خلصت دراسة أعدّها "المركز الوطني للسياسات الزراعية" إلى أنه ورغم تمتع منتج البندورة السورية الطازجة بميزة نسبية ظاهرية كبيرة وواضحة، إلا أن هناك تراجعاً في صادراتها، ويُعزى ذلك في جانب منه إلى عدم كفاية وكفاءة الخدمات التسويقية المقدمة للمنتج السوري، علماً أن سورية تتقدّم على تركيا في هذه الميزة، وهو ما يجب استثماره والاستفادة منه، ليس هذا فحسب بل تمتلك سورية ميزة المنافسة السعرية في الأسواق الروسية وتتقدّم على تركيا المصدّر الأول للسوق الروسي، وكذلك تمتلك سورية ميزة المنافسة السعرية في الأسواق العراقية وتتقدّم على الأردن المصدّر الأول للبندورة للعراق.
مستقر ولكن..!
وتضمّنت الدراسة التي حملت عنوان “قياس تنافسية صادرات البندورة السورية في السوقين العراقي والروسي باستخدام المؤشر المركب للتنافسية”، أن إنتاج البندورة السورية مستقر إلى حد كبير ولكنه أقل استقراراً من الدول المصدّرة المهمة الأخرى، وهذا يعود بشكل رئيسي إلى الأزمة الراهنة، مشيرة إلى أن اختراق البندورة السورية للأسواق الروسية يقل عن 1%، ويبلغ بالمتوسط 0.19 نقطة، وأن الإنتاج السوري من البندورة قادر على زيادة الكميات المصدّرة كما دلّت تجربة الكوريدور الأخضر، بالمقابل بلغت قيمة معامل الاختراق للسوق العراقية 19.3% في عام 2009 وهي أعلى قيمة وصل إليها المعامل قبل الأزمة وتعكس إمكانات ضمنية كبيرة لإنتاج البندورة السوري، حيث إنه قادر على اختراق السوق العراقية بنسبة الخمس تقريباً، كما أن تنافسية البندورة السورية في الأسواق العراقية هي في وضع أفضل منها في الأسواق الروسية.
انحدار..!
وأشارت الدراسة إلى أن الميزة النسبية الظاهرية للبندورة السورية هي إجمالاً في انخفاض على المدى البعيد، بينما مؤشر المنافسة السعرية هو في تراجع على المدى البعيد في السوق الروسي، وبدرجة أقل في السوق العراقي، وإن كان الاتجاه العام له قبل بدء الأزمة في ارتفاع في هذا السوق، أما الاتجاه العام لمؤشر اختراق الأسواق فقد كان في تناقص في الأسواق الروسية قبل الأزمة وبعد الأزمة على السواء، بينما في الأسواق العراقية كان ولا يزال في ارتفاع، وأخيراً ينحدر الاتجاه العام لمؤشر الحصة السوقية في الأسواق الروسية بشكل كبير، بينما كان الاتجاه العام لهذا المؤشر متزايداً في السوق العراقية قبل بدء الأزمة وأصبح متناقصاً بعد بدئها، وبالنسبة لمؤشر التنافسية المركّب فإن المركز الضعيف نسبياً مقارنة مع الدول الأخرى والمتراجع على المدى البعيد هو في جزء كبير منه يعود إلى الأزمة الراهنة، وهو ما كان واضحاً لدى دراسة بعض المؤشرات الداخلة في مؤشر التنافسية المركب.
بالنسبة للصادرات التركية والمغربية في السوق الروسي، فإن مؤشر التنافسية المركب للبندورة التركية والمغربية هو أعلى بـ4.1 نقاط و3.6 نقاط على الترتيب من مؤشر البندورة السورية، وهذا يعود في معظمه إلى ارتفاع مؤشر الحصة السوقية التركية بالدرجة الأولى، ومؤشر اختراق الأسواق التركي بالدرجة الثانية، وإلى ارتفاع مؤشر الميزة النسبية الظاهرية للبندورة المغربية، وكذلك مؤشرا الحصة السوقية واختراق الأسواق المغربيان.
