ظاهرة جديدة بدأت تتنامى في المجتمع السوري مع تردي الأحوال المعيشية للكثير من الأسر الفقيرة وارتفاع الأسعار الجنوني ألا وهي زراعة أصناف مختلفة من الخضر على أسطح المنازل فقد تحولت فكرة زراعة أشتال الخضر على أسطح المنازل وشرفات البيوت التي كان يطبقها العديد من هواة الزراعة إلى مشروع إنتاجي وذلك من أجل تأمين قوتهم وقوت أولادهم.
وتؤكد السيدة فرحانة الزعبي أن الحاجة أم الاختراع فقد وجدت في زراعة الخضر والبقول الحل الأمثل والوحيد لتأمين حاجتها هي وأطفالها وخاصة مع ارتفاع الأسعار لهذه المواد غير المبرر حيث قامت بإعداد أحواض صغيرة على سطح منزلها وزراعتها بأصناف مختلفة من البقول والخضر مثل الفول والكزبرة والبندورة.
إضافة إلى تربية الدجاج من أجل توفير مادة البيض وما يفيض عن حاجتها تبيعه إلى جاراتها في الحي، وتقول السيدة فرحانة إنها باتت من خلال هذا المشروع امرأة عاملة قادرة على إعالة أسرتها المكونة من خمسة أفراد بالتعاون مع زوجها العامل البسيط في إحدى المؤسسات الحكومية.
بينما أكد المواطن رامي جمال الدين أن فكرة زراعة الخضر على سطح منزله بدأت كهواية يمضي وقته في رعاية النباتات ويسعد بها وبجمالها عندما تثمر لكنها مع صعوبة الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار الكبير باتت هذه الهواية رديفاً اقتصادياً مهماً لأسرته يؤمن خلالها جزءاً لا بأس به من حاجاتهم.
سامر العتيق قال: ليست فكرة الزراعة في الأحواض المنزلية بالأمر السهل، بل تحتاج خبرة زراعية ومعرفة مواعيد الزرع وغيرها من المعلومات الزراعية، وقد حاولت الاستفادة من المواقع المتخصصة بالزراعة في شبكة الإنترنت لمعرفة مواعيد زراعة بعض أصناف الخضر وطريقة سقايتها واستشارة من كان بها خبيراً من المعارف والأصدقاء أصحاب المعرفة والخبرة.
المهندس الزراعي رضوان الشيخ بين أن زراعة الأسطح باتت ملاذاً بعد انحسار الأراضي الزراعية نتيجة حرقها وتخريبها من قبل الإرهابيين، إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية من الخضر والبقوليات.
ويرى أن زراعة الأسطح ذات جدوى اقتصادية جيدة لمن يعمل فيها وفي إمكان مختلف شرائح المجتمع القيام بهذا العمل من الشباب طلاب المدارس والجامعات خلال العطلة الصيفية أو كبار السن من السيدات والرجال المتقاعدين عن العمل وإتاحة فرصة العمل لهم، ما يؤدي لشغل أوقات فراغهم ورفع الروح المعنوية لديهم.
وتالياً استثمار أسطح المنازل والشرفات من أجل إنشاء مشاتل صغيرة فوق أسطح منازلهم, ويشجع المهندس الشيخ هذا النوع من الزراعة التي تسمى الزراعة الحضرية لأنها تستخدم وتعيد استخدام الموارد الحضرية المتوفرة والمهملة، وتمكن أفراد المجتمع من الحصول على غذاء طازج وآمن، وتسهم في توليد فرص عمل للكثيرين وخاصة بعد أن تفشت البطالة بسبب الحرب وخسارة العديد من أصحاب الأعمال والمهن الحرة لأعمالهم ومحالهم وارتفاع نسبة الفقر.
وأضاف الشيخ أن زراعة الأسطح تعد من الأمور التي لم يعتد المواطن العربي عليها نظراً لتوفر الأراضي الصالحة للزراعة في معظم البلدان العربية على اختلاف نوعيات التربة في هذه البلدان إلا أن كثيراً من الدول الغربية لجأت لهذه التقنية للتغلب على صعوبة الزراعة في الأراضي المتاحة التي قد تكسوها الثلوج معظم فترات العام أو قد تكون أراضي صخرية أو غدقة (أي ترتفع بها مستويات المياه الجوفية) .
وتابع الشيخ مع ندرة المياه التي تواجه بعض أو أغلب البلدان العربية أصبح من الضروري اللجوء لوسائل أكثر تطوراً وغير تقليدية …
…كذلك فإن الغذاء الآمن صحياً أصبح من الندرة حيث يمكن القول إن أغلب الغذاء المتوافر غير آمن صحياً بنسبة كبيرة وذلك لكثرة اللجوء للمبيدات الكيماوية والهرمونات الصناعية لتحسين كميات المنتجات الزراعية ما يؤدي في النهاية لتدهور الحالة الصحية للمستهلك لهذه المنتجات.
لهذا فإن الاتجاه لاستغلال طريقة الزراعة على الأسطح قد يوفر بعض الغذاء الآمن صحياً للمستهلك كما قد تدر عليه دخلاً يساعد في تكاليف المعيشة، إضافة إلى أنها تسهم في تعزيز قيمة الزراعة في نفوس الشباب عن طريق مشاركة كل الفئات في هذا المشروع.
إضافة إلى فوائدها في تنقية هواء المدن من الملوثات، حيث وجد أن كل 1 متر مربع من المسطح الأخضر يزيل 100غرام من ملوثات الهواء كل عام، مشيراً إلى أن المنازل التي يزرع سطحها تنخفض درجة الحرارة فيها إلى 7 درجات مئوية عن المنزل العادي، وهذا يساهم بشكل كبير في التخفيف من شدة الحرارة صيفاً أيضاً.
“صحيفة تشرين”