أكد الخبير المصرفي والمالي الدكتور نيكولا شيخاني أنّ آمال حل الأزمة المالية اللبنانية من دون أيّ اقتطاع من الودائع Haircut ما زال قائمًا، ويشير في حديث لفوربس الشرق الأوسط إلى أنّ الوقت يداهمنا ويجب الاستعجال في تشكيل حكومة ذات صلاحيات استثنائية لإطلاق عمليّة الانقاذ.
وبالعودة إلى إنفجار مرفأ بيروت.. السؤال الآن ماذا بعد الانفجار وكم تبلغ الكلفة الإضافية التي سيتحمّلها دافع الضرائب اللبناني جرّاء إهمال المسؤولين وتقاعسهم عن حماية أمنه، بعدما ضربوا أمنه المالي والاقتصادي بسبب الفساد، وأدخلوا البلاد في دوامة ديون وانهيار اقتصادي وتدهور سعر الصرف وإفقار للطبقات المتوسّطة؟
هذه الأسئلة كانت موضوع حوار فوربس الشرق الأوسط مع الخبير المالي والمصرفي الدكتور نيكولا شيخاني، الذي أعدّ ورقة حل للتفاوض مع صندوق النقد الدولي كانت قد لاقت شبه إجماع من الأطراف المتناحرة على تفاصيل الخطّة الماليّة وخطط الإصلاح المطلوبة لحل أزمة المودعين في المصارف.
حل الأزمة المالية ما زال متاحا لكنّ الوقت يداهمنا
قال شيخاني (وهو خريج جامعة Harvard): الورقة التي قدمناها ترضي جميع الأطراف، وهي تشكّل حلاً وسطًا بين خطة شركة "لازارد" التي تبنتها الحكومة وأطلقت المفاوضات على أساسها مع صندوق النقد، وخطّة جمعية المصارف المقابلة التي لم تكن راضية عن ورقة "لازارد".
وأضاف: حاولت في الخطة المشتركة مع LIBANK إيجاد مشروع متكامل يناسب كلّ الأطراف من الدولة إلى مصرف لبنان والمصارف، تضمن في الوقت نفسه حقوق المودعين في البنوك وتجنّبهم عملية الاقتطاع من ودائعهم. وهدفت الخطة إلى المحافظة على الثقة بالقطاع المصرفي والمالي اللبناني وتوزيع الخسائر بشكل عادل بين جميع الأطراف بحسب مسؤوليته في الأزمة، وقد لقيت استحسانًا من مختلف المعنيين، وكنا نتفاوض على أساسها مع وزارة الماليّة، لكن للأسف لم نتمكّن من إقرار الخطّة النهائية بسبب انفجار مرفأ بيروت واستقالة الحكومة. لكنني أقول اليوم إنّ الخطة موجودة وهي تفتح الطريق أمام مسيرة الحل.
توقعات ما بعد الانفجار الاقتصادية والماليّة
يرى شيخاني أنّ تدفّق المساعدات من الخارج تساعد في المدى المنظور فقط على استقرار سعر صرف الليرة عند مستويات دون 8000 ليرة للدولار، لكنّ هذا الأمر لن يدوم طويلا ولا يشكّل حلا دائما في ظل دين عام توازي قيمته الاجماليّة نحو 95 مليار دولار، سيضاف إليها نحو 15 مليار دولار خسائر الانفجار الذي دمّر مرفأ بيروت ومحيطه، والذي يعتبر من أكبر تفجيرات العالم.
وتابع: بالأرقام الخسائر طالت نحو 40% من منازل بيروت، حيث تعرّضت عشرات آلاف المنازل لأضرار وأكثر من 25 ألف شركة، وتدمير المرفأ الذي يشكّل نحو 70% من تجارة لبنان مع الخارج، هذا عدا عن مقتل اكثر من 170 شخصًا فيما لا يزال نحو 40 مفقودًا تحت الأنقاض، عدا عن ستة آلاف جريح ومصاب.
وأضاف شيخاني: الخسائر التي خلّفها الانفجار ضخمة جدًا على الاقتصاد وعلى اللبنانيين وتقييمها الكامل يحتاج الى فترة طويلة لكنّها من دون شك ستتراوح بين 10 و15 مليار دولار، وهذا سيدفع الناتج المحلي الإجمالي للتراجع أكثر. أذكر هنا أنّ الخطّة الحكوميّة كانت حدّدت الناتج عند 26 مليار دولار، لكن دراستنا أظهرت قبل كارثة الانفجار أنّه سيتراوح بين 30 و35 مليار دولار، وبعد الكارثة سيتراجع برأيي الى 25 مليار دولار... وقد يتخطّى الدين إلى الناتج المحلّي نسبة 300% بعد احتساب خسائر الكارثة الى أرقام الدين العام وهي نسبة لم تصلها أي دولة في العالم عبر التاريخ. ولذلك فإنّ المساعدات التي توازي قيمتها 250 مليون دولار ليست كافية.
هل الخطة ما زالت صالحة بعد الانفجار؟ وما هو مصير المفاوضات مع صندوق النقد؟
يجيب شيخاني: الخطة التي أعددناها صالحة مهما ارتفع رقم الخسائر بسبب تفجير المرفأ.. قبل ذلك اضاعوا شهرين في الخلافات حول تحديد رقم الخسائر علما أنّ الرقم النهائي ليس هو المشكلة بل البدء بالسير في خطة الحل.
لا يمكنني القول أنّه سيتم تبنّي الخطة بالكامل بل نحو 80% منها.. وكان هناك شبه توافق لكن أحدا لم يتخذ قرارا للسير به. ولفت إلى أنّ الصندوق السيادي الذي يقترحه يحافظ على ممتلكات الدولة اللبنانية ويستخدم مردود استثمارها فقط، وهذه إحدى نقاط القوّة في الخطّة، وتستعيد الدولة ممتلكاتها بعد خمس سنوات.
المصدر: فوربس الشرق الأوسط| الصورة: وكالة الأنباء الفرنسية