لا يزال سعر صرف القطع الأجنبي ولاسيما الدولار منه أمام الليرة السورية، يراوح في هامش ضيق لا يتجاوز ثلاث ليرات سورية ضمن ثمانينيات الليرات السورية، ما يعني أن الآليات الجديدة للتدخل لم تنتج انخفاضاً في هذا السعر.
أوساط مصرفية اعتبرت فيما يتعلق بالحفاظ على استقرار قيمة العملة الوطنية أن الثقة أو عدم الثقة بسياسات وإدارة المصرف المركزي تلعب دوراً في فعالية أو عدم فعالية التدخل الإيجابي لدعم الليرة السورية، ما يفرض تعزيز إعادة هذه الثقة إلى نفوس المتعاملين بالقطع الأجنبي عن طريق وضع سياسات قوية ومستقرة نسبياً، مع إعلان هذه السياسة من مصرف سورية المركزي عبر الإعلام لطمأنة المتعاملين بشكل مقنع وبما لا يدع مجالاً للشك، مع الأخذ بالحسبان أن المشكلة قد لا تكمن في آلية التدخل الإيجابي التي يمارسها المصرف المركزي، بل إن المشكلة والخلل يكمنان في تنفيذ هذه الآلية وأدوات التنفيذ، أي لدى شركات الصرافة وتجار السوق السوداء، وكذلك في الرقابة على التنفيذ من مصرف سورية المركزي، لذلك لابد من تقويم هذا الخلل، حفاظاً على الليرة السورية وقيمتها، وتحقيق أفضل النتائج من التدخل الإيجابي المنفذ.
وحسب المعلومات التي حصلت عليها «الوطن»، فإن جملة من المقترحات الخاصة بهذا الشأن أصبحت على طاولة الحكومة لدراستها، ومن جملة هذه المقترحات بيع القطع الأجنبي لتغطية المستوردات عبر المصارف العامة والخاصة وليس من خلال شركات الصرافة، في ظل ضوابط تنفيذية واضحة ورقابة مشددة، وأن يقتصر دور شركات الصرافة في المساعدة على تحويل الأموال وتنفيذ عمليات التجارة الخارجية عبر طرف ثالث- إن لزم الأمر- مقابل عمولة محددة ومعلنة، بالتوازي مع وضع خطة تدخل سرية مستمرة من مصرف سورية المركزي، يبيع فيها القطع الأجنبي عبر المصارف ولمن يرغب بسعر يقل عن سعر السوق السوداء بنسبة 2-3%، بكميات 4-5 ملايين دولار يومياً، بالنظر إلى أن هذه الكميات تشكل الحاجة الفعلية للسوق، شرط الاستمرار بذلك لفترة زمنية سرية وطويلة نسبياً وفقاً لخطة مدروسة، حيث يتم تغيير سعر البيع يومياً أو ساعياً حسب سعر السوق السوداء، مع التدقيق على مستوى هذا السعر بأن يكون فاعلاً مؤثراً وليس منفعلاً متأثراً، إضافة إلى تشديد الرقابة الفعالة على شركات الصرافة وتجار السوق السوداء، لضمان عدم قيامهم بالمضاربة بالعملة بهدف التأثير في سوق صرف العملات عبر آليات تفاهم إن أمكن ذلك معهم، واللجوء إلى عقوبات رادعة بحقهم إن استلزم الأمر ذلك.
كما تشتمل المقترحات على وجوب تثبيت سعر التدخل الرسمي، بالنظر إلى أن الرفع التدريجي السابق للسعر كان خطأ أعطى انطباعاً بأن قيمة الليرة السورية تتدهور تدريجياً يوماً بعد يوم، بالنظر إلى رفعه كل بضعة أيام بمقدار يتراوح بين 25 إلى 35 قرشاً من مصرف سورية المركزي، إضافة إلى النتائج الإيجابية المحمودة المترتبة على رفع الفائدة المصرفية على الودائع لدى المصارف، دون رفع معدلات الفائدة على الإقراض لأغراض تمويل الأنشطة الإنتاجية والتصديرية والتشغيلية، مع إمكانية أن يتحمل مصرف سورية المركزي الفرق في الأعباء المالية المترتبة بين سعر الفائدة على الإيداع وسعرها على الإقراض، ضمن خطة وسقف مبالغ يحددها المركزي بشكل مسبق لذلك.
إضافة لما سبق، تتضمن المقترحات دعم التصدير والصادرات بتبسيط آلية الدعم وتوسيعها، والإعلان عن ذلك عبر وسائل الإعلام في إطار خطة مدروسة تضعها الجهات المختصة بذلك، إضافة إلى رفع الفوائد على الإيداع بالقطع الأجنبي، وإتاحة المجال أمام الإقراض قصير الأجل بالقطع الأجنبي للأنشطة التي يُسمح لها التعامل بالقطع الأجنبي في ظل القوانين والأنظمة النافذة حالياً، أو خارج هذه القوانين والأنظمة من خلال تشريعات وصكوك تشريعية وقرارات جديدة تستصدر لهذا الغرض، حيث يتم الإقراض بالقطع الأجنبي وتُستوفى الفوائد بالقطع الأجنبي، ويتم تسديد المبالغ المقترضة بالقطع الأجنبي أيضاً، مع الأخذ بالحسبان في حال تطبيق ذلك، وجوب أن تكون الضمانات أعلى من السائد للإقراض بالليرة السورية لتصل إلى نسبة 200% على سبيل المثال، على أن يكون لكل مصرف سلة محددة حيث تغطي إيداعات القطع الأجنبي، التسليفات الممولة منه.