اجتاحت حالة من عدم اليقين دول العالم في ظل التوتر الروسي الأوكراني ، الأمر الذي ينتقل إلى الأسواق المالية ويؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع.
في حين قد يعتقد البعض التأثير سيكون محصوراً في أوروبا فقط ، لكن من المحتمل أن يكون التأثير على العالم أجمع، خاصًة أن أوكرانيا تُصدر عددًا من السلع الزراعية الأساسية إلى الكثير من الدول حول العالم، الأمر الذي قد يرفع مصاريف أغلب الأسر في هذه الدول.
هذا وكانت أوكرانيا قد صعدت إلى المراتب الأولى في صادرات الحبوب على مدار العقد الماضي، في حين كان هدفها احتلال المرتبة الثالثة في القمح والرابعة في الذرة.
وفي الآونة الأخيرة، توجه أكثر من 40% من شحنات الذرة والقمح السنوية لأوكرانيا إلى الشرق الأوسط أو إفريقيا.
وبحسب رويترز، فإن مخاوف عدم الاستقرار في العملة الأوكرانية هي التي قد تؤثر على صادرات المحاصيل ، بالتزامن موجات الجفاف التاريخية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا العام الماضي التي أدت إلى تفاقم الاحتياجات من الحبوب مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية المحلية والمخاوف المستمرة بشأن النقص.
وتعتبر صادرات الحبوب هي حجر الزاوية في الاقتصاد الأوكراني، وبحسب رويترز، ومن المتوقع أن تصدر البلاد هذا العام أكثر من ثلاثة أرباع محصولها المحلي من الذرة والقمح ، حيث تزداد أهمية أوكرانيا بالنسبة للبذور الزيتية لأنها تمثل نصف صادرات زيت عباد الشمس في العالم، وهي المصدر الثالث لبذور اللفت.
وفي هذا العام، من المتوقع أن تمثل أوكرانيا 12% من صادرات القمح العالمية، و16% للذرة، و18% للشعير، و19% لبذور اللفت.
عملات !!
وفي حين بدأت عملة أوكرانيا "الهريفنيا" في الانخفاض مقابل الدولار في أوائل عام 2014 ، فقد وصل هذا التخفيض إلى ذروته بسرعة في أوائل عام 2015، وظل الضعف في الهريفنيا عند أكثر من ثلاثة أضعاف مستويات ما قبل عام 2014 منذ ذلك الحين ، و عادة ما يؤدي ضعف العملة إلى تعزيز الصادرات، إلا أنه أدى أيضًا إلى زيادة تكاليف المدخلات الزراعية، والتي يتم استيراد الكثير منها.
وقام بعض المنتجين في عام 2015 بتقليل مشترياتهم من المدخلات الزراعية عالية الجودة، واستخدموا عددًا أقل من المواد الكيميائية لتوفير النفقات.
لكن النتائج كانت إيجابية في الغالب، حيث ارتفعت صادرات الحبوب الأولية في أوكرانيا إلى مستويات قياسية جديدة في كل عام من 2013-14 حتى 2016-2017.
من سيتأثر ؟
وقد أدى الدور المتزايد لأوكرانيا في السوق الزراعية العالمية إلى جذب الكثير من الاستثمار الأجنبي إلى البلاد، مما أدى إلى زيادة المحاصيل الزراعية ، ومع ذلك، فقد أشار المزارعون بالفعل إلى مخاوفهم قبل موسم الذرة 2022 بشأن التأثير السلبي المحتمل لارتفاع أسعار الوقود.
إذ قال أليكس سميث، المحلل الزراعي في معهد Breakthrough لصحيفة Washington Post، إن التهديدات لصادرات القمح الأوكرانية تشكل أكبر خطر على الأمن الغذائي العالمي ، مشيراً إلى أنه في عام 2020، جاء نصف القمح المستهلك في لبنان من أوكرانيا، وتستورد اليمن وليبيا على التوالي 22% و43% من إجمالي استهلاكهما من القمح من أوكرانيا ، وفي عام 2020، صدرت أوكرانيا أيضًا أكثر من 20% من القمح لـ ماليزيا وإندونيسيا وبنغلاديش.
كما تُعد مصر مشتر رئيسي للقمح الأوكراني، لذلك فإن ارتفاع الأسعار المحتمل للقمح الأوكراني قد ينعكس سلبًا على مصر، خاصًة مع سعى الحكومة المصرية لرفع الدعم عن الخبز ، وأضاف سميث إلى أنه إذا حدث هجوم على أوكرانيا، قد يؤدي ذلك إلى استيلاء روسي على الأرض، مما فقد يؤدي لانخفاض إنتاج القمح وسط فرار المزارعين وتدمير البنية التحتية.
من ناحية أخرى، صدرت أوكرانيا أكثر من 8 ملايين طن من الذرة إلى الصين في عام 2020، وهو ما يزيد قليلاً عن ربع إجمالي صادرات الذرة الأوكرانية في ذلك العام، وفقًا لوزارة الزراعة الأميركية.
لذلك قد يؤدي نقص الذرة الأوكراني إلى قيام الصين بشراء الذرة من الولايات المتحدة الأميركية.
في حين قالت رئيس RBC لاستراتيجية السلع العالمية هيلما كروفت لـ CNBC، أنه إذ اشتد الصراع فإن النفط سيتجاوز 100 دولار للبرميل، وسنشعر بذلك بالتأكيد في سوق الغاز الأوروبية، وسنشعر به في سوق القمح، وسنشعر به عبر مجموعة متنوعة من الأسواق".
وأشارت كروفت إلى أن روسيا هي أكبر مصدر للقمح في العالم، وتمثل مع أوكرانيا ما يقرب من 29% من سوق تصدير القمح العالمي.
وأضافت كروفت "نحن نعتقد أن الأمر يصبح مؤلمًا في أسعار الغذاء والطاقة، لأن ذلك سيؤدي إلى مزيد من التضخم في بيئة تضخمية بالفعل".
وقال بيتر ماير، رئيس قسم تحليل الحبوب في S&P Global Platts لصحيفة Washington Post، إن القلق على المدى القصير هو ما إذا كانت روسيا ستحاول فرض "سيطرة" على الاقتصاد الأوكراني من خلال حظر صادرات البحر الأسود، والأسئلة حول ما إذا كان المزارعون قد يتخلون عن حقولهم من أجل "القتال" شكوكًا حول محصول الذرة في أوكرانيا لعام 2022 والذي يجب زراعته في الأشهر القليلة المقبلة.
وأضاف مادير بأنه قد يكون التأثير على المستهلكين العالميين أسوأ بكثير إذا سعى الروس إلى اتخاذ خطوات، بما في ذلك زيادة الرسوم الجمركية على الصادرات، لتجميع إنتاجهم من القمح لضمان الأمن الغذائي خلال أي حرب محتملة.
Cnbc عربي