رخت سُبحة المصائب خيطها فكرّت الأزمات على السوريون كرّةً واحدة. كلّ أزمة تعقبها أخرى، وجديد مصائبنا، أزمة مياه بطابع جديد من الشقاء المعيشي يعتلي صهو الأيام الراهنة، وكأنه لم يكن ينقص واقعنا المشرذم هذا إلّا بلّة!
فيما تحوَّلَت أزمة الكهرباء إلى حاضنة "تفقس" منها أزمات متشعّبة، ذلك أن الكهرباء ركيزة تشغيل الآلات والمعدّات ومن بينها مولّدات محطات ضخ المياه. وبالانقطاع شبه التام للكهرباء، وفي ظل عدم توفّر المحروقات، تنقطع المياه عن معظم المناطق السورية، وخصوصاً عن سكان المدن الساحلية.
أهالي قرى الخريبة، وتحديدا تجمع قرى بيت متوج بيت الشيخ علي سريدين، منطقة بانياس وسكان قرية زبرقان التابعة لمنطقة صافيتا، لا زالوا يشتكون من تدهور حالة المياه، وتأخر دورة المياه للوصول إلى منازلهم والتي قد تستغرق 20 يوما، وفي بعض الأحياء لا تتوفر فيها المياه على الإطلاق.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة “تشرين” المحلية، ناشد سكان المدن الساحلية، إيجاد حل لها خصوصا وأن الطلب على المياه يزداد في الصيف، وأن الحالة المادية للأهالي تمنعهم من شراء الصهاريج التي يزيد سعرها عن 20 ألف ليرة للبرميل.
وفي هذا الصدد، أرجع مدير عام مياه طرطوس، عيسى حمدان، أزمة المياه بالانخفاض الكبير في مصادر الطاقة (الكهرباء – المازوت)، ووصول التقنين الكهربائي إلى 20 ساعة يوميا، والذي بدوره انعكس على توفر مياه الشرب فعليا في مناطق وقرى المحافظة.
وأضاف حمدان، أنه نتيجة اعتماد المحافظة بشكل أساسي على مجموعات توليد الطاقة الاحتياطية، أدى بدوره إلى بعض الاختناقات، لا سيما في قرى ريف المحافظة على الرغم من استقرار الواقع المائي في مراكز المدن الرئيسة.
وعن مظالم أهالي منطقة الخريبة، قال حمدان إن قرى بيت متوج، بيت الشيخ علي، سريدين، بيت السخي، الواقعة في منطقة بانياس تستفيد من مشروع البيضة، الذي يُعد من المشاريع الهامة في المنطقة.
ويتكون المشروع من ثلاث محطات ضخ، وبحكم الواقع الحالي لمصادر الطاقة، فإن الشركة قامت بعدد من الخطوات لمعالجة الموضوع، منها استبدال مجموعة التوليد في محطة البيضة الثانية، بأخرى ذات قدرة أعلى ويمكنها تلبية جميع الاحتياجات الكهربائية والمياه في القرى التابعة للمدن الساحلية.
وأوضح حمدان، أن البئر تم بناؤه وفق دراسة أعدتها مديرية الموارد المائية، حيث تم من خلالها تحديد أكثر النقاط المائية الواعدة باستخراج المياه، ويأتي ذلك بعد شكاوى الأهالي على موقع البئر، لأنه قريب من مقبرة القرية، بالإضافة إلى ذلك، وقبل إنفاق الأموال على البئر واستخدامها، من المهم التأكد من سلامتها وامتثالها للمعايير الصحية.
كما أصبح أمر بيع المياه بالصهاريج تجارة "رائجة" في الكثير من المحافظات والمدن السورية، ويمكن القول إنها أصبحت نشاطا موسميا، يزدهر سوقها في فصول الصيف الذي يزيد فيها استهلاك المياه ويرجع ذلك نتيجة لأزمة المياه والتقنين الذي يصل لأيام في أغلب المناطق.
ومنذ أيام نقلت صحيفة الوطن المحلية شكاوى من جرمانا في ريف دمشق،حيث قال مجموعة من الأهالي، إنهم يضطرون لشراء المياه بالصهاريج كأغلبية أبناء الحي الذي يقطنونه، حيث يصل سعر الصهريج الذي يحتوي على خمسة براميل إلى 30 ألف ليرة وذلك بذريعة أن صاحب الصهريج يشتري ليتر المازوت بسبعة آلاف ليرة من السوق السوداء.
وأضافوا: "علماً أن تزويد المدينة بالمياه يقتصر على يوم واحد فقط مقابل ثلاثة أيام قطع، ولكن انقطاعات الكهرباء لا تسمح لنا بتعبئة الخزان بشكل كامل في يوم الوصل، لذا فإننا نضطر إلى شراء هذه الصهاريج إلى جانب تشغيل المولدات إن توافرت طبعاً والتي تحتاج للقيام بالمهمة إلى ليتر بنزين واحد في حال كان ضخ المياه قوياً، علماً أن سعر الليتر بالسوق السوداء يتجاوز الـ5 آلاف ليرة وأحياناً أكثر".