لطالما أكدت الحكومة السورية، على لسان مسؤوليها، سعيها الجاد بإعداد رؤية عمرانية متطورة وتقييم وتحديث المخططات التنظيمية للمدن السورية ليعاد تنظيمها عمرانياً وفق رؤية حديثة تليق بها تزامناً مع انتهاء الحرب وبداية مرحلة إعادة الإعمار.
وبناءً على ذلك، صدر المرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012 والذي ينص على إحداث منطقتين تنظيميتين في نطاق محافظة دمشق ضمن المصور العام لمدينة دمشق.
وبدأت محافظة دمشق بالعمل على المنطقة التنظيمية الأولى "ماروتا سيتي" خلف الرازي وبساتين المزة العشوائية منتصف عام 2017، لتليها المنطقة التنظيمية الثانية "باسيليا سيتي"، جنوب المتحلق الجنوبي.
وأكدت مصادر خاصة من مديرية المشروع 66 لـ "بزنس 2 بزنس" أن العقارات في المنطقتين التنظيميتين ستكون الأعلى سعراً في سوریا على المدى المتوسط وطويل الأمد، وذلك بسبب حجم الرفاهية والخدمات المتميزة التي سیتم تأمينها بالإضافة لتميز الأبنية والأبراج في تصاميمها المعمارية الفريدة والمعبرة عن سوریا الجديدة.
ويتراوح سعر المتر المربع ” هواء ” من الأرض حالیاً بین 300 إلى 500 ألف لیرة سوریة حسب موقع أرض المقسم واطلالته وقربه وبعده من المجمعات التجاریة لمنطقتي المزة فیلات شرقیة وتنظیم كفرسوسة، كما أن دراسات الكلف المتوقعة لإنجاز أعمال البناء والاكساء بمواصفات عالیة الجودة “سوبر دیلوكس” تتراوح بین 400 و 500 ألف لیرة سوریة أيضاً.
ومؤخراً، باشرت الشركة الكويتية السورية القابضة تنفيذ مشروعها السكني الأول في سورية "بارك رزيدنس" بمنطقة يعفور في ريف دمشق بأحدث تقنيات التصميم والإكساء، مع تأمين كافة مستلزمات الخدمات والمرافق العامة بأعلى المواصفات.
وفي التفاصيل، فإن كلفة المتر الواحد في شقق المشروع تصل لنحو 830 ألف ليرة سورية حسب سعر الدولار حالياً، وبالتالي فإن سعر الشقة السكنية في المشروع يتجاوز 125 مليون ليرة لأصغر مساحة وهي 150 متراً.
كل هذه الاستثمارات موجهة للطبقة الغنية في سوريا، وأسعارها لا تناسب بشكل من الأشكال ذوي الدخل المحدود الذي يبدو أنهم وعلى غالبيتهم الساحقة في البلاد سيكونون "الفئة المهمشة" في استثمارات مرحلة إعادة الإعمار.
وتعتمد الاستثمارات العقارية الحالية (والتي من المفترض أنها تأسست لتطوير مناطق المخالفات والسكن العشوائي التي يقيم فيها ذوي الدخل المحدود) على أسلوب الرفاهية والترف في أبنيتها وأبراجها والخدمات المقدمة فيها بمبالغ خيالية بحيث يصبح السكن فيها ضرباً من ضروب الخيال بالنسبة لذوي الدخل المحدود.
فهل ستقيم الحكومة السورية استثمارات عقارية وتجمعات سكنية على غرار ما سبق بحيث تكون مخصصة للطبقة الفقيرة في سوريا؟ أم ستدور عجلة إعادة الإعمار بعيداً عن الفقراء والمعدمين الذين يشكلون غالبية الشعب؟!
يذكر أن مجلس الوزراء قد كلف وزارة الأشغال العامة والإسكان إنجاز مخططات تنظيمية جديدة لمناطق جوبر وبرزة والقابون ومخيم اليرموك، فيما صرح وزير الإدارة المحلية والبيئة حسين مخلوف أنه تم التأكيد على الإسراع بإعداد رؤية عمرانية متطورة وتقييم وتحديث المخططات التنظيمية لمحيط دمشق ليعاد تنظيمها وفق رؤية حديثة تليق بها.