فرصة
وأكدت الدراسة أن مؤشر التنافسية المركّب للبندورة التركية في الأسواق الروسية سيشهد تدهوراً كبيراً في المرحلة المقبلة، ويمكن لصادرات البندورة السورية أن تستفيد من هذه الفرصة. ولا تمتلك البندورة المغربية ميزة المنافسة السعرية في الأسواق الروسية، ومن الضرورة استغلال المنتجين السوريين لهذه الميزة وتوسعة صادراتهم إلى الأسواق الروسية، وخصوصاً أنه على الرغم من الأزمة المفروضة على القطر بلغت قيمة مؤشر المنافسة السعرية للبندورة السعرية في عام 2012 ما يعادل 1.073 نقطة أي أن البندورة السورية بقيت تحافظ على الميزة السعرية حتى في سنوات الأزمة.
بالنسبة للصادرات الأردنية في السوق العراقي، مؤشر التنافسية المركب للبندورة الأردنية يفوق نظيره السوري بـ12.7 نقطة وهو فارق كبير يعود إلى ارتفاع الميزة النسبية الظاهرية للبندورة الأردنية بشكل كبير وكذلك ارتفاع الحصة السوقية لها في الأسواق العراقية، لكن مؤشر المنافسة السعرية للبندورة السورية أعلى منه للبندورة الأردنية وكذلك مؤشر اختراق الأسواق، أي أن البندورة السورية قادرة على المنافسة سعرياً كما أن لها حضورها المؤثر إلى حدّ ما في الأسواق العراقية، وهذا ما يجب البناء عليه لتطوير قدرتها على المنافسة وبالتالي رفع مؤشر التنافسية المركّب لها في هذا السوق.
المشكلة
رئيس قسم التجارة في المركز المهندس "محمود ببيلي" بيّن أن المشكلة الأهم بالنسبة للبندورة السورية هي انخفاض ميزتها النسبية الظاهرية على المدى البعيد على الرغم من حيازتها لهذه الميزة، وهو ما يعكس تقلّص أسواق البندورة السورية رغم وجود إمكانية التوسّع أفقياً. واعتبر ببيلي الذي شارك بإعداد الدراسة في تصريح خاص لـ”البعث” أن الزراعة المحمية هي المفتاح للصعود بإنتاج البندورة السورية وتشمل معها الإعداد الملائم للزراعة والتسميد المناسب والمكافحة المتكاملة للآفات ما يزيد إنتاجية وحدة المساحة، وكذلك تحسين الخدمات التسويقية له دور مهم، موضحاً أن عدم إعطائها العناية المطلوبة يعتبر من العوامل التي تضعف تنافسية المنتج.
الحل
أمام هذا المشهد قدّم ببيلي جملة من الاقتراحات الكفيلة بتحسين وضع البندورة السورية التنافسي في السوقين الروسي والعراقي، تتمثل بزيادة الإنتاج عبر توفير مستلزمات الإنتاج من بذار مرغوبة لأصناف مطلوبة في الأسواق الخارجية ذات غلة عالية ومواصفات تصديرية جيدة، وزيادة المبالغ الممنوحة من صندوق الدعم الزراعي لتشجيع الفلاحين والمزارعين على الاستمرار بزراعة البندورة وخصوصاً المحمية، ولاسيما أن تتالي الخسارة على مدار عدة سنوات يؤدّي بالنتيجة إلى التوقف عن الزراعة من الكثيرين وخاصة المزارعين الذين يستثمرون الأرض بالضمان.
كما دعا ببيلي إلى ضرورة التركيز على الزراعة المحمية للبندورة في الساحل لمردوديتها العالية وكفاءة المحصول للتصدير وملاءمة الظروف المناخية، والاستفادة من مشروع الكوريدور الأخضر لتوسيع الحصة السوقية للبندورة السورية في الأسواق الروسية، والاستفادة أيضاً من تراجع الصادرات التركية إلى السوق الروسية وتلبية الطلب الروسي على البندورة نتيجة لذلك، إضافة إلى التفاوض مع الجانب الروسي لتذليل العقبات الفنية والتجارية التي تمنع البندورة السورية من اختراق الأسواق الروسية بشكل أكثر فعالية، مشيراً إلى أنه في هذا الإطار يجب العمل على الوصول إلى اتفاقية تجارة حرة ثنائية مع روسيا أو الانضمام إلى الاتحاد الأوراسي أو الوصول إلى اتفاقية تجارة حرة مع الاتحاد الأوراسي.
المصدر: البعث