مشاريع صغيرة تعمل وليست طموحات كبيرة لا نستطيع أن نحققها وبالتالي تتحول إلى عبء علينا، وهنا فإن الإدارة الحكومية في بعض جوانبها عطلت العملية التنموية، كما أن اتحاد غرف الصناعة في سورية يعرف ما اللازم لإطلاق العملية الإنتاجية ولكن هناك تعنداً من بعض المسؤولين هو الذي يؤدي إلى تأخيره.
وشدد عربش على أن إعادة دوران عجلة الاقتصاد ستؤدي إلى خلق فرص عمل وبالتالي دخول عدد كبير من العاطلين من العمل حيث قدرت نسبة البطالة بأكثر من 50% وبالتالي إطلاق عملية الإنتاج سيؤدي لدخول الكثير من الناس لسوق العمل وبالتالي تحفيز الطلب والطلب يحفز العملية الإنتاجية وهكذا ندخل في حلقة ايجابية تسهم في خلق معدلات نمو اقتصادي مقبولة في ظل الظروف التي نعيش بها، فلا يمكن إنكار أثر الحرب القذرة التي تشن على سورية.
ولكن لا يجوز بالمطلق أن نعزو كل أسباب هذه الأزمات للحرب ولابد لنا من القول إن الإدارة الاقتصادية في سورية لم تكن على مستوى الحرب وبقيت في نطاقها التقليدي أو تبحث عن حلول من الماضي وتعيد إنتاجها من جديد وخير دليل على ذلك ما حدث في المشتقات النفطية.