إن أكثر ما يميز قائمة ترتيب الشركات الاكثر اثارة للإعجاب في العالم ليس تمركز شركات التكنولوجيا في القمة، فتلك القائمة تتميز بنمط أكبر وأكثر قوة إذ ان سبعة من أكبر عشرة شركات ضمنها تتميز بظاهرة الرجل الواحد. فكل من "أبل" و "غوغل" و "أمازون" و "ستاربكس" و "ساوث ويست إيرلاينز" و "بيركشاير هاثاواي" و "فيديكس" هي انعكاس لفرد واحد أو اثنين كما في "غوغل" لا يزال حيًا حتى اليوم، باستثناء "ستيف جوبز" مؤسس "أبل" الذي توفي قبل أقل من 18 شهرًا.
ولا بد من النظر في قائمة ترتيب الشركات الاكثر اثارة للإعجاب الأولى والتي ظهرت قبل 30 عاماً سنة 1983، لمعرفة مدى غرابة الأمر وما هي الأسئلة الكبيرة التي تطرح لمستقبل أي شركة في اقتصاد اليوم. وقد كانت ظاهرة الرجل الواحد واحدة فقط من بين أكبر عشر ظواهر مدرجة وهي شركة "ديجيتال إكويبمنت" تحت إدارة "كين أولسن". أما الشركات الأخرى فقد كانت كلها مؤسسات عريقة وشركات أرستقراطية منها "آي بي أم"و "هيوليت باكارد " و "جونسون آند جونسون" و "ايست مان كوداك" و "ميرك" و "آي تي اند تي" و "جنرال الكتريك" و "جنرال ميلز".
ما سبب هذا التحول الهائل في اقتصاد قائم على المعلومات؟ يمكن لأي شركة الهيمنة على قطاع ما بسرعة لتصل الى القمة في حياة مؤسسها بسرعة أكبر بكثير مما قد يحدث في اقتصاد صناعي. ويمكن ان تتراجع بالسرعة نفسها كما حدث مع "ياهو " و "اي او ال" و "ماي سبايس". ومع أن النجاح في اقتصاد اليوم يبدو متقلبًا ولحظيًا وزائلاً ومن المغري أن نستنتج أن لا شيء يدوم طويلا، إلا أن هذا ليس صحيحاً، فعمر شركتين من أكبر عشر شركات هذا العام هما "كوكا كولا" و "آي بي أم" يزيد عن 100 سنة.
لذا الاستنتاج الأكثر دقة هو أن لا شيء يدوم طويلاً جداً اليوم دون الاهتمام المستمر. ويعد هذا تغييراً كبيراً عما كان عليه الواقع قبل ثلاثين عامًا، ففي اقتصاد صناعي قائم على المنتجات المادية، استمرت الكثير من الأشياء الفعلية لفترة طويلة من تلقاء نفسها، على سبيل المثال، كثير من الناس في شركتك في الوقت الحالي يحملون الآلات الحاسبة "12C- HP" الموجودة في الأسواق منذ 20 أو 30 عاما، والتي تعتبر متينة بالنسبة لآلات اليوم، وتقوم البرامج بالحسابات نفسها مئة مرة أسرع بالرغم من عدم وجودها فعليا، لذلك إذا ما تراجع اي برنامج ولو بفارق كسور ضمن منافسة السوق، يمكن تجاهله بنقرة واحدة.
سيصبح كل شيء في الشركة قديماً بسرعة هائلة إذا لم تتم إدارتها باهتمام شديد، يجب أن تدار المنتجات والخدمات والإستراتيجيات من أجل التغيير بشكل مستمر طوال الوقت، إذا نظرنا الى الشركات القديمة الموجودة على قائمة اليوم وهي "كوك" و"آي بي أم" و "ديزني"، يمكن القول أنها تمتلك أقوى العلامات التجارية في العالم، وجميعها تتمتع بثقافات قوية.
طريقة أخرى للتعلم جيدًا من الشركات الأكثر إثارة للإعجاب، هي توقع أي من افضل عشرة شركات اليوم ستظهر ضمن قائمة الشركات الاكثر اثارة للإعجاب في العالم بعد ثلاثين سنة، أي في العام 2043. طبعاً، الشركات التي تستحق البقاء هي شركة "كوك" بسبب قوة العلامة التجارية بين الطبقات الوسطى المتنامية في المناخات الحارة؛ و"آي بي أم" لأنها شركة تنمية المهارات القيادية وليست شركة تكنولوجيا المعلومات بالإضافة الى "ديزني"، وذلك بسبب تألق العلامة التجارية والميول الديموغرافية المواتية.
ولا يمكن وضع أي من شركات ظاهرة الرجل الواحد ضمن قائمة 2043، فظاهرة الرجل الواحد الوحيدة في تصنيفات 1983 هي شركة "ديجيتال إكويبمنت"، وهي الوحيدة التي لم تعد موجودة اليوم بشكل أو بآخر، ومن المؤكد ان بعض نجوم اليوم قد تصبح مؤسسات كبرى لتشكل الطبقة الأرستقراطية الجديدة.