خاص B2B-SY
خلال الفترة الأخيرة، شهدت الأسواق في سوريا حالة غير مسبوقة من الركود وانخفاض مستويات الأجور مقارنة بمتطلبات المعيشة وارتفاع الأسعار، وهذا ما يدفع السوريين إلى البحث عن فرص عمل تتناسب مع الواقع المعيشي في البلاد بحيث يوفر لهم ولأسرهم الاحتياجات الأساسية، لكن فرص العمل الجيدة في سوريا باتت شبه مستحيلة.
ومؤخراً بيّن موقع "هاشتاغ " المحلي، أن نسبة البطالة في سوريا خلال سنوات الحرب الأولى ارتفعت إلى مستويات قياسية وصلت 48.5 بالمئة عام 2015 لتنخفض بعدها، لكن مع بقاءها عالية تزيد على 31 عام 2019 و الرقم الوحيد الذي حصلنا عليه من المكتب المركزي للإحصاء أن النسبة حاليا تزيد قليلا على 21 بالمئة بعد تواصلنا معه لمعرفة تركيبة هذه النسبة حسب مستويات التعليم لكن لم نحصل على الأرقام.
أما صحيفة "البعث" المحلية، فقد نشرت قبل نحو شهر، تقرير تقول فيه، أن نسبة البطالة في سوريا ارتفعت من 8 بالمئة في عام 2011، إلى 56 بالمئة في عام 2013، وبالرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية لنسب البطالة خلال السنتين الأخيرتين لكنها بكل تأكيد تفوق الـ 60 بالمئة بحسب آراء عدد من المختصين خصوصا بين الخريجين في الجامعات والمعاهد التقانية، مؤكدين أن العاطلين عن العمل هم من خيرة الكفاءات والخبرات القادرة على إيجاد المخارج والحلول لمشاكلنا والسير وإن كان ببطء نحو تحقيق الأهداف.
وأشار موقع “هاشتاغ” المحلي في تقريره إلى أن “أصحاب المهن والحرف في وضع أفضل نسبيا مقارنة بالعاملين بدخل ثابت في القطاعين العام والخاص رغم أن عملهم يتسم بعدم الاستقرار ما يجعلهم عرضة للبقاء من دون عمل لفترات طويلة و هذا ما يدفعهم لرفع أجورهم”.
محمود الذي يعمل في مجال تمديدات الكهرباء أفاد للموقع المحلي إنه قد يبقى لأيام طويلة بلا عمل بسبب قلة الطلب على التمديدات الجديدة أو حتى التحسينات الكهربائية في المنازل والمنشآت إلا في الحالات الطارئة نظرا للظروف الاقتصادية التي يعاني منها الجميع.
وأضاف الموقع المحلي، “وهذا حال أبو نضال “سمكري” حيث أشار إلى أن عمله يتعلق بإصلاح الأعطال الطارئة بسبب عدم وجود ورش إنشائية حاليا، لكنه أكد عدم قبوله لأي عمل بأجر ثابت بسبب عدم الاستقرار في الأسعار واستغلال أصحاب العمل لعمالهم ورفضهم لرفع الأجور رغم رفعهم لأسعار منتجاتهم وخدماتهم”.
ولعل الخاسر الأكبر خلال الظروف الحالية هم حملة الشهادات الجامعية والعليا وحتى المعاهد، حيث يقول خالد الحاصل على شهادة جامعية في الهندسة إنه نادم على السنوات التي قضاها في دراسته، فهو مجبر الآن على العمل في وظيفة لا يحقق دخلها الثابت أدنى متطلبات حاجاته الشخصية فكيف الحال إذا ما أقدم على مشروع الزواج؟
وأضاف، أن وقته مستهلك تماماً في العمل، لأنه اضطر للالتزام بعمل في شركة مقاولات بأجر ٤٠٠ ألف ليرة شهريا، إلا أنها غير كافية أيضاً لأنه يدفع ٣٠٠٠ ليرة وسطيا للتنقل بين عمله في دمشق ومنزل ذويه في معربا، وساعات العمل الطويلة من ٩ صباحا حتى الخامسة مساء تتطلب وجبة طعام.
وفي هذا الصدد، تحدث الخبير الإداري، إياس الحمدان لـ “هاشتاغ” عن أسباب تفشي البطالة في سوريا. وقال إنه من خلال تحليل سوق العمل وهيكله نجد أن أصحاب العمل يواجهون صعوبات في تأمين كوادر جديدة، حيث يوجد نقص في الخبرة العملية خاصة في القطاع التقني السائد إقليميا وعالميا، خاصة بعد ظهور مفاهيم إدارية جديدة مثل “إنترنت الأشياء” و “البلوك تشين” والذكاء الاصطناعي، بالرغم من وجود بعض التخصصات التقنية، إلا أنها تعاني من نقص الخبرة العملية.
فضلا عن ظروف الحرب السورية التي أدت إلى هجرة العديد من الخبرات والظروف الاجتماعية المتعلقة بطبيعة عمل المرأة في حالات الزواج.
وقدم الحمدان عدد من المقترحات لضبط سوق العمل وزيادة كفاءة قواه مثل القيام بوضع برامج تدريب طويلة الأمد من شأنها تعزيز المهارات الأساسية و”الناعمة”، والاهتمام بوضع خطط تدريب في قطاع السياحة والفندقة والمطاعم لأنه قطاع مهم للدخل القومي لكنه مهمل ربما بسبب الأزمة.
إضافة إلى قطاعات التجميل والمقاولات وغيرها التي تحتاج إلى برامج تأهيل متخصصة لزيادة كفاءة العاملين فيه وقدرتهم على تلبية متطلبات سوق العمل بدلا من الاعتماد على الوراثة أو اكتساب الخبرات من دون أسس علمية، إضافة إلى الاهتمام بالبرمجيات والتقنيات واللغات حيث باتت معظم الأعمال تعتمد عليها حالياً