رغم أن وجوده يضفي المتعة والبهجة وأجواء المرح والفرح في الجلسات والسهرات، إلّا أنه في هذه الظروف التي يعيشها الناس، بات عبئاً ثقيلاً،.. ولم يعد بالإمكان تحمّل محاولاته لتحقيق المكاسب وفق تقديراته وحساباته الخارجة عن منظور الواقع بكل ما فيه من معاناة وتحديات للناس الذين يواجهون المزيد من الأزمات المعاشية، وباتوا أكثر عجزاً وضعفاً سواء من الناحية النفسية التي شحنت شخصياتهم بالغضب والتوتر والقلق الدائم والخوف وبشكل انعكس على ردات فعلهم المتشنجة تجاه أي موقف، أو من الناحية المادية التي تمثلها الجيوب الخاوية.
ولا يتوانى الكثير من الناس ومنهم صديقنا “أبو عمار” الذي يتبع مبدأ “عشت في الحياة “، وهو من المبادئ التي تشجّع على الاتكالية والاعتماد على الآخرين واقتناص الفرص.. في تجاهل ظروف الناس وابتزاز ابتساماتهم من خلال البحث الدائم عن المكاسب على مدار الساعة.
فهو في حالة استنفار وتأهب لأي دعوة لتناول الطعام، وقد يفرض نفسه دون خجل وبعبارة “املأ الفراغ” يصطاد بصنارة إدمانه أي سيكارة عابرة أو مقيمة داخل الباكيت، واللافت أنه لا يتذكر آخر عملية شراء قام بها لتأمين احتياجاته الشخصية، فقد سجن قرشه في صندوق محكم الإغلاق ولا عجب في أنه يستخدم لسانه اللاذع لاستدراج المكاسب ورمي أعبائه وهمومه على الآخرين بكل سهولة.
ولا شك في أن هذا النهج الحياتي والاستراتيجية المعاشية لأبي عمار، لا تختلف كثيراً عن توجهات العديد من الجهات العامة التي تتقاضى أجوراً على خدماتها كالكهرباء والمياه والاتصالات بحيث قصمت من خلال آليات عمل مؤسساتها.
وخاصة فيما يتعلق بنظام الجباية والفواتير التقديرية صمود الدخول المتواضعة أو المعدومة للمواطن الذي يتلمس خطوات بقائه في دائرة الأمان المعيشي والحياة الكريمة.
وطبعاً ليس المقصود هنا التشكيك في صحة الأرقام، بل ما نريد قوله إن ضخامة أرقام الفواتير لا يقابلها تصاعد في مستوى جودة الخدمات أو تحسين أداء الموظفين فيها، بل على العكس، فهناك جهات تتبع أسلوب العمل التقديري للفواتير،.
وتحديداً تلك التي تحتاج إلى قراءة من قبل المؤشرين الذين رغم كثرة عددهم في هذه المؤسسات الخدمية، إلّا أنهم غير متواجدين فعلياً على ساحة العمل، ويتم تقديرها من وراء المكاتب،.
وهذا الغياب يدفع ضريبته المواطن الذي يدفع فاتورة مضاعفة نظراً لتقصير هذه الجهات في عملها الذي يعتمد استراتيجية “العشت ” الخارجة عن سلطة القانون وأدبيات العمل، فهل يستنفر الضمير الوظيفي لمواجهة هذا الواقع، أم تعلّق هموم الناس ومطالبهم على أرجوحة الوعود الخلبية؟.
“جريدة البعث”