قال الباحث الاقتصادي " عيسى المهنا " إن سوء إدارة صناعة الخبز في سورية والهدر الكبير الناجم عنه، والوافر الممكن تحقيقه مع تصحيح مسارها تؤكد ضرورة إعادة تأميم القطاع العام (وليس الخاص)عبر تجفيف منابع الهدر فيه وإعادة هيكلة الدعم بشكل عام، والخبز بشكل خاص.
وأضاف المهنا: أصبحت سرعة الإجراءات وقطعيتها ضرورة وطنية ملحة ومصلحة اقتصادية عليا لحماية الجغرافيا السورية التي باتت مهددة من بوابة الاقتصاد عبر نافذة سوء إدارة الدعم وتوزيعه، بعدما كان الدعم مرتكزاً للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي وبالتالي السياسي.
وأشار المهنا إلى أن ضرورة قصوى لقرارات ذات بعد وطني تخفف العبء على الخزينة والمواطن، مطالباً بمحاكمة الهيئات الرقابية والتفتيشة على ما فاتها من واجب وطني خلال عقود طويلة والتحقيق معها ومع إداراتها المتعاقبة عن تغاضيها عن ملفات بهذه الخطورة وبهذا الحجم من جهة، ومحاسبتها على تضييقها على الوطنيين والشرفاء، وتهديدها إياهم بالقضاء في حال عدم خضوعهم عبر آلية «متهم تحت الطلب».
وقدم المهنا خطة مقترحة لإعادة توزيع الدعم، مشيراً إلى أنه لتخفيض الطلب على الخبز عن هذا المستوى الشاذ لا بد من رفع سعره بما يحقق التوازن بين طرفي العلاقة، أي حاجة المواطن وقدرة الدولة على التحمل، وبالتالي التقليل من فجوة الهدر وتقليص حصة اقتصاد الظل، ويصبح رفع سعره تدريجياً مصلحة وطنية عليا وصولاً لسعره العالمي مع الإبقاء على آليات دعم «مقترحة» تتضمن تأمين حصة الدعم للمواطن بطريقة مباشرة عبر دفعات نقدية ربعية أو نصفية بآلية البطاقة الذكية أو دفتر العائلة، على أساس أن حصة المواطن السنوية من الخبز «140 كغ فقط» لأن ما يزيد عن ذلك هو هدر، وبالتالي يكون الدعم النقدي 4668 ل.س للفرد في السنة، ويجب أن يترافق هذا مع زيادة حصة المواطن من الرز والسكر المدعوم، ما سيخفف العبء المادي على العائلة وبالتالي إنفاقها الإجمالي.
وأضاف المهنا: في حال صعوبة تنفيذ هذا الإجراء فلا بد من بديل سريع يلامس حياة المواطن وجيبه، وذلك عبر آليتين متلازمتين، الأولى برفع سعر ربطة الخبز إلى 30 ل. س، والثانية بتخفيض سعر دقيقة الخليوي ليرة واحدة، على أن تنتقل أموال الدعم إلى المؤسسة العامة للاتصالات من حصة الخبز، دون أن يؤثر ذلك على علاقة المؤسسة بشركتي الخليوي من ناحية العقود والتزامها بالأسعار، مؤكداً أن هذا الحل يلامس معظم الشرائح الاجتماعية لأن عدد مستخدمي الخليوي في سورية يبلغ 9 ملايين مشترك، أي إن كل 2.4 مواطن يحملون «موبايلاً»، ولما كان وسطي عدد أفراد الأسرة السورية 5.5 مواطنين، فإن عدد الموبايلات في الأسرة السورية هي 2.3 خليوي، وإذا كان وسطي المكالمات اليومية للفرد 7 دقائق، تكون حصة الأسرة من هذا التخفيض 5877 ل.س في السنة، وهذا من شأنه تخفيض حصة الخليوي من إجمالي إنفاق الأسرة السورية والتي بلغت بأقصاها 12.6%، ووسطياً 10%، وهذا من شأنه إعادة انتعاش للقطاعات الأخرى عبر توزيع الإنفاق من جديد، وبالتالي تغير طبيعة الاستهلاك، وهو ما سيعيد شيئاً من التوازن للاقتصاد السوري بعد ما سببه الخليوي من خلل في الحياة اليومية للأسرة.