خاص B2B-SY
أحدثت الحرب في أوكرانيا صدمة كبيرة لأسواق السلع الأولية، حيث أدت إلى تغيير أنماط التجارة والإنتاج والاستهلاك العالمية بطرق يمكن أن تُبقي الأسعار عند مستويات مرتفعة تاريخياً حتى نهاية عام 2024. جاء ذلك في أحدث إصدار من نشرة “آفاق أسواق السلع الأولية” التي يصدرها البنك الدولي.
ومن المتوقع أن ترتفع أسعار الطاقة أكثر من 50% في 2022، وأن ترتفع أسعار السلع الأولية غير المتصلة بالطاقة، بما في ذلك السلع الزراعية والمعادن، بنسبة 20% تقريباً في عام 2022، لكنها ستتراجع أيضاً في السنوات التالية. ومع ذلك، من المتوقع أن تظل أسعار السلع الأولية أعلى بكثير من متوسطها خلال فترة الخمس سنوات الأخيرة.
وبحسب خبراء البنك الدولي، فإن الأرقام الحقيقية تبين أنها أعلى بكثير مما كان متوقعا، حيث أن روسيا وأوكرانيا تعتبران مصدرين عالميين رئيسيين للوقود الأحفوري والأسمدة والحبوب والمعادن، وبينوا أن أن سوق السلع الأساسية يشهد ارتفاعا في الأسعار والطلب، على خلفية انتعاش الاقتصاد العالمي بعد أزمة كورونا.
فيما توقعوا أن يبلغ متوسط سعر النفط من ماركة “برنت” هذا العام لمستوى 100 دولار للبرميل، أي أعلى بنسبة 42بالمئة من متوسط السعر في عام 2021، كما أن القمح قد يسجل زيادة بأكثر من 40%، موجهين دعوة لسياسيي العالم إلى حماية الطبقات الفقيرة من ارتفاع الأسعار.
الجدير ذكره أن الأسواق السورية تشهد ارتفاعا كبيرا في أسعار الطاقة، وخاصة الوقود والكهرباء، حيث بلغ ارتفاع أسعار الوقود مستوى غير مسبوق منذ 7 سنوات، بسبب نقص الإمدادات النفطية، والغزو الروسي لأوكرانيا، والعقوبات الغربية.
وبحسب متابعة “بزنس2بزنس” أدى نقص الإمدادات إلى تخفيض نسبة مخصصات المحافظات السورية من مادتي المازوت والبنزين، حيث نسبة تخفيض المازوت والبنزين لوسائل النقل وصلت إلى 25%.
وفيما كان اهتمام العالم ينصبّ على ارتفاع أسعار النفط والغاز بعد غزو روسيا لأوكرانيا، كانت أزمة لا تقل ضراوة تتشكل في الكواليس، وهي أزمة القمح، التي تهدد ملايين الفقراء حول العالم بالمزيد من الجوع والحرمان
وقد هبط إنتاج القمح والشعير بشكل كبير في سوريا خلال العام 2021، حيث نقص إنتاج القمح بنسبة 63% عن إنتاج العام 2020 ليصل إلى 1.05 مليون طن انخفاضا من 2.8 مليون في عام 2020، أما إنتاج الشعير فقد توقف عند حد 10% من معدلات الإنتاج خلال عام 2020.
كما ارتفع سعر بوشل “مكيال للحبوب” القمح في مطلع آذار/مارس الفائت، لأكثر من 5 بالمئة، أي لنحو 935 سنت أميريكي، وهو أعلى سعر تم تسجيله منذ العام 2008، حيث فرضت الحرب في أوكرانيا، ضغوط مضاعفة على أسعار القمح، وأوكرانيا أيضا من أكبر منتجي القمح حول العالم، وتمثل مع روسيا معا، نحو ربع التجارة العالمية لتلك المادة.
ووفقاً لتصريحات الخبراء والمختصين، فإن سوريا ستكون إحدى الدول التي ستتأثر بشدة من ارتفاع أسعار القمح والطاقة المرتقبين بحسب توقعات البنك الدولي، لمعاناتها في الأصل من النقص في هاتين المادتين.
وأعلن وزير التجارة الداخلية، عمرو سالم استمرار وصول التوريدات والسفن من دون تضرر من الحرب الناشبة أخيراً، وأشار في حديث له نهاية فبراير (شباط) الماضي، إلى "استمرار شواطئ سوريا باستقبال سفن القمح بأعداد جيدة، ووجود جدول مستمر بالتوريدات حتى نهاية العام ولا توجد أي مخاوف".
في المقابل كشفت المؤسسة العامة للحبوب عبر مديرها العام، عبد اللطيف الأمين عن البحث مع الجانب الهندي لاستيراد 200 ألف طن من القمح كبديل في ظل تأكيدات حكومية وجود مخزون يصفه مسؤولون بـالكافي، إلا أن الاتجاه إلى الهند يفتح الكثير من التساؤلات والتكهنات حول إيجاد الحكومة بديلاً عن القمح الروسي لأسباب تتعلق بالحرب الأخيرة.