لعل الحديث عن الغاز ما زال الحديث الأقرب إلى السوريين منذ ما يقارب السنة، لجهة التوجس الذي يرافق المواطن من مسألة الغاز، ويبدو أن المشكلة الأساسية لا تعدو مشكلة التوزيع، مع الأخذ بعين الاعتبار ما أشارت إليه بعض الجهات من عدم وجود طوابير لاستبدال الغاز نهائياً منذ فترة ليست بالقليلة، ما يعني بشكل أو بآخر، انحسار أزمة الغاز.
وفي سياق متصل فقد شهدت بعض أحياء دمشق خلال الأسابيع الماضية، عودة بعض سيارات توزيع الغاز التابعة للدولة، من الشاحنات الزرقاء الكبيرة التي تحمل نحو 1000 اسطوانة غاز لاستبدال اسطوانات المواطنين، في خطوة اعتبرها المواطنين –كذلك- دليلاً على انحسار أزمة المادة لتوزيعها بهذا الشكل مع العلم أن سعر الأسطوانة في السوق السوداء وصل إلى 4000 ليرة أحياناً في حين أن ألفي ليرة هو السعر الذي تم تداوله مؤخراً.
المؤسسة العامة للخزن والتسويق باعتبارها واحدة من المؤسستين اللتين توزعان الغاز على المواطنين والموظفين، فقد كانت صاحبة التجربة الأكبر في عملية توزيع اسطوانات الغاز المنزلية على المواطنين، فيما اعتبرته المؤسسة نوعاً من التدخل الايجابي في سوق الغاز.
حيث استحدثت هذه المؤسسة طريقة جديدة لتوزيع الغاز على المواطنين، في وقت عجزت كل المؤسسات المعنية بالغاز في صلب عملها عن إيجاد طريقة تحقق العدالة الاجتماعية في التوزيع ضمن الكميات المتاحة، وفي تصريح خاص للوطن، قالت مصادر المؤسسة: إنها اعتمدت آلية تقوم على استلام اسطوانة المواطن في مركز من مراكز المؤسسة، بموجب بطاقة من المسؤول عن التوزيع تتضمن تاريخ تسليم الاسطوانة إلى جانب اسم المواطن المستفيد، وتمهر بتوقيع الموظف المستلم وختم المركز المعتمد، وتجمع الاسطوانات وترسل بشاحنة من شاحنات المؤسسة إلى مركز توزيع الغاز في عدرا لتستبدل، وتعاد إلى المؤسسة بعد يومين أو ثلاثة.
وتضيف المصادر بأن الاسطوانات توزع على المواطنين المستحقين بحسب تاريخ التسليم، مع الأخذ بعين الاعتبار أولوية استبدال اسطوانة الغاز للأسرة قبل الأفراد، نظراً لأن تأمين اسطوانة الغاز للأسرة يعني تأمينها لما لا يقل عن خمسة أفراد، بعكس الفرد الذي يستفيد وحده منها.
وبحسب مصادر الخزن والتسويق، فإن الاسطوانات التي توزعها المؤسسة تصل إلى ما ينوف بقليل على 1000 اسطوانة غاز يومياً، وهو عدد الاسطوانات التي وافقت مؤسسة توزيع الغاز على تخصيصها بها، مقابل الاسطوانات التي تستبدلها الجهات العامة لموظفيها عبر الخزن والتسويق والتي يصل عددها إلى 300 جهة، بموجب كتب توجهها إلى الخزن، وتطلب تخصيصها بعدد من الاسطوانات في كل شهر، ناهيك عن المواطنين الذين يستبدلون اسطواناتهم عن طريق مؤسسة الخزن.
وعن توزيعها للغاز المنزلي على الرغم من أن عملها الأساسي في المواد الغذائية، قالت المصادر إن الآلية التي عملت عليها الخزن والتسويق من شأنها تفادي التوزيع العشوائي للاسطوانات وتلافي الاستبدال لنفس الشخص أو العائلة أكثر من مرة لأكثر من اسطوانة واحدة خلال الشهر الواحد لأن كل من يحصل على اسطوانة ثانية يكون قد حرم أسرة سورية منها.
وبحسب جريدة " الوطن" فإن المؤسسة تؤمن الغاز وتوزعه عبر مراكزها تطوعاً لخدمة المواطن، ولاسيما أن التوزيع عبر البطاقات بأولوية الأسرة تثبت بدفتر العائلة، تؤمن الغاز لأكبر عدد ممكن من المواطنين، مضيفة: إن توزيع الغاز عبر مراكز الخزن والتسويق يحقق معادلة التدخل الايجابي في كل ما يدخل ضمن احتياجات المواطن اليومية، لكونها تلعب دور الوسيط مجانا في هذه العملية، فهي لا تمتلك اسطوانات غاز خاصة بها لتستبدلها، بل تجمع اسطوانات المواطنين وتستبدلها لهم بقيمها الحقيقية دون أية عمولات عن هذه العملية، ودون أن تضيف أجرة النقل على ثمن الاسطوانة، ودون أن تحتسب أجور عمالها، بل تتحمل هذه التكاليف في إطار الدعم الذي تقدمه الدولة للمواطن لتأمين احتياجاته، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم كفاية الكميات التي تخصص للتوزيع عبر مراكز مؤسسة الخزن والتسويق، حيث تضطر مراكز التوزيع لتحمل الازدحام الشديد خلال استلام الاسطوانات المستبدلة وتوزيعها على مستحقيها، وهو ما يستلزم زيادة الكميات المخصصة لهذه المراكز.