مع توقّف التصدير البري عبر سوريا وتفاقم الأزمة السورية وتشنّج العلاقات مع لبنان، توقف الاستيراد والتصدير بين البلدين بشكل شبه تام، حيث أقدمت الدولة السورية على حظر استيراد الصناعات اللبنانية في حين أصدر وزير الزراعة اللبناني قراراً يمنع بموجبه استيراد المنتجات الزراعية من سوريا.
أوضح نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش انه بعد تشنّج الوضع السياسي بين لبنان وسوريا وبعد تفاقم أزمة العملة في سوريا، أقدمت الدولة السورية على منع معظم الاستيراد من لبنان الى سوريا، من دون الحصول على اجازة استيراد مسبقة.
واعتبر بكداش ان هذا الامر مخالف لاتفاقيات التجارة العربية واتفاق التجارة بين لبنان وسوريا، وأسبابه سياسية، بالاضافة الى تأثيرات قيمة العملة. لكنّ انعدام التواصل على صعيد حكومي بين الجانبين السوري واللبناني أدّى الى جعل تلك القرارات تُتخذ على صعيد شخصي من قبل بعض الوزراء من الطرفين.
وقال للصحيفة "الجمهورية " اللبنانية ان الصناعات اللبنانية تضرّرت جراء هذا القرار بعد ان كانت ارقام التصدير من لبنان الى سوريا مرتفعة جدّاً قبل بدء الأزمة السورية، لتتراجع قليلا بعد اغلاق بعض المصانع السورية التي كانت تستورد مواد أولية من لبنان، ويصبح التصدير الى سوريا اليوم شبه معدوم بسبب الصعوبات وسياسة «الممانعة».
ودعا بكداش الدولة اللبنانية الى المعاملة بالمثل، وفرض اجازات مسبقة للبضائع السورية التي تُصدّر الى لبنان.
القطاع الزراعي
على صعيد القطاع الزراعي، أكد رئيس تجمع مزارعي البقاع ابراهيم ترشيشي لـ«الجمهورية» ان استيراد المنتجات الزراعية من لبنان الى سوريا متوقف منذ أكثر من عام.
وقال ان قرار وزير الزراعة أكرم شهيب منع الاستيراد الزراعي من سوريا، حسّن وضع المزارعين اللبنانيين وسمح لهم بتصريف انتاجهم في الاسواق المحلية، خصوصا مع تعثر التصدير الى الخارج، إلا ان هذا الاجراء فتح شهية المهرّبين الذين زادت نسبتهم.
واعتبر ترشيشي انه يجب، الى جانب قرار منع الاستيراد، تفعيل الرقابة من قبل الجمارك ووزارة الزراعة التي قامت مؤخراً بمصادرة المنتجات الزراعية المهرّبة وتلفها في اطار مراقبة الأسواق ومكافحة تهريب الخضار والفاكهة وجميع المنتجات الغذائية حماية للانتاج اللبناني وتنفيذاً للقرارات والقوانين المرعية الاجراء.
وأكد ترشيشي ان التعامل مع الجانب السوري لا يجب ان يتسّم بالعدائية، وان قرار منع الاستيراد جاء لحماية الانتاج الوطني لأن المنتجات التي كانت تستورد من سوريا، موجودة في السوق المحلية «وهي لزوم ما لا يلزم»، لافتا الى ان حجم الاستيراد من سوريا كان يبلغ حوالي 100 ألف طن سنوياً، واصبح اليوم معدوماً. كما أشار الى ان نسبة المنتجات الزراعية في الاسواق اللبنانية وصلت الى اكثر من 50 في المئة قبل اصدار قرار منع الاستيراد.
لكن ترشيشي اوضح ان المزارعين مستعدون لاستيراد المنتجات الزراعية التي تفتقدها السوق المحلية، من سوريا كون الافضلية لها دائماً، كما على الجانب السوري الاستيراد أيضا من لبنان عند الحاجة.
مصانع سورية في لبنان
في موازاة ذلك، أكد بكداش وجود مصانع سورية غير شرعية في لبنان من كل القطاعات، تشكّل منافسة للصناعة الوطنية، وأسف لعدم تعاون البلديات والمواطنين مع وزراة الصناعة وجمعية الصناعيين التي طلبت من كافة البلديات والصناعيين الذين يملكون معلومات، التبليغ عن وجود مصانع سورية غير شرعية كي تتحرّك الوزارة في هذا الصدد.
واشار الى انتشار ظاهرة جديدة تتمثل بتسجيل مصانع سورية بأسماء لبنانيين من أجل التغطية، رغم ان الصناعة سورية والعمال سوريون وصاحب المصنع سوري لا يدفع ضرائب وغير مسجل في الضمان. كما لفت الى استحداث «سوق الحميدية» أخيراً في منطقة الرحاب في بيروت، وهو عبارة عن مبنى يجمع صناعات وتجار سوريين، بما يؤشر الى حجم الفوضى القائمة في لبنان.
كذبة دعم التصدير البحري
حول وضع الصادرات الصناعية في لبنان، قال بكداش انها في تراجع مستمرّ بسبب توقف التصدير البري عبر سوريا، وتراجع سعر صرف اليورو الذي أثر سلباً على الصادرات الى اوروبا، وارتفاع كلفة الشحن البحري الى دول الخليج عبر العبارات (roro).
وشرح ان دعم التصدير البحري من قبل الدولة أدّى الى تحايل البعض لرفع أسعار الشاحنات من 4000 دولار الى 6000 دولار، مما دفع المصدرين الى العدول عن الشحن البحري عبر العبارات والاكتفاء بالشحن البحري في الحاويات رغم ان الوسيلة الاولى توصل البضائع بشكل أسرع الى الزبائن مباشرة.
أما المتضرر الاكبر من هذا الموضوع، فهم المزارعون المضطّرون الى التصدير البحري عبر العبارات من أجل المحافظة على منتجاتهم الزراعية، وأكبر دليل على ذلك، وفقا لترشيشي، الكساد في المنتجات الزراعية بأنواعها كافة. وأكد ان دعم الشحن البري عبر عبارات الرورو «كذبة كبيرة» لم يستفد منها المزارع ولا حتّى بنسبة 10 في المئة.
وشرح ترشيشي أن الدعم الحكومي انحصر عبر شركة معيّنة أوكلت لها مهمّة نقل الصادرات اللبنانية، «وأصبحت تحتكر التصدير البحري وتفرض أسعارا غير مقبولة على المصدرين». وقال ان حصر التصدير البحري عبر العبارات بشركة واحدة، منع المنافسة بين شركات الشحن ورفع الاسعار، وذلك بالتواطئ مع أطراف معروفة.