قال الباحث الاقتصادي الدكتور مظهر يوسف أن الاقتصاد السوري لم يعد يتطلع إلى الاشتراكية أو الرأسمالية وإنما المهم بالنسبة إليه هو المصلحة السورية أين توجد ولاسيما أننا جربنا الغرب كثيراً ولم نجن منه إلا العقوبات منذ الثمانينيات وحتى الآن، على حين أن الشرق لم يكن يوماً استعمارياً، وعلى الرغم من أن الدول كروسيا والصين لها مصالح، ولكنها ليست استعمارية ولم تفرض عقوبات ضد دول صديقة ومن ثم ما المانع من التوجه شرقاً، ما دام العالم ليس كله أوروبا وأميركا مع الأخذ بالحسبان أن الحكومات السابقة لم يكن لديها نية حقيقية في هذا التوجه وبقيت تماطل حتى تولي حكومة الدكتور الحلقي الذي تبدو حكومته جادة في التوجه شرقاً.
أكدت مصادر اقتصادية ومصرفية مطلعة للوطن إنه لا معطيات لديها عما ستتخذه الحكومة من خطوات في هذا الإطار خلال الفترة القادمة، مبدية اعتقادها أن هناك توجهاً جديداً بالتركيز على التعاون الاقتصادي الإستراتيجي مع الدول الكبرى الصديقة لسورية، وهي ناحية تم إهمالها خلال الفترات السابقة، لأن التعاون الاقتصادي ونسبة التبادل التجاري من مستوردات وصادرات مع روسيا ودول الاتحاد السوفييتي السابق ضعيفة جداً، وكذلك حال صادراتنا إلى الصين والهند وفنزويلا ودول غرب إفريقيا، وعلى الرغم من أن هذه الدول وأخرى غيرها تتفهم الموقف السوري وتسانده وهي دول كبيرة وغنية وذات ثقل اقتصادي وسياسي، ولذلك يوجب المنطق وهذا الواقع التوجه أكثر والعناية أكثر بتلك الأسواق تصديراً واستيراداً وتعاوناً فنياً واقتصادياً ومالياً.
وتضيف المصادر إن من أهم أشكال هذا التدخل دعم المستوردات الأساسية والضرورية وتمويلها بشكل أوسع من السابق، مشيرة إلى أن ذلك لا يعد -كما يعتقد البعض- عودة إلى الاشتراكية بمعنى النظام المركزي اقتصادياً، بل بمعنى الدور الاجتماعي الإيجابي للدولة، مع الأخذ بالحسبان أن أكثر الدول تدخلاً في الجانب الاجتماعي في عملية التنمية، هي الدول الرأسمالية وليست الاشتراكية بل إن أكثر الدول تدخلاً في تدعيم الجانب الاجتماعي في عملية التنمية هي عتاة الدول الرأسمالية بدءاً من اليابان ومجموعة الدول الاسكندنافية، وصولاً إلى أميركا وألمانيا، وبالتالي فإن فكرة التدخل الاجتماعي الإيجابي للدولة، ليست فكرة اشتراكية بالمعنى الشمولي لها، بل هي فكرة إنسانية وفكرة عدالة وحقوق وديمقراطية، وصولاً إلى أن الدول الرأسمالية هي الأكثر نجاحاً في دعم الجانب الاجتماعي لعملية التنمية.
وتشير المصادر إلى أن الشروط التي تضعها الدول الاشتراكية على تسريح العمال ليست أقسى من تلك التي تضعها الدول الرأسمالية، على الرغم من أن تلك الدول تسمى دولاً اشتراكية، ومن ثم فإن العبرة ليست في التسمية، بل العبرة في الطريقة والآلية التي توضع لحماية الجانب الاجتماعي في عملية التنمية الاقتصادية، وتدعيم هذا الجانب من خلال تأمين المستلزمات الضرورية والأساسية لحياة المواطن مهما كان شكل النظام الاقتصادي المتبع، مضيفاً: إن التوجه شرقاً كما قال نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية هو توجه إستراتيجي بالنسبة لسورية، مع الأخذ بالحسبان قدرة هذه الدول على تأمين جميع متطلبات سورية من هذه الاحتياجات، ولاسيما أن العملية التجارية هذه تعتبر تكملة للعملية السياسية مع الدول المتفهمة لموقف سورية والداعمة له.
وتتابع المصادر الاقتصادية والمصرفية المطلعة بالقول إن المصارف الروسية والسورية يمكن أن تلعب دوراً مهماً في تمويل عمليات الاستيراد والتصدير بين البلدين ولاسيما أن المصارف السورية وقبلها مصرف سورية المركزي أقامت علاقات صداقة متينة مع بعض المصارف الروسية، بل إن بعض المصارف السورية فتحت حسابات لها لدى المصارف الروسية واعتمدتها مراسلين لها، ومن ثم يمكن لمصارف البلدين تأمين التسهيلات الائتمانية لتجار ومستوردي ومصدري البلدين، حتى يتم تمويل الصفقات التجارية وعمليات المبادلات التجارية والسلعية من خلال آلية يتفق عليها أو وفق الطريقة المعتمدة بين المصارف في ظل حصار اقتصادي جائر مفروض على الشعب السوري، وحظر مفروض على تعاملات المصارف السورية بالدولار الأميركي.