وصف مستشار محافظ ريف دمشق شاكر تونسي القطاع العقاري في سورية بالقطاع المريض، ومنذ زمن بعيد، منحياً باللائمة في ذلك على مجموعة من القوانين القديمة والبالية التي لم تعدل ولم يتم تغييرها بأفضل، لتأتي الأزمة التي تمر بها البلاد فتقوم مافيا المخالفات ببناء ما يزيد على 700 ألف مخالفة لا تحقق أدنى الشروط الفنية والسلامة الإنشائية وذلك بالاتفاق بين التجار وبين الجهات الإدارية التابعة لوزارة الإدارة المحلية. ويشير التونسي إلى أن الخاسر الوحيد كان المواطن الذي وجد نفسه أمام أحد احتمالين: فإما أن يشتري العقار المخالف مع ما فيه من مخاطرة على سلامته وعدم الضمان القانوني له، وإما يستمر في انتظاره عسى أن تحل مشكلة السكن ويحصل على المسكن النظامي مع ما يرافق هذا المسكن من أسعار عالية وعدم تكافؤ الدخل مع ثمنها.
رئيس المكتب الفني في محافظة ريف دمشق المهندس سمير عصفور أكد متابعة مخالفات البناء في مناطق متعددة من ريف دمشق وإحالة المخالفين للقضاء، مشيراً إلى جدية العمل منذ صدور المرسوم 40، حيث تمت إزالة عدد من المخالفات في بعض الوحدات.
وأضاف عصفور: رغم البطء بسبب الظروف الصعبة إلا أن العمل مستمر، مشيراً إلى أنه يسجل يومياً ما بين 10-15 شكوى بين مخالفات بناء ومشاريع وبنى تحتية، هذا عدا عن الشكاوى الكيدية التي تتوزع على الابتزاز والكذب. وبيّن عصفور: بلغ مجموع الشكاوى منذ بداية العام وحتى الآن 1000 شكوى، و19 ألف ضبط خلال أشهر الأزمة، ونولي الأهمية الأولى لمعالجة المخالفات على الأملاك العامة أو الأراضي المستملكة لجهات الدولة المختلفة أو حتى مناطق (المنع) مثل التعديات على الحدائق أو على المخططات.
وعن آلية المتابعة والمعالجة أوضح عصفور أنه بعد تسجيل الشكوى يتم تحويلها مباشرة لمهندسي المناطق، ويتم فوراً إجراء اتصال هاتفي بالوحدة الإدارية كإجراء استباقي لاتخاذ الإجراءات بالسرعة الكلية، وفي الوقت نفسه يتم تسطير كتب وبرقيات بموضوع الشكاوى المقدمة إلى الجهة المعنية وتتم عادة المعالجة بصورة فورية من قبل الوحدات الإدارية. وفي السياق، يقترح عقاريون حلولاً لحل الأزمة الإسكانية لتخفيف وطأة التوجه نحو المخالفات من خلال تطوير الأحياء العشوائية القائمة وإعادة تنظيمها داخل المدن الرئيسية وطرحها أمام القطاع الخاص، ويعتقد العقاريون أن الوضع القائم لكثير من الأحياء العشوائية يضيع معه عدد كبير من الأراضي كان يمكن الاستفادة منها لو أعيد تخطيط هذه الأحياء. لكنهم يؤكدون على أن تتولى إعادة التطوير شركات ذات ملاءة مالية وكفاءة عاليتين لضمان تحقيق النتائج المرجوة. ولنكون منصفين، فإن المحافظات قامت بكتابة الضبوط للمخالفات السكنية وليست لكل تلك المخالفات، وبعض الوحدات قامت بهدم بعض المخالفات فيما اكتفت أخرى بهدم أجزاء بسيطة جداً.
وترى فعاليات عقارية أن أزمة الإسكان التي يعانيها أغلبية المواطنين تتغذى من تجميد المخططات التنظيمية، في الوقت الذي جاء فيه المرسوم 40 ليضع حداً أمام التمدد غير المقبول والاستغلال الفاضح من تجار البناء وبعض الأشخاص الذين استغلوا الأحداث التي تشهدها البلاد بتشييد أبنية مخالفة وطوابق كاملة حتى طاولت أعداد المخالفات السكنية أرقاماً كبيرة، فيما اكتفت الوحدات المحلية بتنظيم بعض الضبوط لشرعنة المخالفات فيما بعد.